وزير التعليم العالي يدعم الجامعات في التحول نحو الجيل الخامس وتعزيز قدراتها

افتتح الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة، المؤتمر العلمي السنوي لكلية الطب بجامعة القاهرة تحت عنوان “نحو مجتمع طبي مبتكر”، بحضور عدد من رؤساء الجامعات وقيادات وزارتي التعليم العالي والصحة والسكان، بالإضافة إلى قيادات الجامعة وكلية الطب، وأعضاء هيئة التدريس والطلاب.

وزير التعليم العالي يدعم الجامعات في التحول نحو الجيل الخامس وتعزيز قدراتها
وزير التعليم العالي يدعم الجامعات في التحول نحو الجيل الخامس وتعزيز قدراتها

 

وفي كلمته، أكد خالد عبدالغفار أن الكلية تمثل صرحًا طبيًا وتعليميًا عريقًا يمتد تاريخه لأكثر من 190 عامًا، حيث تأسست عام 1827 كأول كلية طب في مصر والشرق الأوسط، وقد استمرت على مدار عقود طويلة منارة للعلم ومهدًا لتخريج أجيال من الأطباء والعلماء الذين أسهموا في تطوير القطاع الصحي في مصر والعالم العربي، مشيرًا إلى أن الكلية ستواصل أداء رسالتها التعليمية والبحثية وخدمة المجتمع، حيث تستقبل مستشفياتها أكثر من 2.5 مليون مريض سنويًا، مما يعكس الدور الكبير الذي تقوم به وإمكاناتها المتميزة.

تطور متسارع في القطاع الطبي

 

وأضاف نائب رئيس الوزراء أن هذا العصر يشهد تطورات متسارعة في جميع مجالات الحياة، وخاصة في القطاع الصحي، مما يجعل أهمية هذا المؤتمر بارزة ليواكب هذه التطورات من خلال رؤيته الحيوية التي تلامس جوهر التحديات والفرص في المجال الطبي، حيث أشار إلى أن العالم يتحول للاعتماد بشكل أساسي على التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات الضخمة، وأصبح مواكبة تلك التطورات ركيزة أساسية لا مفر منها في مجال الطب وكافة المجالات، لما لهذه الأدوات من آثار إيجابية لتحسين أداء الخدمات المقدمة وتحقيق الوصول العادل لها.

وتابع وزير الصحة أن ثورة التحول في القطاع الصحي من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي أصبحت واقعًا في مجالات التشخيص المبكر، والتشخيص عن بعد، والجراحات الذكية، وتحليل البيانات الصحية، وهو ما يتطلب وضع سياسات واضحة للاستفادة من هذه الأدوات في تحسين مستوى الخدمات الطبية وضمان كفاءتها، مضيفًا أن الابتكار في الطب يُعد أحد أدوات التنمية العامة، حيث يجب دعم الابتكار في الطب من خلال تعزيز قدرات المراكز البحثية المتعددة لتطوير علاجات وتقنيات محلية تتماشى مع احتياجات المجتمع.

وأشار خالد عبدالغفار إلى أن الابتكار الطبي فتح آفاقًا واعدة لعلاجات متقدمة تُسهم في تحسين جودة الحياة، مثل استخدام الخلايا الجذعية المعدلة جينيًا لعلاج فقر الدم المنجلي، والأطراف الصناعية الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب التوسع في تطبيقات الطب الشخصي والرقابة الصحية الذاتية عبر الأجهزة القابلة للارتداء، وكذلك تطوير التطبيقات الذكية التي تعزز كفاءة الخدمات الصحية.

وتابع نائب رئيس الوزراء أن الابتكار في المجال الطبي ليس قاصرًا فقط على الكشف والتشخيص، بل يشمل جميع النواحي مثل تطوير المناهج التعليمية التفاعلية القائمة على التكنولوجيا الحديثة، والتفكير النقدي، والتعليم القائم على الكفاءات، بما يؤهل الطبيب المصري للمنافسة إقليميًا وعالميًا، كما أن تطوير التدريب الطبي المستمر ضرورة لتمكين مختلف أعضاء الفرق الصحية من تقديم خدمات قائمة على الأدلة والبراهين.

واختتم نائب رئيس الوزراء كلمته بأن انعقاد هذا المؤتمر تحت مظلة جامعة القاهرة هو تأكيد جديد على أن مصر تمتلك منظومة تعليمية وطبية قادرة على قيادة التغيير وصناعة المستقبل، معربًا عن أمله في أن تسفر مناقشات هذا الحدث العلمي الكبير عن رؤى وتوصيات عملية تسهم في دعم خطط الدولة الطموحة لتطوير القطاع الصحي وتحقيق أهداف رؤية 2030.

وفي كلمته، ثمن عبدالصادق الرؤية الطموحة للمؤتمر، لمستقبل طبي يرتكز على الابتكار والاعتماد على القدرات الذاتية، مؤكدًا التزام الوزارة بدورها المحوري في تطوير الخدمات الطبية وتعزيز التدريب الإكلينيكي، بما يتماشى مع الاتجاه نحو بناء منظومة صحية مبتكرة ومستقلة، مشددًا على أن التحول نحو التصنيع الطبي المحلي لم يعد مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لضمان الاستدامة الصحية والاقتصادية.

وأشار الوزير إلى أهمية هذا المؤتمر باعتباره منصة علمية تفتح آفاق التعاون بين التعليم والبحث من جهة، وقطاع الصحة من جهة أخرى، للعمل على تسريع توطين التكنولوجيا الطبية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يسهم في تعزيز الاكتفاء الذاتي ودعم الاقتصاد، مؤكدًا استمرار تقديم الدعم لمستشفيات قصر العيني باعتبارها صرحًا تعليميًا وعلاجيًا رائدًا يسهم بفعالية في خدمة المجتمع، خاصة في المجالات الصحية.

وأشاد الوزير بإطلاق مبادرة جديدة بقصر العيني، والتي تُعد نموذجًا ناجحًا للتكامل الأكاديمي الدولي، ورافدًا مهمًا لتطوير المنظومة الطبية، موضحًا أن هذه المساعي تهدف إلى تعزيز الرؤية لتحديث التعليم الطبي من خلال دعم الجامعات للتحول نحو الجيل الخامس وتعزيز قدراتها في الابتكار والتنافسية.

ولفت الوزير إلى أن ما نشهده اليوم يعكس بوضوح حجم التطور الذي تشهده قصر العيني، سواء على مستوى التكنولوجيا الحديثة، أو إدخال التقنيات الذكية، وعلى رأسها الروبوت الجراحي الذي يمثل نقلة في العلاج ويجسد تقدم مصر في تطبيقات الطب الحديث، بالإضافة إلى ابتكار حلقات مطاطية استخدمت لعلاج بعض الحالات، وهو تطور واعد في مجال الجراحة، مشيرًا إلى أن كلية الطب بجامعة القاهرة تخرج منها العديد من الكفاءات الذين حملوا لواء الطب في مصر وخارجها، كما تقدم مستشفياتها خدمات طبية وعلاجية لملايين المرضى سنويًا.

وسلط الوزير الضوء على عدد من الإنجازات البارزة التي يحققها القطاع الطبي في مصر، والتي تسهم في ترسيخ مكانة مصر على خريطة البحث العلمي عالميًا، حيث تم إدراج 13 جامعة مصرية في تصنيف “شنغهاي” الدولي في مجال علوم الصيدلة، وجاءت جامعة القاهرة في مقدمتها ضمن الفئة من 151 إلى 200 عالميًا، وفي تصنيف التايمز البريطاني لعام 2025، تم إدراج 23 جامعة مصرية في مجالي الطب والصحة العامة، وجاءت جامعة القاهرة ضمن الفئة من 201 إلى 400 عالميًا، كما تم تصنيف 6 جامعات ضمن أفضل 500 جامعة على مستوى العالم في المجال الطبي وفقًا لتصنيف QS لعام 2024، حيث تصدرت جامعة القاهرة هذا الإنجاز بحصولها على المرتبة 179 عالميًا، مما يعكس ريادتها التاريخية ودورها المحوري في دعم منظومة البحث الطبي في مصر والمنطقة.

كما سلط الوزير الضوء على أحد أبرز إنجازات القطاع الطبي في مصر، حيث بلغ إسهام القطاع الطبي في مصر نسبة 23.4% من إجمالي النشر العلمي خلال الفترة من 2021 إلى 2024، ليحتل بذلك الصدارة بين مختلف المجالات العلمية، مما يعكس التقدم الكبير في البحث الطبي والتعليم الصحي وخدمة المجتمع، وقد كانت لكلية الطب بجامعة القاهرة دورًا بارزًا في هذا الإنجاز، حيث ساهمت بنحو 9000 بحثًا علميًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وفي ختام كلمته، أعرب الوزير عن تمنياته بنجاح المؤتمر، وأن يحظى بمشاركة فاعلة في جلساته العلمية، وتبادل المعارف والخبرات والانخراط في حوار بناء يؤدي إلى تطوير منظومة طبية مبتكرة تعزز من قدراتنا، وتسهم في تحقيق السيادة الصحية وبناء منظومة طبية أكثر تقدمًا.

ومن جانبه، أشار عبدالصادق إلى تاريخ الجامعة كأعرق جامعة ودورها منذ نشأتها، مؤكدًا أن الجامعة تراعي في خطتها أهداف الدولة المصرية في دعم الابتكار والبحث العلمي، ومواكبة ما يشهده العالم من تطورات، مثمنًا دعم الدولة والرئيس عبدالفتاح السيسي واستثمارها في بناء الإنسان المصري، لافتًا إلى أن هذا المؤتمر يعكس إيمان الجامعة بدور الابتكار في تطوير القطاع الطبي، ونراهن على طاقات وعقول قصر العيني وإرادتهم وقدرتهم على ربط العلم بالتطبيق، انطلاقًا من إرثهم الكبير كجسر بين الماضي العريق والمستقبل، مشيرًا إلى تطلعه لأن تخدم توصيات المؤتمر أهداف الدولة المصرية.

واستعرض رئيس الجامعة خطوات الجامعة لدعم الابتكار، من خلال تأسيس شركة لدعم الابتكار كأول شركة من هذا النوع، حيث تقدمت لها 135 فكرة متميزة بما في ذلك مجالات الطب، وكذلك التعاون مع قطاع الأعمال لتحويلها إلى ابتكارات تطبيقية، إيمانًا بدعم البحث التطبيقي، بالإضافة إلى إصدار سياسة للملكية الفكرية، وإنشاء مكتب لدعم الابتكار، وإطلاق منصة للذكاء الاصطناعي، لتحفيز الابتكار وريادة الأعمال في القطاع الصحي، فضلًا عن دعم تدريب أعضاء هيئة التدريس على المهارات والمجالات البحثية التطبيقية، وتوسيع مشاركة الجامعة في المجتمع من خلال العديد من المشروعات عبر مبادرة “تحالف وتنمية”.

وأوضح حسام صلاح عميد كلية الطب ورئيس إدارة الجودة، أن قصر العيني ليس مجرد بناء بل مؤسسة طبية عريقة تقدم خدماتها العلاجية على مر الزمان، مشيرًا إلى أن الجامعة تدعم مجالات البحث والمشروعات الابتكارية التي تعتمد على التكنولوجيات الحديثة، لتمكين الطلاب من امتلاك مجموعة من المهارات والمعارف والخبرات الأكثر ارتباطًا بالابتكار، مستعرضًا التحديات التي تواجه حوكمة القطاع الطبي، كما استعرض أبرز الشراكات مع الجامعات الدولية المرموقة وتقديم برامج دراسية حديثة وإنشاء مسار طبي باللغة الفرنسية يبدأ بداية من العام الدراسي القادم 2025/2026، لتعزيز دور مصر الريادي في القارة الأفريقية، كما استعرض التجهيزات ورفع كفاءة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وكذلك الإنجازات العلمية التي حققتها الكلية خلال الفترة الماضية، وأبرز الأنشطة التدريبية للطلاب والباحثين لرفع مهاراتهم، وتعديل اللوائح الدراسية لمواكبة التطورات الحديثة في مجال الطب.

تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر العلمي السنوي لكلية الطب يمثل منصة تفاعلية لبحث التحديات واستكشاف الفرص في بناء منظومة طبية حديثة قائمة على الابتكار والتطوير، ويشارك في المؤتمر نخبة من الأساتذة والأطباء والخبراء المحليين والدوليين، بهدف تبادل الرؤى والمقترحات حول مستقبل الطب وتطوراته، واستعراض أحدث الاتجاهات العلمية والتقنية.

ويهدف المؤتمر إلى تعزيز البحث التطبيقي، وتسليط الضوء على التكامل بين المعرفة الأكاديمية والابتكار التقني، بما يسهم في دعم إنتاج الأدوية والأجهزة الطبية محليًا وتحقيق الاكتفاء الذاتي في القطاع الصحي، ومناقشة الابتكار في التعليم والتدريب الطبي، وتطوير الخدمات الصحية من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار في الطب والصحة العامة والمشاركة المجتمعية في عصر الابتكار.

كما شهد المؤتمر عقد عدة ورش تحضيرية على هامش فعالياته تناولت أحدث تقنيات التصوير الطبي، والابتكار في جراحات المناظير والروبوت، والممارسات الحديثة في إدارة العدوى، والتعليم الطبي، ودعم الصحة العامة، إضافة إلى التدخلات الدقيقة في طب الأعصاب، والأطفال، والطوارئ، والصحة العامة.

وعلى هامش المؤتمر، تم تكريم نخبة من الأساتذة والخبراء بكلية الطب لإسهاماتهم العلمية البارزة.