شمال أوروبا يواجه جفافاً غير مسبوق منذ قرن والزراعة في أزمة تاريخية تهدد الموارد

تشهد مناطق شاسعة من شمال أوروبا ربيعًا غير مسبوق من الجفاف، يُعتبر الأشد منذ أكثر من مئة عام، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، الذي يسلط الضوء على أزمة مناخية تهدد الموارد المائية وتضع الزراعة الأوروبية على حافة أزمة موسمية حادة.

شمال أوروبا يواجه جفافاً غير مسبوق منذ قرن والزراعة في أزمة تاريخية تهدد الموارد
شمال أوروبا يواجه جفافاً غير مسبوق منذ قرن والزراعة في أزمة تاريخية تهدد الموارد

منذ فبراير الماضي، تعاني دول مثل المملكة المتحدة، ألمانيا، فرنسا، الدنمارك، السويد، بلجيكا، وهولندا من نقص حاد في كميات الأمطار، مما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في الأنهار والسدود، وجفاف التربة إلى مستويات تُسجل عادة في أشهر الصيف، مما يُنذر بموسم زراعي قاتم.

قيود صارمة على استخدام المياه

في فرنسا، أعلنت السلطات المحلية في إقليم “با-دو-كاليه” عن فرض قيود صارمة على استخدام المياه اعتبارًا من 21 مايو، بعد أن بلغ الوضع “حدًا حرجًا”، وفق بيان رسمي، كما فُرضت حالة “اليقظة الجافة” في أقاليم أخرى، وسط تصاعد القلق في أوساط المزارعين من تأثير الجفاف على المحاصيل الصيفية.

في المملكة المتحدة، أظهرت بيانات وكالة البيئة أن مناطق عدة مثل لندن، هامبشاير، ومانشستر شهدت 20 يومًا متتالية دون هطول أمطار، فيما بلغ منسوب المياه في خزانات الشمال الغربي أدنى مستوى له منذ عام 1929.

أما في ألمانيا، فقد أكد تقرير صادر عن هيئة الأرصاد الوطنية (DWD) أن نسبة الأمطار خلال شهر مارس لم تتجاوز 21% من المعدلات الطبيعية، في وقت أعلنت فيه ولاية مكلنبورغ-فوربومرن عن عجز مائي بلغ 100 لتر لكل متر مربع.

في الدنمارك، لم يتجاوز مجموع الأمطار في مارس وأبريل 63 ملم، وهو رقم نادر الحدوث، لم يُسجل مثيله سوى سبع مرات منذ عام 1874، بينما أصدرت هيئة الأبحاث الجيولوجية السويدية تحذيرات بشأن تراجع خطير في المياه الجوفية في ثماني مناطق جنوب البلاد.

كما أُعلن في بلجيكا حظر مؤقت على سحب المياه من بعض مناطق فلاندر بسبب تسرب المياه المالحة إلى الطبقات الجوفية، مما يُهدد التوازن البيئي.

تمركز مرتفع جوي فوق شمال أوروبا

يرجّح خبراء أن تمركز مرتفع جوي فوق شمال أوروبا منذ فبراير الماضي حال دون عبور المنخفضات الجوية، وهو ما تسبب في هذا الانقطاع المطري الطويل، وفي المقابل، شهدت بلدان مثل إيطاليا أمطارًا غزيرة، بعضها جاء في شكل عواصف عنيفة.

ورغم أن هذه الظاهرة لا ترتبط بشكل مباشر بتغير المناخ وفق النماذج المناخية الحالية، إلا أن تأثير الاحترار العالمي، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة التبخر، أدت إلى تفاقم الوضع، وفق ما أوضح التقرير.

كما حذر الخبراء من تكرار سيناريو عام 2018، حين تسبب الجفاف في تراجع حاد في إنتاج الحبوب والزيوت النباتية، وأكدت التقارير أن الممارسات الزراعية الحديثة مثل إزالة الحواجز النباتية، والاستخدام المكثف للأسمدة المعدنية، وفقدان التربة لعناصرها العضوية، أسهمت في زيادة هشاشة الزراعة أمام التقلبات المناخية.

ويتوقع أن يستمر الجفاف خلال الأسابيع المقبلة، ما لم تتغير التوقعات الجوية، ويأمل المزارعون بعودة الأمطار في الوقت المناسب لإنقاذ الموسم الزراعي الصيفي.