تلوث المياه يؤدي إلى انتشار الكوليرا في السودان ويقضي على 1000 شخص خلال يومين

في ظل الصراع المستمر في السودان منذ أكثر من عام، يعاني المدنيون النازحون الذين يعودون إلى المدن المدمرة من تهديد متزايد، حيث يُعتبر تلوث المياه العامل الرئيسي وراء انتشار وباء الكوليرا، الذي أصبح يشكل كارثة صحية حقيقية في البلاد.

تلوث المياه يؤدي إلى انتشار الكوليرا في السودان ويقضي على 1000 شخص خلال يومين
تلوث المياه يؤدي إلى انتشار الكوليرا في السودان ويقضي على 1000 شخص خلال يومين

ووفقًا للتقارير الواردة من الخرطوم، فقد حصد الوباء أكثر من 1000 روح خلال يومين فقط، في تصاعد خطير للوباء شهدته البلاد في الساعات الأخيرة.

 

تلوث المياه 

مع تدهور البنية التحتية بسبب الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تعطلت محطات تنقية المياه نتيجة هجمات الطائرات بدون طيار، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء واعتماد السكان على مصادر مياه ملوثة وغير آمنة للشرب والاستخدام اليومي، وقد أسفر هذا الوضع عن خلق بيئة مثالية لانتشار الكوليرا، وهو مرض بكتيري فتاك ينتقل عبر المياه والأطعمة الملوثة.

وبحسب اللجنة الدولية للإنقاذ، فإن السودان يواجه أزمة صحية عامة خطيرة، حيث سجلت البلاد خلال أسبوع واحد فقط 172 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا، تمركزت معظمها في ولاية الخرطوم، ويُحذر الأطباء من أن الأوضاع الصحية المتدهورة تُسهل انتشار أمراض قاتلة أخرى منقولة بالمياه.

وفي أحدث إحصائيات وزارة الصحة في السودان، ارتفع عدد الإصابات إلى 1375 إصابة.

تلوث المياه يشعل تفشي الكوليرا بالسودان

البنية التحتية 

منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، دمرت البنية التحتية الحيوية في المدن الكبرى، خاصة الخرطوم وأم درمان، التي أُخليت بشكل شبه كامل بعدما تحولت إلى ساحات قتال رئيسية، ورغم استعادة الجيش السوداني للسيطرة على منطقة العاصمة في أواخر مارس، إلا أن تداعيات الحرب لا تزال تؤثر سلبًا على حياة المدنيين، خاصة مع الانهيار شبه الكامل في خدمات المياه والصرف الصحي.

وقال شيلدون يت، ممثل منظمة اليونيسف في السودان، إن الأطفال يواجهون خطرًا متزايدًا، مضيفًا: “نسابق الزمن مع شركائنا لتوفير الرعاية الصحية الأساسية والمياه النظيفة والتغذية السليمة، من بين خدمات أخرى منقذة للحياة، للأطفال المعرضين بشدة للأمراض الفتاكة وسوء التغذية الحاد الوخيم”

 

ظروف المعيشة القاسية 

تؤدي ظروف المعيشة القاسية في أماكن النزوح والمناطق المكتظة إلى تسارع تفشي الكوليرا، وتشير بيانات اليونيسف إلى أنه منذ يناير 2025، تم الإبلاغ عن أكثر من 7700 حالة إصابة بالكوليرا، بينها أكثر من 1000 حالة بين الأطفال دون سن الخامسة، إضافة إلى 185 حالة وفاة في ولاية الخرطوم وحدها.

تسوء الأوضاع بشكل أكبر في محليتي جبل أولياء والخرطوم، وهما من أكثر المناطق تضررًا من المجاعة وسوء التغذية، حيث تضمان حوالي 33% من إجمالي 307000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، ويُقدّر أن نحو 26500 طفل مصابون بسوء التغذية الحاد الوخيم، مما يجعلهم عرضة للإصابة بالكوليرا وأمراض الإسهال الأخرى إذا لم يتلقوا علاجًا عاجلًا.

وفي ظل ضعف الاستجابة الإنسانية، تحذّر منظمات الإغاثة من أن الأزمة الصحية قد تخرج عن السيطرة، ما لم يتم ضمان تدخل دولي فعال وآمن.

تلوث المياه يشعل تفشي الكوليرا بالسودان

مكافحة الكوليرا

تتولى اليونيسف جهودًا شاملة لمكافحة الكوليرا، تركز على حماية المجتمعات الأكثر عرضة للخطر، ودعم البنية التحتية الأساسية للمياه، وتُصنّف منظمة الصحة العالمية الكوليرا بأنها “مرض الفقر”، نظرًا لارتباطها الوثيق بسوء الصرف الصحي وانعدام الوصول إلى مياه شرب نظيفة.

في إطار الاستجابة، توفر اليونيسف مواد كيميائية لمعالجة المياه مثل الكلور والبوليمر، إلى جانب مولد كهربائي بقوة 1000 كيلوفولت أمبير لضمان استمرار تشغيل محطة المنارة لمعالجة المياه، التي تُعد المصدر الرئيسي للمياه النظيفة لأكثر من مليون شخص في منطقتي كرري وأم درمان القديمة.

كما توزع المنظمة وشركاؤها مواد تعقيم منزلية للمياه، وتُشغّل أجهزة كلورة في نقاط التوزيع، إضافة إلى إرسال فرق استجابة سريعة لتعقيم المياه في المناطق المتضررة.

بالتوازي مع التدخلات التقنية، تُنظّم حملات توعية ميدانية وافتراضية لرفع الوعي العام، من خلال الحوارات المجتمعية ووسائل التواصل الاجتماعي، لتثقيف الناس حول مسببات الكوليرا وأعراضها وسبل الوقاية منها.

تؤكد اليونيسف أن الكوليرا، رغم كونها مرضًا يمكن الوقاية منه، فإنها قد تؤدي إلى الوفاة في غضون ساعات إذا تُركت دون علاج، خاصة في البيئات الهشة، ويُعد العلاج سهلًا نسبيًا باستخدام محاليل الإماهة والمضادات الحيوية، لكنّ النقص الحاد في الموارد الطبية يجعل الوصول إلى هذا العلاج تحديًا كبيرًا.

وفي خطوة استباقية لاحتواء الوباء، سلّمت اليونيسف أكثر من 1.6 مليون جرعة من اللقاح الفموي المضاد للكوليرا إلى السودان، وتواصل دعم حملات التحصين في المناطق الأشد تضررًا.