من التهريب إلى الواجهة.. “فاكهة الحرية” تزين شوارع دمشق

في مشهد غير مألوف للسوريين منذ عقود، تزين المانجا والأناناس والكيوي بألوانها الزاهية واجهات محلات وسط دمشق، حيث تُعرض بشكل علني بعدما كانت تُباع سرًّا ويُعاقب مروّجوها.

من التهريب إلى الواجهة.. “فاكهة الحرية” تزين شوارع دمشق
من التهريب إلى الواجهة.. “فاكهة الحرية” تزين شوارع دمشق

ففي سوق الشعلان الدمشقي، يقف مروان أبو هايلة، بائع فواكه في منتصف الأربعينيات من عمره، أمام محله الخشبي الصغير مبتسمًا قائلاً: “زمن الخوف من الأناناس انتهى”

فواكه كانت تُهرّب كالوقود

يتذكر أبو هايلة السنوات الماضية حين كانت هذه الفواكه الاستوائية تُهرّب إلى داخل البلاد كما يُهرّب البنزين والمازوت، حيث كانت تُخفي أحيانًا داخل محركات السيارات أو في صناديق سرية، وتُباع بكميات محدودة خوفًا من الملاحقة الأمنية، ويقول أبو هايلة: “الأناناس والكيوي والمانغا كانت فواكه شبه مفقودة، وسعرها كان نار”، مشيرًا إلى أنها كانت تصل الأسواق عبر شبكات التهريب

من سلعة نادرة إلى متاحة

اليوم، يُباع الكيلوجرام الواحد من الأناناس بأقل من 4 دولارات، بعدما كان سعره العام الماضي يلامس 23 دولارًا، أي ما يعادل راتب موظف حكومي تقريبًا.

ويقول أحمد الحارث، بائع آخر في السوق: “الفواكه التي كانت تُعتبر ترفًا للنخبة، أصبحت الآن بمتناول اليد، بعد انهيار النظام السابق”

من التلفاز إلى الأسواق

وعبرت نور عبد الجبار، طالبة طب في الرابعة والعشرين من عمرها، عن دهشتها قائلة: “كنت أرى المانجا والأناناس على التلفاز أكثر مما أراها في المحلات.. اليوم أصبح ذلك واقعًا”

كماليات لا يزال الكثيرون لا يستطيعون تحمّلها

لكن رغم الانفتاح الجديد وتراجع الأسعار، لا تزال هذه الفواكه تُعتبر من الكماليات لكثير من السوريين المنهكين اقتصاديًا.

وتقول ربّة المنزل إلهام أمين: “نعم، الواجهات أصبحت ملوّنة وتغري، لكنني لا أستطيع شراء الفواكه، أتجنب أن يمر أطفالي قرب هذه المحلات حتى لا يشتهوها”

التغيرات السياسية تقلب المشهد

رغم أن الوضع الاقتصادي لم يتحسن جذريًا، إلا أن السوريين يربطون هذا الانفتاح الملحوظ بالتغيرات السياسية التي طرأت بعد سقوط النظام السابق في ديسمبر 2024، فالفواكه الاستوائية التي اعتُبرت طيلة عقود رموزًا للرفاهية وممنوعًا استيرادها أو حتى عرضها باتت اليوم في متناول السوق، تمامًا كما بات الدولار يُتداول علنًا دون خوف من العقوبة.

يقول أحد الباعة القدامى: “كانت هناك غرامات وسجن لمجرد عرض الأناناس”، “أما الآن، فنضعه بفخر في الواجهة.. وكأننا نعرض وجهًا جديدًا لسوريا”