أوضح دكتور عادل عبد العزيز الفكي، رئيس مركز التكامل الاقتصادي المصري السوداني، أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة تستدعي من السودان اتباع استراتيجية اقتصادية تركز على استغلال الموارد المحلية، والتعاون مع الصين وروسيا والدول التي تدعم الشرعية السودانية، مشيرًا إلى أن هذه العقوبات لن تحقق أهدافها إذا ما أقام السودان شراكات استراتيجية تقوم على مبدأ المصلحة المشتركة، حيث تعتبر الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وروسيا في المرتبة السادسة، لذا يُنصح بتعزيز الشراكات معهما.

ممكن يعجبك: ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في بداية التعاملات مع زيادة مؤشر السوق الرئيسي 0.33%
وأضاف في تصريح خاص لـ «نيوز رووم» أن الإدارة الأمريكية أعلنت عن نيتها فرض عقوبات اقتصادية على السودان، تشمل حظر الصادرات الأمريكية وإيقاف خطوط الائتمان الأمريكية مع المؤسسات الاقتصادية السودانية، وذلك تحت ذريعة استخدام الجيش السوداني أسلحة كيماوية في مواجهته مع مليشيا الدعم السريع.
وتابع أن هذه الاتهامات غير صحيحة ولا تستند إلى أدلة، بل تهدف إلى تحقيق أغراض سياسية بحتة تهدف إلى عرقلة التطور السياسي في السودان بعد تعيين رئيس وزراء مدني، وبدء تشكيل وزارة من التكنوقراط تمهد الطريق لعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي، واستئناف العلاقات مع مؤسسات التمويل الدولية.
مواضيع مشابهة: بنك القاهرة يخفض العائد على الحساب الجاري اليومي إلى 18%
وأشار إلى أنه في حال تنفيذ الإدارة الأمريكية لتهديداتها بفرض العقوبات الاقتصادية، فإن ذلك سيؤدي إلى إبطاء مسار إعفاء الديون، ووقف القروض والمعونات من مؤسسات “برايتون وودز”، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي تخضع لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، مما يتطلب وجود إرادة وطنية قوية للتخطيط لمسار مختلف للاقتصاد السوداني، خاصة في مجال العلاقات الاقتصادية الخارجية.
وأوضح أن المسار الجديد المقترح يجب أن يرتكز على ثلاث شعب رئيسية، الأولى تتمثل في حشد الموارد الداخلية، حيث يمكن الاستفادة من التجربة البرازيلية خلال فترة ولاية الرئيس دي سيلفا، التي قامت على منح رجال الأعمال البرازيليين الوطنيين أراضٍ زراعية خصبة مع إعفاءات وحماية، في مقابل التزامهم بدفع ضرائب عالية، وقد حقق الاقتصاد البرازيلي قفزات كبيرة بهذه السياسة خلال فترة قصيرة، ولدى السودان رجال أعمال شرفاء مستعدون لتنفيذ خطة مماثلة.
الشعبة الثانية في المسار الاقتصادي الجديد تتعلق بالاستفادة من القروض التفضيلية المقدمة من الصين، والانخراط في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وفقًا لمبدأ كاسب/ كاسب، حيث تُعتبر الصين أكبر اقتصاد عالمي، حيث يصل ناتجها المحلي الإجمالي بالقوة الشرائية إلى 25.7 تريليون دولار، وفقًا لموقع حقائق العالم الصادر عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
التصنيف الأمريكي
وأشار إلى أن الصينيين يعترضون على التصنيف الأمريكي، حيث يصرون على أنهم الاقتصاد الثاني بعد الولايات المتحدة وليس الأول، وتفسير ذلك يعود إلى رغبة الولايات المتحدة في زيادة قيمة اليوان الصيني مقابل العملات الأخرى، مما يعزز قدرة السلع الصينية على دخول الأسواق الأمريكية بأسعار تنافسية وجودة عالية.
وخلال العام 2013، وافقت جمهورية الصين الشعبية على اقتراح السودان بفتح حساب خاص باليوان الصيني لدى البنوك الصينية، مما يتيح استخدام اليوان في التبادل التجاري بدلاً من الدولار أو العملات الدولية الأخرى.
واستمر في توضيح أن الصين تستخدم الآن نظام “سي إيه بي إس” (CIPS) مع العديد من الدول، وهو نظام دفع بين البنوك عبر الحدود يقوم بتسوية المعاملات الدولية باليوان الصيني، ويشرف عليه بنك الشعب الصيني كبديل لنظام السويفت، وقد أصبح حوالي 35% من حجم التجارة العالمية يمر عبر هذا النظام، مما يتيح فرصة هائلة لاستخدام اليوان في التبادل التجاري مع الصين، وهذا سيساعد في تخفيف الضغوط على بنك السودان الذي يعاني في توفير العملات الأجنبية للمستوردات بسبب نقص الاحتياطات.
وأشار إلى أن الشعبة الثالثة في المسار الجديد تتمثل في التعاون الثنائي على مبدأ كاسب مع الدول التي تدعم المؤسسات الشرعية في السودان، بما في ذلك دول البريكس مثل روسيا وقطر وتركيا وإيران ومصر، بالإضافة إلى الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، حيث تعتبر روسيا دولة عظمى اقتصاديًا، إذ يبلغ ناتجها المحلي 4.027 تريليون دولار، وقد وقعت السودان مع روسيا العديد من الاتفاقيات في مجالات تقنية تحويل الغازات البترولية إلى مواد بترولية سائلة، والتنقيب عن الذهب والمعادن، فضلاً عن اتفاقيات تتعلق بالتخريط الجوي في البر والبحر، واستجلاب تقنيات لإنتاج الخبز.
الشركات المصرية الكبرى ورجال الأعمال الكبار في مصر
وأوضح أن روسيا طلبت من السودان توفير منفذ لوجستي لسفنها في البحر الأحمر، وقد وافق السودان مبدئياً على هذا الطلب كحق سيادي، مما يستدعي من السودان السعي لتحقيق أكبر مصلحة له من خلال الاستجابة للطلب الروسي، وفق مبدأ كاسب/ كاسب الذي يحكم العلاقات بين الدول.
واقترح منح الشركات المصرية الكبرى ورجال الأعمال الكبار في مصر جزءاً من مشروعات إعادة الإعمار في السودان، نظرًا لخبرتهم في العمل بالسودان.