في تطور نوعي ضمن الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بدء تنفيذ خطة لإنشاء منطقة أمنية عازلة تمتد على الحدود مع أوكرانيا، هذه الخطوة تحمل رسائل استراتيجية عميقة إلى الداخل الروسي والمجتمع الدولي، كما تؤكد على استمرار موسكو في تثبيت معادلات جديدة للصراع.

ممكن يعجبك: مخاوف من استخدام أسلحة كيميائية في السودان وتأثيراتها على المياه والإجهاض
تحصينات عسكرية وممرات آمنة: هيكل المنطقة العازلة
وخلال اجتماع حكومي رسمي، أوضح بوتين أن القوات الروسية بدأت في اتخاذ إجراءات ميدانية لإنشاء هذه المنطقة العازلة، والتي ستشمل تجهيزات دفاعية متطورة تتضمن وحدات عسكرية دائمة، منظومات للدفاع الجوي، بالإضافة إلى شبكة من التحصينات والخنادق والساتر الترابي، إلى جانب نقاط مراقبة وإنذار مبكر، وتهدف هذه الترتيبات إلى منع أي اختراقات محتملة وتوفير حماية مباشرة للمدن والقرى الواقعة على الخطوط الأمامية.
أهداف مزدوجة: أمن ميداني ورسائل تفاوضية
تتجاوز أهداف المنطقة الأمنية الطابع العسكري، حيث تعتبر موسكو هذا المشروع شاملاً لإعادة تأهيل المناطق الحدودية المتضررة من القصف الأوكراني المستمر، وخاصة في مقاطعتي بيلغورود وكورسك، وحسب محللين روس، فإن المنطقة تمثل ورقة تفاوضية متقدمة تعكس “معادلة مقابل معادلة”، وتسعى لتثبيت المكاسب الجغرافية التي تحققت منذ بداية الحرب، مع تأكيد استعداد موسكو لإدارة مرحلة تفاوضية بشروطها الخاصة.
مقال له علاقة: مهرجان كان يتأثر بانقطاع الكهرباء في جنوب فرنسا
ملامح إعادة تموضع روسي في شرق أوروبا
لا يمكن فصل التحرك الروسي الجديد عن التطورات الأوسع في شرق أوروبا، إذ يُنظر إلى المنطقة العازلة كأداة لموسكو لتعزيز نطاقها الأمني الحيوي، في مواجهة تمدد حلف شمال الأطلسي “الناتو” والدعم الغربي المستمر لكييف، ويأتي هذا في وقت تأخذ فيه الحرب طابعًا استنزافيًا طويل المدى، حيث تسعى كل من روسيا وأوكرانيا لتحسين شروط التفاوض المرتقبة.
انقسام دولي حول الموقف الروسي
يجدر بالذكر أن ردود الفعل الدولية على المشروع الروسي لا تزال متباينة، ففي حين ترى بعض الدول أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا ميدانيًا يهدد فرص الحل السياسي، تعتبرها موسكو حقًا سياديًا في تأمين أراضيها، وتحمّل كييف وحلفاءها مسؤولية تدهور الوضع الأمني على الجبهات الحدودية، ووسط هذا التباين، تتعزز المؤشرات على دخول النزاع في مرحلة ترسيم حدود جديدة أكثر صلابة.