تتغير الأوضاع في الساحة السورية بشكل ملحوظ في تعاملها مع الفصائل الفلسطينية، حيث بدأت الحكومة السورية الانتقالية الجديدة تنفيذ حملة مضايقات متزايدة ضد هذه الجماعات، مما أدى إلى مغادرة العديد منها البلاد، وفقًا لما ذكرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية اليوم.

من نفس التصنيف: خبراء دوليون يكشفون عن حقيقة العقوبات الأوروبية المحتملة ضد إسرائيل
تشير الصحيفة إلى أن دمشق كانت مركزًا لعدد من الجماعات الفلسطينية، مثل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، بالإضافة إلى استضافة قيادات من حركة حماس.
الحكومة السورية والجماعات الفلسطينية
في الثالث من مايو الجاري، أفادت تقارير باعتقال السلطات السورية في دمشق لطلال ناجي، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وقبل ذلك بأيام، وتحديدًا في أواخر أبريل، قامت السلطات الجديدة أيضًا باعتقال عدد من أعضاء حركة الجهاد الإسلامي.
تُفسر هذه الخطوات بأنها جزء من سياسة الحكومة الجديدة الرامية إلى كبح نفوذ الجماعات الموالية لإيران، والتي لطالما تلقت دعمًا إيرانيًا بسبب دعمها لنظام الأسد، الذي بدوره دعم تلك الجماعات لسنوات طويلة.
تسعى الحكومة الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، إلى إرسال رسالة واضحة للولايات المتحدة والدول الغربية مفادها أنها جادة في محاربة الجماعات الإرهابية.
في هذا السياق، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض منتصف مايو، بينما تحدث وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، مؤخرًا عن أهمية إشراك سوريا في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
كتب السفير الأمريكي لدى تركيا، توم باراك، الذي يشغل حاليًا منصب المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، في 23 مايو: “إن رفع العقوبات عن سوريا سيحافظ على سلامة هدفنا الأساسي، وهو الهزيمة الدائمة لداعش، كما سيمنح الشعب السوري فرصة لبناء مستقبل أفضل، ومن خلال التعاون مع شركائنا في المنطقة، بما في ذلك تركيا ودول الخليج، سنمكن الحكومة السورية من استعادة السلام والأمن والأمل بالازدهار، وكما قال الرئيس، سنعمل معًا وسننجح معًا”
الحكومة السورية والجماعات الفلسطينية
مصادر فلسطينية ومصادرة ممتلكات القادة
وفقًا لمصادر إعلامية، أفادت مصادر فلسطينية بأن “السلطات السورية الجديدة صادرت ممتلكات عدد من قادة الفصائل الفلسطينية المدعومين من إيران، مما اضطرهم إلى مغادرة دمشق”.
نقلت قناة “فرانس 24” عن مصدر قوله إن “الفصائل سلمت أسلحتها بالكامل داخل مقراتها، وقدّمت للسلطات قوائم بأسماء الأفراد الذين يمتلكون أسلحة فردية”.
وأضاف مصدر آخر: “قمنا بجمع الأسلحة من أعضاء الفصائل وتسليمها، لكننا احتفظنا بالأسلحة الخفيفة الفردية للحماية، وذلك بموافقة السلطات”
أشار التقرير إلى أن مخيم اليرموك الفلسطيني، الواقع جنوب العاصمة دمشق والذي تعرض لدمار واسع خلال الحرب، شهد تغييرات واضحة تمثلت في إزالة اللافتات التي كانت ترفعها الفصائل عند مداخله، وإغلاق مقراتها الحزبية التي باتت خالية من الحراسة، كما قامت السلطات بالاستيلاء على مواقع تدريب ومقرات تابعة لتلك الجماعات.
ووفقًا لما أفاد به مصدران فلسطينيان أبلغا وكالة “فرانس برس”، فإن قادة الفصائل الفلسطينية الموالية لإيران، الذين كانوا على علاقة وثيقة بالنظام السابق برئاسة بشار الأسد، قد غادروا البلاد نتيجة الضغوط التي تمارسها السلطات الجديدة، ومن بين هؤلاء المغادرين، خالد جبريل، نجل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة أحمد جبريل، بالإضافة إلى خالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وزياد الصغير، الأمين العام لحركة فتح الانتفاضة.
تشمل هذه الحملة أيضًا الفصائل المرتبطة بحركة حماس، على الرغم من غياب تفاصيل دقيقة بشأن وضعها، ونقلت “فرانس برس” عن مصدر قوله: “غالبية قادة الفصائل الفلسطينية الذين تلقوا دعمًا من طهران، غادروا دمشق”، ومن المرجح أن تكون وجهة هؤلاء القادة هي لبنان
في شهر أبريل، اعتقلت الأجهزة الأمنية السورية كلاً من خالد خالد، أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وأبو علي ياسر (ياسر الظفري)، رئيس اللجنة التنظيمية لحركة الجهاد الإسلامي في الساحة السورية.
الحكومة السورية والجماعات الفلسطينية
مقال مقترح: بوتين يزيد صادراته العسكرية والذكاء الاصطناعي يشكل مستقبل سباق التسلح
ضغوط في لبنان
في سياق متصل، تواجه الفصائل الفلسطينية المسلحة ضغوطًا مماثلة في لبنان، حيث يُعتقد أن هناك تفاهمًا تم التوصل إليه بين الرئيس اللبناني جوزيف عون والرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارة الأخير إلى بيروت.
أفاد مصدر حكومي لبناني بأن “خطة تنفيذية لسحب السلاح من المخيمات الفلسطينية ستبدأ منتصف يونيو في مخيمات العاصمة بيروت، على أن تُستكمل في باقي المناطق لاحقًا”، وذلك في أعقاب اجتماع للجنة مشتركة أعلن عن تشكيلها الجانبان.
أكد عباس وعون، قبل يومين، التزامهما بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، وقد جاءت تصريحات الرئيسين في ظل الجهود المتزايدة التي تبذلها الحكومة اللبنانية لفرض سيادتها على كامل أراضيها، في وقت تُعد فيه هذه الزيارة هي الأولى لعباس إلى لبنان منذ عام 2017.
وفقًا للإحصائيات الأخيرة، فإن أكثر من 220 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في لبنان في مخيمات مزدحمة وظروف معيشية صعبة، مع منعهم من العمل في العديد من القطاعات المهنية.
أصدر الرئيس عباس والرئيس عون بيانًا مشتركًا أكدا فيه “الالتزام بمبدأ حصر حيازة السلاح بيد الدولة اللبنانية فقط، ووقف كل المظاهر التي تتعارض مع منطق الدولة اللبنانية”، كما شددا على أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه.