محادثات مباشرة بين سوريا وإسرائيل من خلال لقاءات وجهًا لوجه على الحدود

في خطوة غير مسبوقة منذ عقود من العداء والصراع، كشفت خمسة مصادر مطلعة لوكالة رويترز أن سوريا وإسرائيل أجرتا محادثات مباشرة مؤخرًا، شملت عدة جولات من اللقاءات وجهًا لوجه في المنطقة الحدودية، بعضها داخل أراضٍ تسيطر عليها إسرائيل، في مسعى لتهدئة التوترات ومنع اندلاع صراع جديد في جنوب سوريا.

محادثات مباشرة بين سوريا وإسرائيل من خلال لقاءات وجهًا لوجه على الحدود
محادثات مباشرة بين سوريا وإسرائيل من خلال لقاءات وجهًا لوجه على الحدود

وتأتي هذه المحادثات في وقت تشهد فيه السياسات الإقليمية تحولات جذرية، أبرزها وصول رئيس سوري جديد، أحمد الشرع، إلى السلطة في دمشق بعد سقوط الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي على يد تحالف من الفصائل الإسلامية بقيادة هيئة تحرير الشام.

تحوّل ناعم.. بإشراف أمريكي

وبحسب المصدر الإقليمي الاستخباراتي، فإن هذا التواصل المباشر بين سوريا وإسرائيل يمثل تحولًا استراتيجيًا تقوده واشنطن بهدوء، حيث شجّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القيادة السورية الجديدة على بناء تفاهمات مع إسرائيل بدلاً من استمرار العداء التاريخي.

وشكّلت قمة ترامب-الشرع في الرياض يوم 14 مايو نقطة تحول، إذ أعطت الضوء الأخضر لتل أبيب للتعامل مع دمشق الجديدة بطريقة مختلفة، بعد أن كانت تعتمد على سياسة إضعاف سوريا عبر الضربات الجوية واستغلال الانقسام الداخلي عقب انهيار الدولة المركزية.

المحادثات الأمنية قد تفتح الباب لتفاهمات سياسية

يقود الجانب السوري في هذه المحادثات أحمد الدلاتي، المسؤول الأمني البارز الذي عُين مؤخرًا محافظًا للقنيطرة، ومن ثم لسويداء، ذات الأغلبية الدرزية، ولم يُعرف حتى الآن من يمثل الجانب الإسرائيلي، لكن مصدرين أكدا أنهم مسؤولون أمنيون كبار.

ووفقًا للمصادر، فإن المحادثات تركز حاليًا على ضمان الاستقرار الأمني وتجنّب التصعيد، خاصة في ظل توتر طائفي شهدته محافظة السويداء بين الفصائل الدرزية المدعومة إسرائيليًا ومقاتلين سُنّة.

لكن مصدرين أشارا إلى أن هذه المحادثات قد تتطور إلى تفاهمات سياسية أشمل، في حال استمر الهدوء، حيث تركز الآن على مفهوم “السلام بوصفه غيابًا للحرب، وليس تطبيعًا علنيًا”.

دمشق تُقدّم إشارات حسن نية

في سياق متصل، تعمل القيادة السورية الجديدة على إظهار حسن نية تجاه إسرائيل والمجتمع الدولي، من خلال اعتقال اثنين من كبار قادة حركة الجهاد الإسلامي المشاركة في هجوم 7 أكتوبر 2023، ولقاءات مع ممثلين عن الجالية اليهودية في دمشق والخارج، والموافقة على تسليم مقتنيات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين إلى تل أبيب، في خطوة رمزية بالغة الدلالة، وإرسال رسالة لواشنطن تؤكد فيها أن سوريا لن تكون مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل.

بين الشكوك والتقدم: هل تتغير قواعد اللعبة؟

ورغم نفي الولايات المتحدة دعمها للمقترح الذي تقدم به رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح، إلا أن مسؤولين إسرائيليين يرون أن واشنطن تستخدمه كأداة ضغط لتمرير تفاهمات جزئية، خصوصًا في ملف غزة.

وقد تكون هذه المحادثات مع دمشق جزءًا من رؤية أوسع لإعادة تشكيل علاقات إسرائيل مع دول الطوق في مرحلة ما بعد الاضطرابات الإقليمية، وفي ظل انكفاء روسي وضعف النفوذ الإيراني في الداخل السوري.