كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن خطة توزيع المساعدات الجديدة في قطاع غزة، التي تُروَّج كمبادرة أمريكية، نشأت في الأسابيع الأولى من الحرب، وتواجه رفضاً واسعاً من منظمات الإغاثة والجهات الأممية.

اقرأ كمان: هجوم قوي يتيح للقوات الروسية السيطرة على ثلاث بلدات في شرق أوكرانيا
تركز الخطة على إسناد مهمة توزيع المساعدات إلى “منظمات خاصة حديثة التأسيس وغامضة”، بدعم مالي من جهات لم يُكشف عنها.
تقويض نفوذ حركة حماس
وبحسب الصحيفة، فإن الخطة تهدف إلى تقويض نفوذ حركة حماس في غزة، وتجاوز الآليات التقليدية المعتمدة من قبل الأمم المتحدة، وتُدار بشكل رئيسي من قبل متعاقدين أمريكيين، يُوصفون بأنهم مستقلون ومحايدون.
تتولى المجموعة المسؤولة عن تنفيذ الجانب الأمني من المشروع شركة “Safe Reach Solutions” التي يديرها فيليب إف. رايلي، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، بينما يشرف على الجانب المالي جيك وود، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية.
بنات أفكار إسرائيل
ورغم نفي السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أن تكون الخطة إسرائيلية بالكامل، أشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين إسرائيليين ومطلعين على المبادرة أكدوا أنها من “بنات أفكار إسرائيل”، وتم اقتراحها خلال اجتماعات سرية بين مسؤولين حكوميين وعسكريين ومستثمرين مقربين من دوائر القرار في تل أبيب أواخر 2023.
وقد أُطلق على المجموعة التي وضعت الخطة اسم “منتدى مكفيه يسرائيل”، في إشارة إلى الكلية التي عُقد فيها الاجتماع التأسيسي، وخلص أعضاء المنتدى إلى ضرورة التعاقد مع شركات خاصة لتولي مهمة توزيع المساعدات، مع تقليص أو إلغاء دور الأمم المتحدة، التي يتهمها الجانب الإسرائيلي بالتحيّز.
شوف كمان: ضابط أمريكي يكشف تفاصيل مكالمة الحسم وكيف وضع بوتين خطة إنهاء الحرب لترامب
معارضة وتحذيرات من الأمم المتحدة
واجهت الخطة معارضة شديدة من مسؤولي الأمم المتحدة، الذين عبّروا عن مخاوفهم من أنها ستُقيّد وصول المساعدات إلى شرائح واسعة من سكان غزة، كما أنها قد تعرّض المدنيين للخطر عبر إجبارهم على عبور مناطق عسكرية للحصول على الغذاء، كما حذر مسؤولون أمميون من أن هذه الآلية قد تُستخدم كغطاء لسياسات تهجير قسري، لا سيما من شمال القطاع.
خطة إسرائيل
وتنص الخطة على إنشاء أربع نقاط توزيع رئيسية في جنوب غزة تحت حماية شركات أمنية خاصة، بينما تتولى مؤسسة Gaza Humanitarian Foundation، التي يرأسها وود، إدارة التمويل، في محاولة لاستبدال النظام الأممي المعمول به حالياً.
وود أن مؤسسته مستقلة عن الحكومة الإسرائيلية، وأنها تسعى لتوسيع عمليات التوزيع لتشمل شمال غزة أيضاً، فإن ارتباطات وثيقة ظهرت بين المؤسسة والشركات الأمنية المنفذة، من بينها تسجيلها من قبل نفس المحامي، واستخدامها لمتحدث إعلامي واحد في مراحلها الأولى.
تعود جذور هذه الخطة إلى نهاية 2023، عندما اجتمع عدد من الضباط والمستشارين الإسرائيليين، بينهم يوتام هاكوهين وليران تانكمان، بدعم من مستثمرين مثل مايكل أيزنبرغ، لتطوير استراتيجية غير عسكرية لتقويض حماس، وقادت هذه الاجتماعات إلى التعاقد مع رايلي، الذي يتمتع بخبرة طويلة في العمليات الأمنية والاستخباراتية، لا سيما في نيكاراغوا وأفغانستان.
وسجّل رايلي وشركاؤه في أواخر 2024 شركتي S.R.S وG.H.F في الولايات المتحدة، وبدأت S.R.S عملها الميداني في غزة مطلع 2025، بإقامة نقاط تفتيش أمنية وتفتيش مركبات فلسطينية خلال فترات وقف إطلاق النار.
تمويل غامض
لا تزال مصادر تمويل هذه المبادرة غير واضحة، إذ رفض وود الإفصاح عن الجهات المانحة، مكتفياً بالقول إن التمويل الأولي جاء من رجال أعمال غير إسرائيليين، لاحقاً، أعلنت المؤسسة أن “دولة أوروبية” تبرعت بأكثر من 100 مليون دولار، دون الكشف عن اسمها.
وتختم نيويورك تايمز تقريرها بالإشارة إلى أن هذه الخطة تُعد بمثابة اختبار أولي لنموذج أمني خاص قد تسعى إسرائيل إلى تعميمه لاحقاً، وسط جدل متزايد حول الأبعاد الإنسانية والسياسية لهذا النموذج، ومدى شفافيته واستقلاليته الفعلية.