توفيت الشابة بوسي سامي عيد داخل مركز “أوركيد” الطبي للنساء والولادة بمحافظة الإسماعيلية، في حادثة أثارت استياءً كبيرًا، بعد معاناة طويلة من نزيف مستمر وتأخير في تقديم العلاج اللازم، مما يثير تساؤلات حول مسؤولية الطاقم الطبي وإهمالهم في التعامل مع حالتها.

اقرأ كمان: رئيس الوزراء يراقب تقدم المشروعات في منطقة “الحزام الأخضر” بـ 6 أكتوبر
ثلاث ساعات من الانتظار
وصلت بوسي إلى المركز الطبي في تمام الخامسة صباحًا وهي تعاني من آلام الولادة، وتواصلت الأسرة مع الطبيبة المسؤولة التي طلبت تجهيز العيادة، لكنها لم تحضر إلا بعد ثلاث ساعات، خلال هذه الفترة تفاقم النزيف ولم يتم اتخاذ أي إجراءات عاجلة لإنقاذ حياتها.
ممكن يعجبك: هيئة الإسعاف تستقبل 80 ألف اتصال عبر مركز تلقي البلاغات
دخلت بوسي غرفة العمليات في الساعة الثامنة والنصف صباحًا، واستمرت الجراحة حتى الثانية عشر والنصف ظهرًا، وخلال العملية أُبلغت الأسرة بأن النزيف لا يتوقف وأن هناك احتمالًا لاستئصال الرحم، لكن الأسرة رفضت ذلك، وأُبلغوا بعد ذلك بأن حالتها مستقرة، بينما ظل الغموض يحيط بها، إذ لم يُسمح لأحد برؤيتها، وتعلل الطاقم الطبي بأنها في حالة إفاقة أو تحت تأثير البنج.
الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن الفريق الطبي لم يطلب أكياس دم إلا في الساعة الحادية عشر والنصف صباحًا، مما اضطر الأسرة للبحث عنها في مستشفى جامعة قناة السويس، في مشهد وصف بالفوضوي، مما يثير التساؤلات حول جاهزية المركز الطبي وقدرته على التعامل مع الحالات الطارئة.
الإنعاش القلبي والجثمان المغطى
عند عودة الأسرة في الثانية عشرة والنصف، فوجئوا بطلب إسعاف لنقل الحالة، ووجود الطاقم الطبي يمارس الإنعاش القلبي (CPR) على بوسي، بعدما غُطي وجهها بالكامل، وتم نقلها إلى مستشفى “الإميري” بسيارة إسعاف خاصة، اتضح لاحقًا أنها ليست طوارئ رسمية، بل تابعة لمركز خاص تم الدفع له لنقل الحالة.
والأخطر أن الأسرة لم تسمح لها بمرافقة بوسي، وتم منعهم بالقوة، بل وواجهوا برجال وصفهم شهود عيان بأنهم “بلطجية” لمنع الدخول أو الاعتراض، في تصرفات لا تليق بمؤسسة طبية، وفقًا لروايات الأسرة.
من الإسماعيلية إلى مشرحة المستشفى
وصلت الأسرة إلى مستشفى الإسماعيلية العام (الأميري)، لتبدأ رحلة جديدة من التيه، أنكر طاقم المستشفى استقبال أي حالة طوارئ في ذلك اليوم، كونه “يوم غير مخصص للطوارئ”، بحسب الأمن الإداري، وبعد بحث طويل، عثروا على بوسي داخل المشرحة، وهناك جاءت الصدمة الكبرى، حيث أخبرهم أحد الأطباء أن الوفاة حدثت قبل ساعة ونصف من مغادرتها مركز “أوركيد”، أي أنها كانت متوفاة بالفعل وقت عملية النقل.
ووفقًا للأسرة، وجدت آثار نزيف حاد في الوجه والأنف، إضافة إلى ورم ظاهر في الخد الأيسر، كما تم نقل الجثمان داخل سرير مغطى بغطاء شفاف بالكاد يستر الجثمان، مما أثار غضب الحضور والعاملين بالمشرحة الذين استنكروا المشهد.
بلاغ رسمي
حررت الأسرة محضرًا بالواقعة، وأُحيلت القضية إلى النيابة العامة، لكنهم فوجئوا بتغيير رقم المحضر في محاولة، بحسب قولهم، لإفشال مسار القضية، كما تحدثوا عن ضغوطات ومحاولات طمس للحقائق داخل المركز، في ظل غياب أي تواصل رسمي حقيقي مع المسؤولين عن الواقعة حتى الآن.
بحث الأسرة عن العدالة
أكدت أسرة بوسي سامي أن هدفهم الآن هو العدالة، وكشف كل المسؤولين عن الإهمال الجسيم الذي أودى بحياة ابنتهم، وتقول شقيقتها: “دخلت تولد زي أي واحدة.. وخرجت جثة.. محدش فاهم إيه اللي حصل.. بس إحنا مش هنسكت”.
وفي انتظار تقرير الطب الشرعي النهائي، تظل دموع الأسرة ودعوات العدالة تتردد في أروقة الإسماعيلية، في انتظار أن تتحرك الجهات المعنية لوضع حد لتكرار مثل هذه المآسي.
الضحية بوسي سامي.