في ظل مشهد أمني معقد شهدته العاصمة طرابلس خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت الاشتباكات المسلحة في عدة مناطق، مما جعل مئات المصريين المقيمين هناك عالقين بين نيران متبادلة وفوضى ميدانية متزايدة، ومع تفاقم الأوضاع، برز دور الدولة المصرية، ممثلة في وزارة الخارجية والسفارة المصرية في ليبيا، التي تحركت بشكل عاجل ومنسق لإجلاء مواطنيها وضمان عودتهم الآمنة إلى الوطن.

مواضيع مشابهة: حادث انقلاب سيارة ربع نقل في أسيوط يسفر عن إصابة 10 أشخاص
في ظل تزايد المخاطر، جاء التدخل المصري السريع ليؤكد نهج الدولة في حماية أبنائها بالخارج، عبر جهود دبلوماسية وأمنية متكاملة، أسفرت عن تنظيم رحلات عودة منسقة، بدأت بالتنسيق عبر تطبيقات الهواتف، وصولًا إلى مرافقة دبلوماسية وتأمين كامل على طول الطريق من طرابلس إلى مطار مصراته، ومنه إلى مطار القاهرة.
في واحدة من أبرز العمليات من ليبيا، روت مجموعة من الطلاب العائدين تفاصيل الرحلة التي امتدت من العاصمة الليبية إلى مطار مصراته، وسط إجراءات منظمة وتنسيق رفيع المستوى من السفارة المصرية ووزارة الخارجية.
أمان تام من بداية الرحلة.
قال الطالب محمود العشري، أحد العائدين، في تصريحات لـ “نيوز رووم”، إن السفارة المصرية تواصلت معهم فور الإعلان عن أرقام الرحلة عبر مجموعات الدفع الخاصة بالطلاب، مؤكدًا: “كنا في أمان تام من أول ما بدأنا التحرك من طرابلس حتى لحظة صعود الطائرة”
وأضاف محمود أن المستشار أحمد، مساعد السفير المصري في ليبيا، كان في استقبال الطلاب شخصيًا في طرابلس، وظل برفقتهم طوال الطريق إلى مطار مصراته، حيث تعامل معهم باحترام واهتمام بالغين، وهو ما كان له أثر بالغ في طمأنتهم خلال الرحلة.
تأمين عبر “طريق الـ44 بوابة”.
وأشار محمود إلى أن الرحلة، التي استغرقت نحو ثلاث ساعات عبر طريق يُعرف بـ “طريق الـ44 بوابة” لكثرة نقاط التفتيش الأمنية عليه، مرت بسلاسة وهدوء، دون أي توقيف أو تفتيش، مضيفًا: “كنا نمر أمام البوابات وكأننا نحمل رسالة من الدولة: حماية مواطنيها أولاً”
مقال له علاقة: شقيق الخطيب يتلقى العزاء في شقيقته بدار المناسبات في قنا مع صور وفيديو
بعثة من الخارجية ترافق الرحلة.
وأكد الطالب أن وفدًا من وزارة الخارجية المصرية رافقهم خلال الرحلة، حيث بقي جزء منه في ليبيا لمتابعة أوضاع باقي الطلاب، فيما عاد الجزء الآخر إلى القاهرة مع الفوج العائد، في مشهد يعكس جدية تحرك الدولة لحماية أبنائها.
طلاب ما زالوا عالقين.
ورغم نجاح هذه الرحلة، إلا أن عددًا من الطلاب لا يزالون عالقين في ليبيا، لعدم صدور قرارات بقبولهم في الجامعات المصرية حتى الآن، مما يعرضهم لمخاطر أمنية حقيقية، في ظل التوترات السائدة في عدد من المدن الليبية.
تحرك فوري واستجابة سريعة.
قال أحمد الغياتي، طالب بكلية طب الأسنان في جامعة التحدي، لـ “نيوز رووم”، إنه في اليوم الأول من اندلاع الاشتباكات، بادرت وزارة الخارجية المصرية بنشر أرقام للتواصل مع القنصلية للمساعدات الطارئة، وأشار إلى أن التجاوب كان سريعًا بعد إرسال بياناته الشخصية، وعلى رأسها رقم الهاتف وصورة جواز السفر، وقال: “أبلغونا لاحقًا بوجود طريقة لعودتنا إلى مصر، وحددوا لنا نقطة التجمع أمام فندق قرب المدينة القديمة بطرابلس، الساعة السابعة صباحًا”
مرافقة دبلوماسية في الطريق.
وأكمل الغياتى: “وصلت وزملائي إلى نقطة التجمع ووجدنا حافلات مخصصة لنقلنا، ورافقنا في الرحلة نائب السفير المصري ومندوبون من السفارة، مع تأمين دبلوماسي كامل ودوريات مرور، وأضاف: “تحركنا من طرابلس إلى مصراته، لم نواجه أية بوابات تفتيش أو نقاط أمنية تعطلنا، كل شيء كان يسير بسلاسة تامة”
إجراءات ميسرة في مطار مصراته.
وأكد “الغياتى” أنه عند الوصول إلى مطار مصراته، الإجراءات كانت في غاية التنظيم والسرعة، حيث جرى ختم الخروج دون تأخير يذكر، ثم صعد إلى الطائرة التي وصفها بأنها “نظيفة والمعاملة فيها ممتازة جدًا”، حتى لحظة الهبوط في مصر.
نطالب بحقنا في استكمال التعليم داخل مصر.
وفي ختام حديثه، وجه أحمد الغياتي رسالة واضحة إلى الدولة المصرية قائلاً: “نفسنا وزارة التعليم العالي تتخذ قرارًا يسمح لطلاب ليبيا بالالتحاق بالجامعات المصرية، مثلما حدث مع طلاب السودان وروسيا وأوكرانيا.. نحن أولى من الوافدين الذين يدرسون في الجامعات الخاصة والأهلية.. نحن مصريون ونريد استكمال تعليمنا داخل وطننا”
رسالة شكر وامتنان.
كما أعرب الغياتي عن شكره لوزارة الخارجية المصرية ولكل من شارك في تأمين عودتهم، موجها تحية خاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي على اهتمامه ومتابعته للملف، واختتم: “الحمد لله إننا وصلنا مصر بخير”
السفارة تمهد للعودة.
قال الطالب بيشوى عاطف لـ “نيوز رووم”: “الوضع في الحي كان صعب جدًا، وكنا نشعر أن البقاء بات مستحيلاً، خاصة مع اقتراب القصف من المناطق السكنية”
وأضاف أنه في خضم الأزمة، تواصلت السفارة المصرية في ليبيا مع المواطنين العالقين، وأبلغتهم بأنه سيتم ترتيب عودتهم إلى مصر في أقرب فرصة ممكنة، وتابع: “بعد يومين من التواصل، طلبوا منا إرسال صور جوازات السفر عبر تطبيق واتساب، وأبلغونا أن موعد السفر سيكون يوم الجمعة”
ثلاث حافلات إلى مطار مصراته.
وأكد أنه في صباح اليوم المقرر، توفرت ثلاث حافلات أمام نقطة تجمع محددة، تولت نقلنا إلى مطار مصراته في رحلة امتدت لساعات لكنها خلت من أية عراقيل أمنية أو ميدانية، وقال: “كان التنسيق ممتازًا، ولم نواجه أي صعوبات في الطريق، وكل شيء تم بسلاسة تامة”
الشكر والامتنان للسفارة المصرية.
وأضاف أن الطائرة أقلعت من مطار مصراته في اتجاه مطار القاهرة الدولي، حيث انتهت الرحلة بأمان تام، وأشاد “عاطف” بالدور الكبير الذي قامت به السفارة المصرية، التي وصفت بالتعاون الكامل والحرص على التفاصيل.
كما أعرب عن امتنانه لجهود الدولة المصرية في وقت الشدة، وختم كلامه: “بصراحة، السفارة كانت متعاونة جدًا، ولم يقصر أي من العاملين، شعرنا أن هناك من يهتم حقًا بسلامتنا وعودتنا لوطننا”