تحديات اقتصادية في فاتورة استيراد الوقود البالغة 2 مليار دولار شهريًا

تشهد فاتورة استيراد مصر من المنتجات البترولية في الآونة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى نحو 2 مليار دولار شهريًا، في وقت تتزايد فيه الضغوط على الموازنة العامة للدولة، وسط تحديات اقتصادية عالمية ومحلية، جاء هذا الارتفاع في أعقاب سنوات من تحقيق نسب متفاوتة من الاكتفاء الذاتي، خاصة في الغاز الطبيعي، مما أثار تساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى هذا التحول المفاجئ، ومدى تأثيره على أمن الطاقة في البلاد.

تحديات اقتصادية في فاتورة استيراد الوقود البالغة 2 مليار دولار شهريًا
تحديات اقتصادية في فاتورة استيراد الوقود البالغة 2 مليار دولار شهريًا

 العودة للاستيراد

على الرغم من إعلان مصر عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي في عام 2018، بل وبدء تصديره إلى الخارج، إلا أن تراجع الإنتاج من بعض الحقول الكبرى مثل حقل “ظهر”، وزيادة الاستهلاك المحلي، فضلاً عن تأخر تدفقات الغاز المستورد من بعض الدول الشريكة، أعاد مصر إلى دائرة الاستيراد مجددًا، أصبح هذا التحول واضحًا خلال صيف 2024 ومطلع 2025، حين شهدت البلاد فجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مما دفع الدولة إلى التعاقد على شحنات غاز مسال من السوق الفوري لتغطية هذا النقص.

تفاصيل الأرقام

أكد الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة، لـ “نيوز رووم” أن فاتورة استيراد مصر من المنتجات البترولية بلغت حاليًا حوالي 2 مليار دولار شهريًا، بعدما كانت لا تتعدى 1.3 مليار دولار قبل البدء في استيراد الغاز الطبيعي، وتشمل الفاتورة الاستيرادية خمس سلع أساسية هي: البنزين (92 و95)، السولار، البوتاجاز، المازوت، والغاز الطبيعي، أوضح القليوبي أن مصر تنتج محليًا نحو 43% من احتياجاتها من السولار، فيما يتم استيراد 57% لتغطية الفجوة، كما أن إنتاج بنزين 92 المحلي يغطي 46% من الاحتياجات، بينما يتم استيراد باقي الكميات، بينما يتم استيراد بنزين 95 بالكامل

وفيما يخص البوتاجاز، فإن مصر تستهلك سنويًا نحو 4.1 مليون طن، منها 1.6 مليون طن فقط يتم إنتاجها محليًا، بينما يتم استيراد باقي الكميات، كما أشار القليوبي إلى أن مصر عادت لاستيراد الغاز الطبيعي لتغطية نقص الإمدادات، حيث يتراوح متوسط الاستهلاك اليومي بين 1.5 إلى 1.7 مليار قدم مكعب، بتكلفة تقديرية تصل إلى 600 مليون دولار شهريًا.

الحلول المستقبلية

في مواجهة هذه التحديات، بدأ المسؤولون في مصر في تنفيذ خطة بديلة لتقليل الضغط على الغاز الطبيعي، والتي تتضمن التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، خصوصًا طاقة الرياح، أكد القليوبي أن زيادة الاعتماد على الكهرباء المولدة من طاقة الرياح سيسهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الغاز في محطات توليد الكهرباء، ما سيسهم بدوره في تقليل فاتورة استيراد الغاز الطبيعي.

وأضاف أن مصر بدأت بالفعل في تشغيل محطتين لطاقة الرياح بقدرة إجمالية 1200 ميجاوات، ومن المتوقع دخول محطات أخرى تدريجيًا خلال الصيف الحالي، وهو ما سيوفر الغاز لاستخدامات صناعية أو يمكن بيعه في الأسواق الخارجية.

خطة الطوارئ للطاقة

وفي إطار استعدادات مصر لفصل الصيف، الذي يشهد ذروة الاستهلاك، أشار القليوبي إلى أن الحكومة تعاقدت على ثلاث سفن للتغييز العائم، إحداها دخلت بالفعل إلى ميناء العين السخنة، بينما وصلت الثانية مؤخرًا، ويتم ترتيب استقبال السفينة الثالثة، التي تملكها شركة أمريكية، كما توجد خطة طوارئ تتضمن توفير إمدادات بديلة في حال استمرار تأخر الشحنات الغازية من إسرائيل، عبر التوسع في تعاقدات الغاز المسال بعقود قصيرة الأجل.

التحديات المستقبلية

على الرغم من الجهود المبذولة لمواجهة التحديات، فإن استمرار الاعتماد على استيراد الوقود يشكل عبئًا كبيرًا على ميزان المدفوعات المصري، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط عالميًا وتقلبات سوق الغاز، كما أن هناك بعض التحديات الأخرى التي تواجه قطاع الطاقة في مصر، مثل ضعف الاستثمارات في الاستكشافات المحلية، وتباطؤ تنفيذ مشروعات ربط الحقول الصغيرة، مما يعيق جهود الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز وتخفيف الضغط على الموازنة العامة.