بعد الإطاحة بنظام القذافي، لا تزال ليبيا تعاني من صراعات وانفلات أمني، وآخر الأحداث كان في المناطق الغربية، حيث شهدت البلاد تصعيدًا سياسيًا كبيرًا بعد اغتيال رئيس دعم الاستقرار ووزير الداخلية في الحكومة الموازية عبد الغني الككلي المعروف بـ”غنيوة”، وقد أسفر هذا الاغتيال عن اندلاع احتجاجات شعبية تطالب برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة، التي تم إقالتها من قبل البرلمان، بينما خرجت مظاهرات مؤيدة لها، مما أدى إلى انقسام سياسي حاد في العاصمة طرابلس.

من نفس التصنيف: الجنائية الدولية تصدر مذكرات توقيف لوزيرين إسرائيليين بسبب توسيع المستوطنات
استعراض عسكري كبير
في بنغازي شرق ليبيا، شهدت المدينة استعراضًا عسكريًا كبيرًا نظمه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر احتفالًا بذكرى عملية الكرامة في عامها الحادي عشر، وقد حضر الاحتفال عدد كبير من المسؤولين من دول عربية وإفريقية وغربية، بالإضافة إلى قيادات عسكرية وسياسية من دول مثل مصر وروسيا وتشاد والنيجر، في استعراض يحمل رسائل متعددة للداخل والخارج، وفقًا لعدد من الخبراء، إذ جاء حضورهم ليعكس استقرار الوضع السياسي والعسكري في شرق ليبيا، على عكس الفوضى التي تشهدها المناطق الغربية منذ سقوط القذافي في أكتوبر 2011.
اضطرابات ليبيا
يعاني غرب ليبيا من أجواء من الصراع وسفك الدماء، حيث بلغت هذه الأجواء ذروتها بعد اغتيال الككلي، مما أدى إلى اندلاع تظاهرات شعبية تطالب بسقوط حكومة عبد الحميد الدبيبة وسحب الشرعية منها بقرار من مجلس الدولة.
تسعى منظمة الأمم المتحدة إلى إعادة ضبط الحياة السياسية في ليبيا من خلال خارطة طريق تهدف لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهي المرحلة التي ينتظرها الشعب الليبي منذ سنوات، معبرين عن أملهم في بناء دولة قانون ذات مؤسسات موحدة ودائمة.
مواضيع مشابهة: بعد قرار إلغاء الرسوم الجمركية.. الصين تؤكد عدم وجود رابح في الحرب التجارية
الوفد المصري
ضم الوفد المصري اللواء حسن رشاد رئيس جهاز المخابرات العامة، بينما شارك من الجانب الروسي نائب وزير الدفاع يونس بيك إيكفوروف، بالإضافة إلى مسؤولين أمنيين وعسكريين من دول إفريقية مثل النيجر وتشاد.
خلال كلمته بعد العرض العسكري، أكد خليفة حفتر حرص القيادة العامة للجيش الليبي على وحدة الأراضي الليبية، مشيدًا بجهود الجيش في التصدي لقوى الإرهاب والتطرف، وأوضح أن “القوات المسلحة الليبية ستكون لها الكلمة الفاصلة في الأوقات الحاسمة”، معتبرًا أن القيادة العامة تقاتل نيابة عن العالم أجمع، مضيفًا أن القوات المسلحة كانت وستظل حاملة للأمانة وحماة الحاضر والمستقبل، مؤتمنة على حماية ليبيا من جميع المخاطر والتحديات، وطالب حفتر جميع منتسبي الجيش الليبي بالبقاء على أهبة الاستعداد للتعامل مع التحديات الداخلية والخارجية.
في هذا السياق، أكد الباحث الليبي في الدراسات الاستراتيجية والسياسية محمد امطيريد أن العرض العسكري ليس مجرد استعراض للقوة، بل يحمل رسالة استراتيجية مزدوجة من الناحيتين السياسية والعسكرية، موضحًا أن حفتر أراد إيصال رسائل للداخل بأن وضع شرق ليبيا مطمئن ومستقر، ويملك القدرة على فرض النظام والانضباط، في ظل ما تعانيه مناطق الغرب من الفوضى تحت حكم عبد الحميد الدبيبة.
وأشار امطيريد إلى أن الرسالة الموجهة للخارج كانت بعدم المراهنة على حكومة الدبيبة فقط، فهناك مؤسسة عسكرية منظمة في بنغازي تنتظر دورها في رسم خريطة الطريق للمرحلة القادمة، لافتًا إلى أن مشاركة وفود من دول كبرى خلال العرض تعطي دلالة على أن الرسالة وصلت لمن يجب أن تصل إليه، وأن الحضور الدولي ليس مجرد عرض، بل يحمل دلالات هامة، مما يؤكد أن المشير خليفة حفتر لا يزال جزءًا من الحسابات الدولية.
أضاف الباحث أن العالم يتابع فشل حكومة طرابلس المتكرر في إدارة ملفات الأمن والخدمات والانتخابات، وقد تعتزم بعض العواصم فتح قنواتها مع بنغازي، ليس اقتناعًا بشخصية خليفة حفتر بالضرورة، ولكن بسبب ضعف البديل الذي بات يهدد بالزوال.
في ذات السياق، أكد الباحث السياسي الليبي فرج فركاش أن المشير خليفة حفتر قدم نفسه كخيار موجود ومستعد لأخذ زمام المبادرة لإنهاء الفوضى والوضع الأمني المنفلت في الغرب الليبي، واستعداده لتوحيد البلاد.