في ظل التحديات الاقتصادية المحلية والدولية، تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز الاستفادة من أدوات التمويل الإسلامية، وخاصة الصكوك المتوافقة مع أحكام الشريعة، بهدف تنويع مصادر التمويل وتخفيف عبء عجز الموازنة.

اقرأ كمان: إيديتا للصناعات الغذائية تسجل تراجعاً في الأرباح بنسبة 14.5% في الربع الأول من 2025
شهدت الصكوك الإسلامية نموًا ملحوظًا في الأسواق المصرفية مؤخرًا، خاصة في دول الخليج، حيث أصبحت أداة فعالة لتمويل المشروعات الكبرى، سواء كانت عقارية، صناعية، أو خدمية، وتتميز هذه الصكوك بانخفاض حجم المخاطر وطول آجال التمويل، مما يجعلها جاذبة لفئات جديدة من المستثمرين الباحثين عن بدائل تمويل متوافقة مع الشريعة.
شوف كمان: “بورنا” الكندية تستثمر 40 مليون دولار في مصر لإنشاء مصنع لفصل الغاز الطبيعي
إصدار تاريخي بقيمة 1.5 مليار دولار
في عام 2023، أصدرت وزارة المالية المصرية أول صكوك إسلامية سيادية دولارية بقيمة 1.5 مليار دولار، محققة معدل تغطية تجاوز أربعة أضعاف قيمة الطرح، حيث بلغت طلبات الاكتتاب 6.1 مليار دولار، مما يعكس ثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد المصري، رغم التحديات الإقليمية والدولية.
أداة لمواجهة عجز الموازنة
مع استمرار الضغوط الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع عوائد السياحة، والانخفاض المؤقت في دخل قناة السويس، لجأت الحكومة المصرية إلى إصدار الصكوك بالجنيه لتمويل عجز الموازنة، وأعلنت وزارة المالية نيتها طرح أول صكوك إسلامية محلية خلال الربع الأول من عام 2025، في إطار خطة متكاملة لزيادة الموارد.
في هذا السياق، نجحت شركة الأهلي فاروس – الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي المصري – في إدارة أول إصدار لصكوك مشاركة بقيمة 2.8 مليار جنيه لصالح شركة باب مصر للتطوير العمراني، مما يمثل نقطة انطلاق حقيقية لهذا النوع من التمويل داخل السوق المحلية.
دور البنوك في هيكلة الإصدارات
أسندت وزارة المالية المصرية خلال الشهر الماضي مهمة إدارة إصدار الصكوك السيادية المقبلة إلى خمسة بنوك محلية، بقيمة تتراوح بين مليار و1.5 مليار دولار، في إصدار مرتقب خلال الربع الثاني من 2025.
تلعب البنوك ثلاثة أدوار رئيسية في عملية إصدار الصكوك.
وكيل الإصدار: يتولى مسؤولية إدارة الطرح نيابة عن الجهة المصدرة
مشتري الصكوك: حيث تدخل البنوك أو مؤسسات مالية كبرى كمستثمرين
أمين الاستثمار: جهة رقابية لحماية حقوق حملة الصكوك، ومتابعة استخدام حصيلة الطرح
تنسيق مع صندوق النقد
وسط سعي الحكومة لتقليص العجز وتحقيق الاستقرار المالي، حث صندوق النقد الدولي مصر على ترشيد الإنفاق على المشروعات العامة، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، وبالفعل، حددت الدولة سقفًا للإنفاق العام عند تريليون جنيه سنويًا، لأول مرة في تاريخها.
صرّح الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية، بأن الوزارة تعمل على توسيع نطاق أدوات السياسات المالية، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز تنافسية الاقتصاد.
توقعات بعجز أقل
أظهرت بيانات وزارة المالية تراجع العجز الكلي في الموازنة إلى 2.12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2024-2025، مقارنة بـ3.26% في نفس الفترة من العام الماضي، مدعومًا بزيادة الإيرادات وتحسن المؤشرات الاقتصادية.
وتستهدف مصر خفض عجز الموازنة إلى 7.3% بنهاية العام المالي الجاري، بعد أن سجلت 3.6% في العام المالي السابق.
نافذة للتمويل النظيف والجاذب
تُعد الصكوك الإسلامية أحد أهم الموارد المالية التي تلائم احتياجات شريحة واسعة من المستثمرين والمؤسسات التي تبحث عن أدوات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتوفر في ذات الوقت سيولة مرنة للدولة دون اللجوء إلى أدوات الدين التقليدية ذات الطابع الربوي.
مع توسع الدولة في هذا النوع من التمويل، وتزايد إقبال القطاع المصرفي المحلي والعربي، تفتح الصكوك الإسلامية آفاقًا جديدة أمام مصر لتنويع أدواتها التمويلية وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني.