في تحول مثير قد يمثل بداية استعادة وحدة الأراضي السورية بعد سنوات من الانقسام، أعلنت السلطات الكردية في شمال شرق سوريا، مساء الاثنين، عن التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية لإعادة النازحين السوريين من مخيم الهول، والذي يعد واحدًا من أخطر وأكبر المخيمات في الشرق الأوسط ويحتوي على عشرات الآلاف من الأشخاص المتهمين بالارتباط بتنظيم داعش.

ممكن يعجبك: وفاة 172 شخصاً في السودان بسبب وباء الكوليرا خلال أسبوع وفقاً لوزارة الصحة
وكشف شيخموس أحمد، المسؤول البارز في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا التي يقودها الأكراد، عن التوصل إلى “آلية مشتركة” مع الحكومة الانتقالية في دمشق، لإجلاء المواطنين السوريين المقيمين في المخيم، وأشار إلى أن الاتفاق تم خلال اجتماع ثلاثي ضم ممثلي الحكومة المركزية، وسلطات الإدارة الذاتية، ووفدًا من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
مقال له علاقة: مشادة في الكونجرس الأمريكي بسبب انتقاد إسرائيل من طالبة تركية
ورغم المخاوف من نقل إدارة المخيم إلى الحكومة المركزية، أكد أحمد عدم وجود أي مناقشات في هذا الاتجاه حتى الآن، مشددًا على استمرار إشراف الإدارة الذاتية على شؤون المخيم في الوقت الحالي.
مخيم الهول.. عقدة إنسانية وأمنية
يضم المخيم نحو 37 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال المرتبطين بمقاتلي تنظيم داعش، بينهم آلاف العراقيين وعدد من الجنسيات الأوروبية التي رفضت إعادتهم إلى بلدانهم، وتؤكد التقارير الحقوقية الدولية أن المخيم يعاني من ظروف إنسانية صعبة وانتشار للعنف والتطرف، في ظل محدودية الرقابة الأمنية وتضاؤل الخدمات.
وعلى مدى السنوات الماضية، جرت محاولات لإعادة السوريين إلى مناطقهم الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التوافق مع الحكومة المركزية لإعادتهم إلى مناطق تحت سيطرة دمشق.
اتفاق مارس.. محاولة لتوحيد السلاح والسيادة
يأتي الاتفاق الجديد كامتداد لاتفاق أكبر وُقّع في مارس الماضي بين الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً، وينص على دمج القوات الكردية ضمن هيكل الجيش السوري الجديد، وتسليم إدارة المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط في شمال شرق البلاد إلى السلطة المركزية.
كما يقضي الاتفاق بتسليم دمشق إدارة السجون التي تضم نحو تسعة آلاف مقاتل من تنظيم داعش، وهي خطوة لا تزال محل تجاذب وضغط من قبل واشنطن، التي تعتبر الإسراع بتنفيذها أولوية أمنية لمنع تجدد نشاط التنظيم.
ببطء.. لكن المسار يتقدم
ورغم أن الاتفاق يشكل خطوة استراتيجية باتجاه إعادة توحيد سوريا وإنهاء تقسيمها إلى مناطق نفوذ، إلا أن تطبيقه يجري بوتيرة بطيئة، وسط تحديات ميدانية وسياسية تتعلق بمدى استعداد مختلف الأطراف للتنازل عن سلطاتها المحلية.
ويرى مراقبون أن اتفاق إجلاء نازحي الهول قد يكون “اختبار نوايا” فعلي لقدرة الطرفين على تطبيق الشق الأمني والإنساني من التفاهم، مما يمهد لاحقًا لتسويات أوسع تشمل كامل مناطق الشمال الشرقي.