شهدت أسعار النفط العالمية تقلبات حادة خلال الأسبوع الماضي، حيث انتهت تداولاتها بخسارة أسبوعية هي الأولى منذ ثلاثة أسابيع، مدفوعة بمجموعة معقدة من العوامل التي أثقلت كاهل السوق، أبرزها توقعات بزيادة الإمدادات من جانب تحالف “أوبك+”، بالإضافة إلى التوترات السياسية والتجارية المتزايدة بين الولايات المتحدة وعدد من شركائها التجاريين.

مقال مقترح: رئيس وزراء كوت ديفوار يستقبل وفد من اتحاد الصناعات المصرية
أداء متباين في نهاية الأسبوع
على الرغم من أن جلسة الجمعة، آخر جلسات الأسبوع، شهدت ارتفاعًا طفيفًا في الأسعار، إلا أن الاتجاه العام للأسبوع جاء سلبيًا، فقد صعدت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 34 سنتًا، أو ما يعادل 0.54%، لتغلق عند 64.78 دولار للبرميل، ومع ذلك، لم تكن هذه المكاسب كافية لتعويض خسارة أسبوعية بلغت حوالي 0.9%.
وفي السياق ذاته، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 33 سنتًا لتصل إلى 61.53 دولار للبرميل، لكنها سجلت تراجعًا أسبوعيًا قدره 0.7%.
ويأتي هذا الأداء المتذبذب قبل عطلة “يوم الذكرى” الأمريكية التي تستمر ثلاثة أيام، والتي تمثل تقليديًا بداية موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة، والذي يرتبط تاريخيًا بارتفاع استهلاك الوقود.
المحادثات النووية بين واشنطن وطهران تلقي بظلالها
في الخلفية، تسود حالة من الترقب الحذر حيال مستقبل المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، بعد جولة جديدة من الاجتماعات بين الجانبين في العاصمة الإيطالية روما، دون تحقيق تقدم ملموس.
ويخشى المتعاملون في سوق الطاقة أن يؤدي فشل هذه المحادثات إلى مزيد من التوتر في منطقة الخليج، مما قد يُهدد بانقطاع إمدادات النفط من أحد أكثر الممرات الاستراتيجية حيوية في العالم، مضيق هرمز.
ونقل محللون عن أوساط السوق أن “المفاوضات لا تبدو إيجابية، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريب، فقد يُفسر ذلك على أنه ضوء أخضر لتحركات عسكرية محتملة من قبل إسرائيل تجاه المنشآت النووية الإيرانية”.
شوف كمان: وزير البترول يؤكد أهمية تصنيع الفوسفات محلياً لزيادة القيمة المضافة بدلاً من تصديره خاماً
رسوم ترامب الجمركية تضيف المزيد من الضغوط
على الصعيد التجاري، أثار إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب – الذي يُعتبر الأوفر حظًا في استطلاعات الرأي لخوض الانتخابات المقبلة – عزيمته فرض رسوم جمركية مباشرة بنسبة 50% على السلع الواردة من الاتحاد الأوروبي بدءًا من 1 يونيو المقبل، حالة من القلق في الأسواق العالمية.
ويخشى المحللون أن تؤدي هذه الإجراءات إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وبالتالي تقليص الطلب على النفط، وهو ما يفسر جزءًا من الضغوط التي تعرضت لها الأسعار خلال الأيام الماضية.
تحركات أوبك+ المرتقبة: زيادة إنتاج أم توازن هش؟
تتجه أنظار المستثمرين حاليًا إلى الاجتماعات المرتقبة لتحالف “أوبك+”، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى جانب حلفائها من خارج المنظمة، وعلى رأسهم روسيا.
ومن المتوقع أن يقر التحالف زيادة جديدة في الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا خلال شهر يوليو، في إطار خطة تدريجية للتخلي عن التخفيضات الطوعية التي أُقرت سابقًا بهدف دعم الأسعار.
وكان التحالف قد رفع بالفعل أهداف الإنتاج بنحو مليون برميل يوميًا على مدار أشهر أبريل ومايو ويونيو، كما تشير تقارير وكالة “رويترز” إلى أن “أوبك+” قد يُلغي ما تبقى من خفض الإنتاج البالغ 2.2 مليون برميل يوميًا بحلول نهاية أكتوبر المقبل، مما يُنذر بتخمة محتملة في المعروض العالمي إذا لم يتواكب ذلك مع نمو مماثل في الطلب.
الطلب الموسمي في أمريكا: بصيص من الدعم؟
من جهة أخرى، يُعوّل بعض المحللين على أن انطلاق موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة قد يُشكل عامل دعم مؤقت للأسعار، مع توقعات بزيادة ملحوظة في الطلب على البنزين.
لكن هؤلاء يحذرون من أن هذا العامل الموسمي لن يكون كافيًا لمعادلة الضغوط المتزايدة الناتجة عن العوامل الجيوسياسية والتجارية، خاصة في ظل تباطؤ اقتصادي عالمي محتمل تقوده أوروبا وآسيا.
تقلبات في الأفق… والسوق يترقب
تتجه سوق النفط إلى مرحلة جديدة من التذبذب، حيث تتجاذبها قوى متعارضة من جهة، وتوقعات بزيادة الإنتاج وتوترات جيوسياسية وتجارية تضغط على الأسعار؛ ومن جهة أخرى، آمال موسمية بزيادة الطلب قد تخفف من حدة الهبوط.
المؤكد أن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاهات سوق النفط، خاصة مع اقتراب موعد اجتماعات أوبك+، والانتخابات الأمريكية، والمصير الغامض للمفاوضات مع إيران.