تُظهر الحفريات الجديدة مخلوقًا بحريًا فريدًا عاش قبل أكثر من نصف مليار عام، يتمتع بثلاث عيون وفك دائري مليء بالأسنان، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الزعانف والأجزاء الجسدية التي تتفوق على نظرائها من فصيلته المنقرضة، المفترس “موسورا فنتوني” يقدم رؤى مدهشة حول تطور الحياة المبكرة في محيطات الأرض.

مواضيع مشابهة: تفاصيل مثيرة حول نقل أرشيف إيلي كوهين ومروحية في السويداء ومحادثات سرية
مفترس بحجم الإصبع
كائن “موسورا فنتوني”، الذي عاش قبل حوالي 508 ملايين عام في العصر الكامبري، لم يكن بطول أكثر من إصبع الإنسان، لكنه امتاز بهيكل فريد لا يوجد له مثيل في الكائنات المعروفة اليوم، فقد كان مزودًا بثلاث عيون، وأذرع مسننة للإمساك بالفريسة، وفم دائري مليء بالأسنان، إلى جانب زعانف جانبية تسهل السباحة، وذيل مكون من 26 قطعة جسدية، وهو رقم غير مسبوق في فصيلته “الراديودونت” المنقرضة.
أسرار الحفظ الفائق في “بيرجس شيل”
تم اكتشاف هذا الكائن من خلال 61 عينة متحجرة عُثر عليها في منطقة بيرجس شيل الجبلية بكندا، والتي تُعتبر واحدة من أندر مواقع الحفريات في العالم، حيث توثق التفاصيل الدقيقة للأنسجة الرخوة والهياكل الداخلية للكائنات القديمة، وتشير التحليلات التي أجراها عالم الأحافير جو مويسيوك من متحف مانيتوبا وجان برنار كارون من المتحف الملكي في أونتاريو إلى أن ذيل “موسورا” يحتوي على 16 قطعة متراصة تحمل خياشيم، مما يظهر تشابهًا مذهلاً مع الأنظمة التنفسية الحديثة لبعض الكائنات مثل السرطانات وحشرات الخشب.
أسرار مذهلة من الداخل
ما يجعل هذا الكائن مميزًا للغاية هو احتفاظ الأحافير بتفاصيل نادرة للجهاز العصبي والدورة الدموية، فقد تبيّن وجود حزم عصبية مرتبطة بالعيون، مشابهة لتلك الموجودة لدى المفصليات الحديثة، مما يدل على قدرة متقدمة على معالجة الصور.
أما الدورة الدموية فكانت مفتوحة، مثل تلك الموجودة لدى الحشرات والعناكب اليوم، حيث يضخ القلب سائل الدم (الهيموليمف) داخل تجاويف تُعرف باسم “اللاكُني”، تمتد حتى الزعانف الجانبية، ويؤكد الباحثون أن هذه البنية تُعتبر دليلاً على أن هذا النوع من الدورة الدموية نشأ في وقت مبكر جدًا من تاريخ الحياة.
تنفس خاص لمفترس متخصص
التركيبة المعقدة للخياشيم الخلفية توحي بأن “موسورا” ربما كان يحتاج إلى كفاءة تنفسية عالية تتناسب مع نمط حياته كصياد نشط، أو أنه عاش في بيئة بحرية مختلفة عن بقية الكائنات في مجموعته، ولا يزال هذا الجزء من الغموض العلمي بحاجة إلى مزيد من البيانات لتفسيره بشكل قاطع.
مقال مقترح: روسيا ترسل 4 حاملات صواريخ وطائرات مسيرة نحو مفاعل تشيرنوبل
“موسورا” يكشف تنوع المفصليات المبكرة
يؤكد العالمان أن “موسورا” ينتمي إلى أوائل فروع المفصليات على شجرة التطور، ويوفر نظرة قيمة على الخصائص الوراثية والتشريحية المشتركة بين الكائنات المنقرضة وتلك التي نعرفها اليوم، وهو يبرهن على أن التنوع البيولوجي بدأ مبكرًا جدًا، وأن الطبيعة كانت تختبر حلولًا متعددة للبقاء في بيئة بحرية متغيرة.