تمر اليوم الذكرى الثالثة والخمسون على رحيل الفنان الكبير، الذي يعتبر من أبرز أعلام الكوميديا في تاريخ الفن العربي والمصري، ترك إرثًا فنيًا ما زال حاضرًا في ذاكرة الجماهير، ورغم مشواره الحافل بالنجاحات والضحك، فإن حياته لم تخلُ من المعاناة والخذلان، خاصة في سنواته الأخيرة.

اقرأ كمان: ماجد المصري يعود لشخصية رجب الجريتلي وهيفاء وهبي تغني له في دبي
نشأة إسماعيل ياسين
وُلد الفنان إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر عام 1912م بمدينة السويس، لأسرة ميسورة تعمل في تجارة الذهب، فقد والدته في سن مبكر، ودفعه زواج والده من امرأة أخرى إلى الهرب إلى القاهرة وهو في السابعة عشرة من عمره، هاربًا من ضيق العيش وبحثًا عن فرصة في عالم الفن، واجه ياسين صعوبات عديدة في البداية، حيث قضى لياليه الأولى نائمًا على أرصفة مسجد السيدة زينب، ولم يجد من أقاربه من يدعمه، فكان الفن حلمًا محفوفًا بالألم قبل أن يتحقق.
من مونولوجيست إلى نجم شباك
بدأ أبو ضحكة جنان إسماعيل ياسين مسيرته الفنية كمونولوجيست في فرقة الراقصة الشهيرة بديعة مصابني، حيث اشتهر بخفة ظله وسرعة بديهته، وفي عام 1939م، دخل عالم السينما من خلال فيلم “خلف الحبايب”، لتتوالى بعد ذلك أعماله السينمائية التي بلغت أكثر من 300 عمل.
في الأربعينيات والخمسينيات، لمع نجمه وأصبح اسمه يُوضع في صدارة عناوين الأفلام، في سابقة لم تكن مألوفة آنذاك، مثل “إسماعيل ياسين في الجيش”، و”إسماعيل ياسين في البوليس”، و”إسماعيل ياسين في الأسطول”، امتلك موهبة فريدة في أداء الأدوار الكوميدية بدون إسفاف، مما جعله محبوب الجماهير من مختلف الطبقات.
مواضيع مشابهة: نجل راندا البحيري يشارك منشورًا مؤثرًا بمناسبة عيد ميلاد جده ويصفه بدور الأب
إسماعيل ياسين.
تراجع الأضواء وأيام الألم
مع دخول عقد الستينيات، بدأ نجم إسماعيل ياسين يختفي تدريجيًا، حيث تغيرت أذواق الجمهور، وظهرت موجة جديدة من نجوم السينما، مما أثر على فرصه في العمل، وازدادت أزماته المادية، وواجه مديونيات ثقيلة وضرائب متراكمة، انتهى كل ذلك بالحجز على ممتلكاته.
تعرض أيضًا إسماعيل ياسين لأزمة صحية تسببت في إصابته بشلل مؤقت، غير أن إصراره على العمل لم يتوقف، فشارك في أعمال متفرقة حتى عام 1971م، منها فيلم “نصف مليون جنيه” الذي كان من آخر ظهور له على الشاشة.
وفاة مفاجئة ونهاية هادئة
في 24 مايو عام 1972م، وبعد عودته من رحلة قصيرة إلى الإسكندرية لتحسين حالته النفسية، طلب من ابنه الراحل ياسين إسماعيل ياسين أن يحضر له آيس كريم بالمانجو والفراولة، تناول حلوى الطفولة، ثم دخل غرفته لينام، ولم يستيقظ بعدها، رحل في صمت، دون تكريم أو ضجة، كما عاش في أواخر أيامه.
رحل إسماعيل ياسين، لكن أعماله لا تزال تملأ الشاشات، وتضحك القلوب، وتذكرنا بقوة الكوميديا الراقية التي لا تُنسى، ظلّ اسمه رمزًا لفنّ نظيف، وإبداع خالص، وإنسان عانى بصمت ليصنع البهجة للناس.
اسماعيل ياسين.