“أمر تنفيذي لترامب يثير جدلاً في الأوساط الأكاديمية الأمريكية حول المعيار الذهبي للعلم”
أثار الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعنوان “استعادة العلم بمعيار ذهبي” موجة من الانتقادات الحادة في الأوساط الأكاديمية والبحثية داخل الولايات المتحدة، حيث اعتبره العديد من الأساتذة والباحثين محاولة لتقويض استقلالية العلم وتحويله إلى أداة سياسية، ووصف المنتقدون هذه المبادرة بأنها “معيار ذهبي مزيف”، قد تُمكّن الساسة من التدخل المباشر في المسار العلمي ورفض الأبحاث التي لا تتماشى مع توجهات الإدارة الحاكمة.

مقال له علاقة: مندوب فلسطين بالأمم المتحدة يتوقع اعتراف 10 دول غربية بفلسطين
أمر تنفيذي لترامب يستفز الأوساط الأكاديمية الأمريكية
أعلن البيت الأبيض عن الأمر التنفيذي يوم الجمعة الماضية، مشيرًا إلى أن الهدف المعلن من هذه الخطوة هو “استعادة ثقة الجمهور في العلم الحكومي”، وذلك من خلال تطبيق ما وصفه بـ”معايير العلوم الذهبية”، والتي تشمل الشفافية، القابلية لإعادة الإنتاج، مراجعة نزيهة للنتائج، والاعتراف بالأخطاء عند وقوعها، ويُلزم الأمر الوكالات الفيدرالية بالكشف عن البيانات المستخدمة في الأبحاث، وتوضيح الافتراضات العلمية التي تستند إليها، ومراجعة السياسات العلمية السابقة للتأكد من نزاهتها، ورغم أن الصياغة الظاهرية للأمر تعكس التزامًا مبدئيًا بالمعايير العلمية الرصينة والمبنية على الأدلة، إلا أن تقريرًا أعده عدد من الباحثين ونشرته صحيفة الغارديان البريطانية حذّر من الأهداف الحقيقية الكامنة وراء هذا الإجراء.
من نفس التصنيف: الصفدي يؤكد على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة ويدعو لفرض عواقب حقيقية
أمر تنفيذي لترامب يستفز الأوساط الأكاديمية الأمريكية
محاولة لتقويض الاستقلالية العلمية
أشار التقرير إلى أن هذا الأمر التنفيذي، في مضمونه، يُخفي محاولة لتقويض الاستقلالية العلمية في الولايات المتحدة، عبر منح السلطات السياسية المُعيّنة صلاحيات واسعة لرفض الدراسات والأبحاث التي تتعارض مع سياسات الإدارة أو أيديولوجيتها، بل ومعاقبة الباحثين الذين لا يلتزمون بهذه الخطوط الحمراء، ويذهب التقرير إلى أبعد من ذلك، موضحًا أن هذه الصياغة تتشابه إلى حد كبير مع ما تطرحه “حركة العلم المفتوح” – وهي حركة إصلاح علمية تهدف إلى تعزيز الشفافية والصرامة وإمكانية إعادة إنتاج النتائج في الأبحاث العلمية، ويشارك فيها عدد من الباحثين الموقّعين على التقرير ذاته، ويرى الباحثون أنه بينما يفترض أن تكون مثل هذه المبادرات محل ترحيب من أي إدارة حريصة على تطوير المنظومة العلمية، فإن ما يطرحه الأمر التنفيذي في حقيقة الأمر لا يهدف إلى تعزيز “العلم المفتوح”، بل إلى إخضاعه وتسييسه، وأوضح التقرير أن الصلاحيات الجديدة التي يمنحها الأمر التنفيذي للمسؤولين السياسيين تمكّنهم من تصنيف أي نتائج علمية على أنها “سلوك علمي غير أخلاقي”، فقط بناء على تقييمهم الشخصي، ومن ثم اتخاذ إجراءات تأديبية أو عقابية ضد الباحثين المعنيين، وبذلك، تتحول الحكومة الفيدرالية – بحسب الباحثين – إلى أداة لخدمة المصالح السياسية الضيقة، على حساب الصالح العام، ما يضع مستقبل البحث العلمي في الولايات المتحدة على المحك.
أمر تنفيذي لترامب يستفز الأوساط الأكاديمية الأمريكية
لغة “العلم المفتوح”
بحسب ما ورد في التقرير، استخدمت الإدارة السابقة لغة “العلم المفتوح” كغطاء لمحاولة إحكام السيطرة على منظومة البحث العلمي، وهو ما انعكس في قرارات إلغاء آلاف المنح البحثية، لا سيما في مجالات حيوية مثل علوم المناخ، مكافحة المعلومات المضللة، اللقاحات، الصحة النفسية، صحة المرأة، وتعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، كما أشار التقرير إلى أن الرئيس ترامب قدّم ميزانية تتضمن تخفيضات جذرية في الإنفاق الفيدرالي على البحث والتطوير، كما فرض عقوبات على عدد من الجامعات الأميركية التي لم تتجاوب مع مطالبه السياسية، وإضافة إلى ذلك، طرح ترامب تغييرات في قواعد التوظيف تهدف إلى تحويل آلاف الموظفين الفيدراليين إلى موظفين مُعيّنين من قبل الرئيس، ما يجعلهم عرضة للفصل التعسفي دون الحاجة إلى الالتزام بالإجراءات القانونية المعتادة، في ظل هذه المستجدات، يُحذر الباحثون من خطورة الانزلاق إلى نظام علمي مسيّس، يفقد فيه الباحثون حريتهم واستقلاليتهم، وتُصبح فيه نتائج الأبحاث مرهونة برضا السلطات التنفيذية، وليس بالمعايير العلمية المعتمدة، ويؤكدون أن دعم الشفافية والانفتاح العلمي يجب أن يُبنى على أسس حقيقية، لا أن يُستخدم كواجهة لمزيد من التدخل السياسي في العلم.