المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تبرز كوجهة عالمية واعدة وفقاً للخبراء

شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس توقيع العديد من الاتفاقيات المهمة، مما يعكس تزايد الثقة الدولية في مناخ الاستثمار المصري.

المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تبرز كوجهة عالمية واعدة وفقاً للخبراء
المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تبرز كوجهة عالمية واعدة وفقاً للخبراء

إقامة مناطق صناعية ولوجستية

بعد نجاح الهيئة في توقيع عدد من الاتفاقيات، يدرس الجانب الروسي والألماني إقامة منطقة صناعية متكاملة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على غرار المناطق الصناعية التي أنشأتها الصين والإمارات وروسيا في نفس المنطقة.

إقامة منطقة صناعية ألمانية

صرح حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، بأنه تم الاتفاق على دعم الجهود لإقامة منطقة صناعية ألمانية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وذلك خلال الافتتاح الرسمي للملتقى الاقتصادي العربي الألماني الذي حضرته كاثرينا ريشا، وزيرة الاقتصاد والطاقة الألمانية الجديدة، ونحو 250 شركة ألمانية وعربية، وفقًا لبيان صدر اليوم الثلاثاء.

حيث استعرض الخطيب أبرز التطورات الاقتصادية والتجارية بين مصر وألمانيا، بالإضافة إلى الإصلاحات التي تنفذها الحكومة المصرية في السياسات المالية والنقدية والتجارية، كما عرض بعض القرارات التي اتخذتها الوزارة لزيادة القدرة التنافسية المصرية في مجال التجارة، والعمل على تقليل زمن الإفراج الجمركي.
الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر
وأشار الوزير إلى أبرز الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، والحوافز التي تقدمها الدولة المصرية حاليًا، والمميزات التي سيحصل عليها المستثمر الألماني من عمالة مدربة، واتفاقات تجارية تتيح التصدير إلى العديد من الأسواق المحيطة بمصر، فضلًا عن البنية التحتية الحديثة التي تمتلكها الدولة المصرية.

أهمية الموقع الفريد للمنطقة

علق الدكتور مدحت الشريف، استشاري الاقتصاد والأمن القومي، على إنشاء ألمانيا منطقة صناعية ولوجستية متكاملة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مشيرًا إلى أن الهيئة تتمتع بأهمية بارزة بسبب موقعها الفريد الذي أصبح له تأثير كبير، خاصة بعد ظهور الحروب الاقتصادية في الفترة الأخيرة وإعادة تشكيل النظام العالمي.

وأضاف “الشريف” في تصريحات خاصة لـ “نيوز رووم” أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تخضع لقانون خاص، وهو قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وهو ما يمنح الهيئة مرونة كبيرة، حيث تتواجد جميع الجهات المسؤولة عن التراخيص داخل الهيئة، كما أن رئيس الهيئة مخول له سلطات كاملة في التعاقدات.

موقعها كوجهة اقتصادية واعدة

أكد الخبير الاقتصادي أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تعد من المواقع الاقتصادية الواعدة في العالم، بسبب التغيرات التي تحدث في خطوط الملاحة وسلاسل الإمداد العالمية، مما يستدعي من مصر اغتنام هذه الفرصة، خاصة وأن العالم كله يركز على موقع مصر، وبالأخص منطقة قناة السويس، حيث يسعى الجميع لإنشاء مناطق صناعية ولوجستية في ظل الحروب التجارية الحالية، وخاصة بعد فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على العديد من الدول.

تحولها إلى منطقة جذب عالمية

وأوضح “الشريف” أن القناة قريبة من جميع الأسواق العالمية، وخاصة دول أوروبا، مما يميز موقع مصر بشكل كبير، لافتًا إلى أن قناة السويس أصبحت منطقة جذب للمستثمرين من جميع أنحاء العالم، حيث تقع المناطق الصناعية واللوجستية مباشرة بجوار خط الملاحة، مما يسهل عملية الشحن والتوزيع بشكل سريع.

مشيرًا إلى أن إنشاء الصين وروسيا وألمانيا لمناطق صناعية ولوجستية في المنطقة ليس بجديد، حيث تستحوذ الصين، ممثلة في شركة تيدا، على مساحة 6 كيلومترات مربعة منذ 17 عامًا، وهي شركة مطور صناعي تعدل المصانع وفقًا لاحتياجات الشركات الصينية التي ترغب في الاستثمار في مصر.

أهمية تحقيق سعر عادل

اختتم حديثه قائلاً إن الجميع يدرك الآن قيمة قناة السويس وموقعها المتميز، لذا يجب أن تكون هناك قواعد عامة لتحقيق السعر العادل في الإيجار أو حق الانتفاع بالنسبة للدولة المصرية، كما يجب وضع جدول زمني لمراحل الإنشاء، مع ضرورة التوسع خاصة في شرق قناة السويس، حيث يسمح القانون بتوسيع الحدود الجغرافية في المنطقة، ويعتبر وجود مناطق صناعية ولوجستية لأكثر من دولة في هذه المنطقة خط الدفاع الأول عن هيئة قناة السويس وسيناء، لأن هذه الدول ستكون هي المدافعة عن مصالحها واستثماراتها في المنطقة من أي تحديات.

كما علق الدكتور كريم العمدة، الخبير الاقتصادي، على إقامة ألمانيا منطقة صناعية ولوجستية متكاملة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مؤكدًا أنها تمثل نجاحًا كبيرًا للاقتصاد المصري.

ألمانيا كأكبر اقتصاد في أوروبا

وأضاف “العمدة” في تصريحات خاصة لـ “نيوز رووم” أن ألمانيا تعتبر أكبر اقتصاد في أوروبا، وهي دولة صناعية معروفة عالميًا بجودة الماكينات الألمانية، حيث تنتج العديد من الصناعات الحيوية التي تحتاجها مصر، وتمتلك أعلى التقنيات الحديثة.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه في ظل العلاقات السياسية الجيدة بين البلدين، تسعى ألمانيا للاستفادة من المزايا الكبيرة الموجودة في المنطقة الصناعية بقناة السويس، مثلها مثل الصين وروسيا، مشيرًا إلى أننا سنشهد منطقة صناعية ضخمة، حيث ستتواجد فروع لمصانع ألمانية عملاقة مثل صناعة السيارات وآليات النقل وغيرها من الصناعات الكبرى على الأراضي المصرية، مما يوفر لنا الاستفادة من الخبرات الألمانية.

وأكد “العمدة” أن المستثمرين في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يحصلون على العديد من المميزات، مثل الإعفاءات الضريبية، ودخول المواد الخام والسلع الوسيطة، مما يجعل المنطقة جذابة للمستثمرين.

استعادة قناة السويس لعافيتها

أكد النائب عادل اللمعي، عضو مجلس الشيوخ، أن قناة السويس نجحت في استعادة عافيتها ومكانتها الاستراتيجية كأحد أهم شرايين الملاحة العالمية، رغم التحديات والتوترات الأمنية التي شهدتها منطقة البحر الأحمر مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الخطوات الاستباقية التي اتخذتها الهيئة لتعزيز البنية التحتية وتطوير الخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى رفع كفاءة الإرشاد البحري وتأمين المجرى الملاحي، كانت عوامل ساهمت بشكل مباشر في تحقيق هذه المعدلات الهامة، حيث شهدت تحسنًا ملحوظًا في معدلات الملاحة خلال شهر مارس 2025، مقارنة بإحصائيات شهر يناير من نفس العام، حيث زادت أعداد السفن العابرة بنسبة 2.4%، وارتفعت الحمولات الصافية للسفن بواقع 7.1%.

عودة الحركة الملاحية تدريجيًا

وأضاف “اللمعي” أن زيادة الإيرادات بنسبة 8.8% تعكس بداية قوية لمسار التعافي التدريجي، حيث تتوقع خطة الهيئة عودة تدريجية للحركة الملاحية إلى مسارها الطبيعي، مع معدل نمو سنوي يقدر بـ 10%، مما سيؤدي إلى ارتفاع عدد السفن إلى نحو 18.7 ألف سفينة بحلول عام 2028/2029، موضحًا أن تقديرات صندوق النقد الدولي توقعت إمكانية استعادة القناة لمستوى إيراداتها السابق الذي بلغ 9.4 مليار دولار في عام 2024/2025، بل وتجاوز ذلك لتصل إلى نحو 10 مليار دولار في ذات العام، مشيرًا إلى أن الهيئة العامة اعتمدت أيضًا على تقديرات متحفظة للإيرادات المستقبلية بناءً على الحمولة الصافية المتوقعة، حيث تتوقع أنه في حالة تحسن الوضع الأمني، قد ترتفع الإيرادات تدريجيًا وتصل إلى 10.5 مليار دولار بحلول عام 2028/2029.

رفع الجاهزية التشغيلية للهيئة

وأشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن الهيئة العامة لقناة السويس تعاملت بكفاءة مع الأوضاع المستجدة، ونجحت في رفع جاهزيتها التشغيلية واستيعاب حركة السفن، من خلال خطط استباقية وإجراءات فنية دقيقة عززت من قدرة المجرى الملاحي على مواصلة العمل بكفاءة، لافتًا إلى أن الأرقام الأخيرة تعكس نجاح الهيئة في الحفاظ على معدلات عبور قوية، وهو ما يعكس ثقة المجتمع الملاحي الدولي في القناة كممر آمن وفعّال، رغم التحديات الإقليمية والدولية.

وأوضح النائب عادل اللمعي أن القناة أثبتت قدرتها على تجاوز التحديات وتحقيق إنجازات غير مسبوقة في رفع جاهزيتها وقدرتها الاستيعابية للسفن، مشيرًا إلى أن الإحصائيات الرسمية كشفت عن عدد السفن العابرة لقناة السويس في النصف الأول من العام المالي 2024/2025، والذي بلغ نحو 6,320 سفينة، وبافتراض استمرار هذا الاتجاه خلال النصف الثاني من العام، يُقدّر أن يبلغ العدد السنوي نحو 12,640 سفينة، رغم التوترات الجيوسياسية التي ألحقت خسائر كبرى بالمجرى الملاحي.