في أجواء قطبية قاسية ومطر متجمد، نفذت قوات من فنلندا والسويد والمملكة المتحدة تدريبات عسكرية مكثفة على الأراضي الفنلندية، في منطقة روفايارفي، التي تُعتبر أكبر ميادين التدريب العسكري في أوروبا، وتقع في أقصى شمال البلاد ضمن إقليم لابلاند القريب من الحدود الروسية.

من نفس التصنيف: مالطا تعلن عزمها الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال شهر في إطار تحرك أوروبي أوسع
تضمنت التدريبات إطلاق قذائف حية من مدافع “آرتشر” السويدية ذاتية الحركة من عيار 155 ملم، بالإضافة إلى عمليات قصف صاروخي نفذتها وحدات بريطانية باستخدام منظومات M270 المتعددة الإطلاق، حيث أصابت أهدافًا على بعد 26 كيلومترًا خلال أقل من دقيقة، في ظل تحليق طائرات مسيّرة لجمع المعلومات.
في مدينة سودانكيلا القريبة، أطلقت مروحيات “أباتشي” البريطانية، التي تم تحديثها مؤخرًا، عشرات الصواريخ من طراز “هيلفاير”، في إطار سيناريو قتالي متقدم يُحاكي مواجهة عدو قريب يمتلك قدرات تقليدية ومتطورة.
التركيز على “الاندماج العملياتي” وليس روسيا فقط
على الرغم من قرب هذه التدريبات من الأراضي الروسية، يؤكد القادة العسكريون أن الهدف الأساسي منها هو تعزيز التنسيق والجاهزية المشتركة بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، دون حصر الاهتمام فقط في التهديد الروسي.
وقال العقيد كيمو روتسالينن، قائد كتيبة المدفعية الفنلندية المشاركة في التدريبات، إن المناورات تهدف إلى رفع مستوى الانسجام بين القوات المتحالفة، موضحًا: “الجميع يدرك أهمية هذا النوع من التدريبات المشتركة، ولا أحد يشكك فيه في الوقت الراهن”، وأضاف: “نحن نعرف من هو الخصم، لكن لا نتعامل مع كل تمرين على أنه مواجهة مباشرة”
انضمام فنلندا والسويد للناتو.. حسابات الردع تتغير
انضمت فنلندا رسميًا إلى الناتو بعد عام واحد من بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، وتبعتها السويد لاحقًا، ما ضاعف طول الحدود البرية بين روسيا والتحالف الأطلسي، وهو ما دفع موسكو لإعادة هيكلة قواتها شمال غرب البلاد وتعزيز منشآتها العسكرية قرب فنلندا وإستونيا.
وترجح الأجهزة الاستخباراتية في الدول الإسكندنافية أن تعود القوات الروسية المتمركزة في الشمال إلى مواقعها الأمامية بمجرد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا، وسط تقديرات بأن الجيش الروسي، بعد الحرب، سيكون أكبر عددًا وأكثر صلابة ميدانية، ومدعومًا بأسلحة فرط صوتية وتكنولوجيا مسيّرات متقدمة.
مقال له علاقة: جندي إسرائيلي يعتدي على زميله بغلاية حديد في شمال غزة وينقل إلى المستشفى بواسطة مروحية
تحذيرات أوروبية: خطر بحلول منتصف الثلاثينيات
حذرت المخابرات الخارجية في إستونيا العام الماضي من أن الناتو قد يواجه بحلول منتصف الثلاثينيات “جيشًا روسيًا على النمط السوفيتي” رغم تفوق الحلف التكنولوجي، إلا أن حجم القوات الروسية وقدرتها على الحشد والإمداد ستشكلان تهديدًا فعليًا.
وفي فبراير الماضي، توقعت المخابرات العسكرية في الدنمارك أن تتمكن روسيا من شن “حرب واسعة النطاق” على الحلف في غضون خمس سنوات إذا ما تراجعت واشنطن عن دورها في دعم أوروبا عسكريًا.
تعزيز الحضور الأطلسي في الشمال الأوروبي
تندرج هذه التدريبات، التي تحمل اسم “الضربة الشمالية 125” (Northern Strike 125)، ضمن سلسلة مناورات على طول الجبهة الشرقية للناتو، من شمال فنلندا إلى بولندا ودول البلطيق المحاذية لروسيا وبيلاروسيا.
وقال وزير القوات المسلحة البريطاني لوك بولارد: “من أجواء بولندا إلى أقصى شمال فنلندا، تقف المملكة المتحدة جنبًا إلى جنب مع حلفائنا للدفاع عن الجناح الشرقي للناتو”، مضيفًا أن الحضور العسكري البريطاني سيشهد توسعًا في المنطقة خلال المرحلة المقبلة