أصدرت إسرائيل تحذيرًا جديدًا بشأن ما وصفته بارتفاع حاد في التهديدات الأمنية التي تواجه الإسرائيليين الراغبين في السفر إلى شبه جزيرة سيناء، مما أثار جدلًا واسعًا وتفسيرات متباينة حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التحذير.

مواضيع مشابهة: الاتحاد الأوروبي يكشف عن استراتيجية جديدة لمواجهة التهديدات الروسية
ووفقًا لما نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية في تقريرها يوم الخميس، فإن هذه التهديدات ليست جديدة لكنها شهدت تصاعدًا ملحوظًا مؤخرًا، حيث أشارت الصحيفة إلى وجود تهديد خطير يستهدف الإسرائيليين الذين يعتزمون قضاء عطلاتهم أو التنزه في سيناء.
بعد تحذير إسرائيل من السفر إلى سيناء
في تفسيره لهذه التحذيرات، يرى العميد أحمد ثروت، المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، أن إسرائيل لا تتوقف عن محاولاتها لفرض مخطط التهجير في المنطقة، وتسعى إلى الضغط على مصر بشتى الوسائل لتحقيق هذا الهدف، مشيرًا إلى أن منع مواطنيها من دخول سيناء قد يكون أحد أساليب الضغط السياسي.
وأضاف ثروت أن مثل هذا القرار إن تم تطبيقه فعليًا ستكون إسرائيل هي الطرف الخاسر الأكبر، حيث إن سيناء تتمتع بتنوع سياحي فريد وقرب جغرافي من إسرائيل، مما يجعلها وجهة مفضلة للإسرائيليين على مدار العام، لكنه أوضح أن هذا الإقبال الشعبي يتعارض مع التوجهات السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يسعى إلى توظيف كل أدوات الضغط الممكنة لدفع مصر نحو القبول بخطط تهجير الفلسطينيين.
ونوّه بأن شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي شهدت تراجعًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، حتى بين حلفائه، مما يجعله يلجأ إلى تصعيد الخطاب السياسي الخارجي للتغطية على أزماته الداخلية.
بعد تحذير إسرائيل من السفر إلى سيناء
مواضيع مشابهة: إيران تستدعي القائم بالأعمال الفرنسي احتجاجًا على تصريحات وزير الخارجية المسيئة
تهديدات أمنية حقيقية أم دوافع سياسية؟
من جانبه، قدّم الدكتور إسماعيل تركي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، قراءة مختلفة حيث قال إن التحذير يعكس رؤية إسرائيلية بأن وجود الإسرائيليين في سيناء قد يجعلهم أهدافًا محتملة لهجمات انتقامية بسبب الجرائم الإسرائيلية في غزة، خاصة في ظل حالة الغضب الشعبي الواسع الناتج عن استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع.
وأشار تركي إلى أن إسرائيل قد تكون بحوزتها معلومات استخباراتية محددة تشير إلى تهديدات وشيكة ضد رعاياها خارج الحدود، وأن طبيعة سيناء – من حيث القرب الجغرافي وسهولة الوصول – تجعلها مكانًا مرشحًا لمثل هذه العمليات.
وأوضح أن رفع درجة التحذير إلى هذا المستوى العالي يتجاوز الإجراءات الاحترازية الروتينية المعتادة، مما يُلمح إلى وجود معلومات أمنية دقيقة تعزز من دوافع التحذير، خاصة في ظل تكرار الحديث عن إحباط إسرائيل لعشرات المحاولات الإرهابية التي لم يُكشف الكثير من تفاصيلها.
سياق غزة وردود الفعل العالمية
ولم يغفل تركي الإشارة إلى أن هذه التحذيرات تأتي في سياق أكبر يتمثل في العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، وما تبعه من موجة غضب شعبية عارمة اجتاحت معظم أنحاء العالم، وقد تُترجم إلى أعمال انتقامية فردية أو جماعية تستهدف الإسرائيليين في الخارج.
وقال إن مناطق مثل شرم الشيخ وطابا وغيرها من الوجهات السياحية في جنوب سيناء تستقبل باستمرار أعدادًا كبيرة من السياح الإسرائيليين، حتى بعد صدور تحذيرات أمنية من قبل سلطات تل أبيب، مما يؤكد أن سيناء تُعد وجهة آمنة بالنسبة لهم على أرض الواقع.
بعد تحذير إسرائيل من السفر إلى سيناء
مؤشرات على تحسن الوضع الأمني
وفي السياق ذاته، شدد الدكتور إسماعيل تركي على وجود مؤشرات قوية تعكس تحسن الوضع الأمني في سيناء خلال الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى الزيارات المتكررة التي يقوم بها المسؤولون المصريون والدوليون للمنطقة.
ومن أبرز تلك المؤشرات زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مدينة العريش، إضافة إلى زيارة الأمين العام للأمم المتحدة لمعبر رفح من الجانب المصري، والعديد من الزيارات الأخرى التي تهدف جميعها إلى إرسال رسالة للعالم مفادها أن سيناء منطقة آمنة ومستقرة.
وأكد تركي أن التحذيرات الإسرائيلية قد تكون بالفعل ناتجة عن مخاوف أمنية حقيقية، إلا أنها في الوقت ذاته لا تنفصل عن السياق السياسي المتوتر، ولا عن محاولات تل أبيب للتأثير على الدور المصري في ملف التهجير، ولا عن استثمار هذه التحذيرات في تغذية مخاوف الرأي العام الداخلي الإسرائيلي بشأن السفر إلى الخارج.
واختتم حديثه بالإشارة إلى أن حجم الوجود الإسرائيلي السياحي في سيناء يجعلها دومًا محط أنظار الأجهزة الأمنية، سواء الإسرائيلية أو المصرية، لكن تبقى دوافع التحذير – في هذا التوقيت تحديدًا – مثار تساؤل، وقد تكون أداة ضغط غير مباشرة ضمن لعبة سياسية إقليمية أوسع.