الجيش الإسرائيلي يستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية بشكل منهجي وفقًا لأسوشيتد برس

كشفت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، في تقرير استقصائي نُشر السبت، عن اعترافات لجنود إسرائيليين تؤكد أن الفلسطينيين يُستخدمون كدروع بشرية في قطاع غزة والضفة الغربية بشكل “منهجي”، مما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.

الجيش الإسرائيلي يستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية بشكل منهجي وفقًا لأسوشيتد برس
الجيش الإسرائيلي يستخدم الفلسطينيين كدروع بشرية بشكل منهجي وفقًا لأسوشيتد برس

مهمات خطرة بالإجبار

قال الفلسطيني أيمن أبو حمدان (36 عاماً) للوكالة إنه اعتُقل في أغسطس 2023 بعد فصله عن أسرته، وأُجبر على ارتداء زي عسكري وتثبيت كاميرا على جبهته، ثم أُرسل لتفتيش منازل في شمال غزة بحثًا عن أنفاق أو عبوات ناسفة تحت تهديد السلاح.

وأوضح أنه أمضى 17 يومًا في هذه المهمة، حيث كان يُجبر يوميًا على دخول المنازل بينما يقف الجنود خلفه، ليقوموا بعد ذلك بتفجيرها أو تفتيشها، وقال: “ضربوني وقالوا لي: ليس لديك خيار، إما أن تفعل ذلك أو نقتلك”

اعترافات من الداخل: “الأوامر من القادة”

أكد ضابط إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية كان يُنفذ بأوامر مباشرة من القيادات، وأن هذه الأوامر كانت تُطبق بشكل واسع في مختلف الوحدات.

وأضاف أن “كل سرية تقريبًا كانت تستخدم فلسطينياً لتفتيش المواقع”، وهو ما أكده أيضًا جنديان إسرائيليان آخران تحدثا إلى الوكالة، بالإضافة إلى شهادات من منظمة “كسر الصمت” التي تضم جنودًا سابقين.

انتشار واسع.. ومصطلحات خاصة

وفق شهادات الجنود، فإن الممارسة كانت تُعرف داخل الجيش باسم “بروتوكول البعوضة”، فيما كان يُشار إلى المدنيين الفلسطينيين المستخدمين في هذه المهام بأسماء رمزية مثل “الدبابير”.

وقال أحد الضباط إن التعبير الشائع بين الجنود عبر أجهزة اللاسلكي كان: “أحضر أحد الفلسطينيين”، وهي عبارة بات مفهوماً ضمنيًا معناها استخدام الشخص كدرع بشري

اجتماعات تخطيط.. وتجاهل للقانون الدولي

وكشف أحد الضباط عن اجتماع تخطيطي في عام 2024، عرض فيه قائد لواء شريحة مكتوب عليها “أحضر بعوضة”، واقترح اختيار فلسطينيين عشوائيًا من الشوارع لاستخدامهم في العمليات، وأوضح أن تقارير رسمية حول هذه الممارسات تم رفعها إلى القيادات العليا، لكن لم يتلقَ أي رد.

وأكد الجندي ذاته أن وحدته حاولت رفض هذه الأوامر، لكن قيل لهم صراحة “لا داعي للقلق بشأن القانون الإنساني الدولي”.

أشار أحد التقارير إلى مقتل فلسطيني عندما أُطلقت عليه النيران من وحدة إسرائيلية لم تكن تعلم أنه مستخدم كدرع بشري من قبل وحدة أخرى، كما اقترح أحد الضباط تزويد الفلسطينيين المستخدمين بزي عسكري لتجنب استهدافهم بالخطأ.

قال جندي إسرائيلي إن وحدته استخدمت فتى يبلغ 16 عامًا ورجلاً عمره 30 عامًا، وأشار إلى أن الصبي “كان يرتجف باستمرار”، في حين ظل الاثنان يرددان كلمة “رفح” مرارًا، وكأنهما يرجوان إطلاق سراحهما.

دروع بشرية

من جهته، أفاد مسعود أبو سعيد، أحد ضحايا هذه الممارسة، بأنه استُخدم كدرع بشري لمدة أسبوعين في مارس 2024 بخان يونس، حيث أُجبر على دخول المنازل والمستشفيات والأنفاق المشتبه بها، وذكر أنه التقى بأخيه في إحدى العمليات، وكان أيضًا يُستخدم كدرع بشري من قبل وحدة أخرى.

وفي الضفة الغربية، قالت هزار إستيتي إنها أُخذت من منزلها في مخيم جنين في نوفمبر 2023، وأُجبرت على دخول شقق وتصويرها قبل أن تدخلها القوات، رغم مناشدتها السماح لها بالعودة إلى ابنها الرضيع.

الجيش الإسرائيلي ينفي استخدام المدنيين كدروع بشرية

في ردها على تقرير الوكالة، قالت قوات الدفاع الإسرائيلية إنها “تحظر تمامًا استخدام المدنيين كدروع بشرية”، وإنه يتم تذكير الجنود بهذه التعليمات بشكل منتظم، لكنها أشارت إلى أنها تحقق في “عدة حالات”، دون تقديم تفاصيل إضافية أو توضيح نطاق انتشار هذه الممارسة.

قال ناداف فايمان، المدير التنفيذي لمنظمة “كسر الصمت”، إن ما يتم توثيقه “ليس حالات فردية”، بل “جزء من انهيار أخلاقي واسع داخل الجيش الإسرائيلي”.

وأكدت منظمات حقوقية أن إسرائيل سبق أن حُظرت عليها هذه الممارسات بموجب قرار من المحكمة العليا عام 2005، إلا أن الانتهاكات استمرت، وازدادت وتيرتها خلال الحرب الجارية على غزة منذ أكتوبر 2023.