دراسة تشير إلى أن إعادة إعمار غزة ستنتج حوالي 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون

أظهرت دراسة جديدة أن تكلفة التغير المناخي الناتجة عن الحرب تُعتبر منخفضة نسبيًا، بالإضافة إلى التكلفة المناخية لإعادة إعمار المناطق المتضررة، والتي تتطلب إزالة حوالي 60 مليون طن من الأنقاض السامة الناتجة عن القصف الإسرائيلي.

دراسة تشير إلى أن إعادة إعمار غزة ستنتج حوالي 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون
دراسة تشير إلى أن إعادة إعمار غزة ستنتج حوالي 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون

تقدّر الدراسات أن نقل هذه الأنقاض بالشاحنات، يليه إعادة بناء أكثر من 436000 وحدة سكنية و700 مرفق عام من مدارس ومساجد وعيادات ومبانٍ حكومية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل 5 كيلومترات من الطرق، سيؤدي إلى انبعاث حوالي 29.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.

وهذه الكمية تعادل إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة لدولة مثل أفغانستان خلال عام 2023.

إعادة إعمار غزة ستُنتج 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون

إعادة إعمار غزة ستُنتج 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون

الجدير بالذكر أن هذا الرقم الجديد لإعادة الإعمار أقل من التقديرات السابقة لنفس الفريق البحثي، بعد مراجعة متوسط حجم المباني السكنية التي دمرت خلال الحرب.

وفي تعليقها على هذه النتائج، قالت زينة آغا، محللة السياسات في “الشبكة” – وهي شبكة السياسات الفلسطينية: “هذا التقرير يُعتبر تذكيرًا صادمًا بحجم الأثر البيئي والبيولوجي لحملة الإبادة الجماعية التي تقودها إسرائيل، ليس فقط على السكان المحاصرين، بل على كوكب الأرض بأسره”

وأكدت أن هذه الحرب لا يمكن فصلها عن دور الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذين قدموا لإسرائيل دعمًا عسكريًا غير محدود، مما مكنها من شنّ عمليات التدمير في واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.

واعتبرت أن هذا يُسلط الضوء على البعد الإقليمي المُزعزع للاستقرار للدولة الاستعمارية الإسرائيلية، وارتباطها الوثيق بالمجمع الصناعي العسكري الغربي.

التوترات الإقليمية تزيد من تفاقم الأزمات المناخية

أدت الحرب على غزة إلى تصاعد التوترات الإقليمية، مما زاد من الأثر البيئي في عدة مناطق، فقد أطلق الحوثيون في اليمن ما يُقدّر بـ 400 صاروخ باتجاه إسرائيل بين أكتوبر 2023 ويناير 2025، مما أسفر عن انبعاث حوالي 55 طنًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.

لكن الرد الإسرائيلي الجوي كان أكثر تأثيرًا، حيث أسفر عن انبعاث كمية تزيد بنحو 50 ضعفًا عن هذه الكمية، ووفقًا لدراسة سابقة، أدى إغلاق الحوثيين لممر البحر الأحمر إلى ارتفاع انبعاثات الشحن العالمية بنسبة تُقدّر بـ 63% نتيجة اضطرار السفن إلى اتخاذ مسارات أطول.

أما تبادل القصف بين إسرائيل وإيران فقد خلّف، وفق تقدير متحفظ، أكثر من 5000 طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، شكلت إسرائيل وحدها مصدر أكثر من 80% منها.

وفي جنوب لبنان، أسفرت التبادلات العسكرية المتقطعة عن ما يقرب من 3747 طنًا من الانبعاثات، جاء أكثر من 90% منها من القنابل الإسرائيلية، بينما لم تتجاوز مساهمة صواريخ حزب الله نسبة 8%، ويُقدّر أن تكلفة الكربون الناتجة عن إعادة إعمار نحو 3600 منزل مدمر في جنوب لبنان تُعادل الانبعاثات السنوية لدولة مثل سانت لوسيا.

إعادة إعمار غزة ستُنتج 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون

منهجية جديدة تكشف عن أبعاد غير محسوبة في قواعد المناخ الدولية

استندت هذه الدراسة إلى ما يُعرف بـ “إطار عمل النطاق 3+”، وهو نموذج متطور يهدف إلى احتساب الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة المرتبطة بالحرب، والتي لا تُغطّيها حاليًا أنظمة الرصد والمحاسبة المناخية العالمية، ويشمل هذا النموذج عوامل مثل تدهور التربة، والحرائق، وتدمير البنية التحتية، والنزوح السكاني، وحركة المساعدات، وتحويل مسارات الشحن، والطيران المدني.

استخدم الباحثون مصادر معلومات مفتوحة، وتقارير إعلامية، وبيانات من منظمات إغاثة مستقلة، من بينها وكالات تابعة للأمم المتحدة، ومع ذلك، يُرجّح أن التكلفة البيئية الفعلية للحرب أعلى بكثير، بسبب الحصار الإعلامي الإسرائيلي الذي يُقيّد الوصول إلى بيانات دقيقة حول الأراضي الزراعية المُدمرة، والتصحر، وأعمال الإصلاح، والحرائق، وغيرها من التأثيرات المناخية الخطيرة.

الإنفاق العسكري وتأثيره على الانبعاثات

أشارت أبحاث سابقة إلى أن الانبعاثات العسكرية تزداد طرديًا مع زيادة الإنفاق العسكري والتوسع في التسلح، فقد ارتفعت الميزانية العسكرية لإسرائيل في عام 2024 إلى 46.5 مليار دولار، وهي الزيادة الأعلى على مستوى العالم بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وفقًا لإحدى المنهجيات العلمية، فإن الانبعاثات العسكرية الأساسية لإسرائيل في العام الماضي، باستثناء تكلفة الصراع المباشرة وإعادة الإعمار، بلغت 6.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهي كمية تفوق البصمة الكربونية الكاملة لدولة مثل إريتريا التي يبلغ عدد سكانها 3.5 مليون نسمة.

ورغم ذلك، تبقى الإحصاءات حول الانبعاثات العسكرية غير مُلزِمة في إطار قواعد الأمم المتحدة، إذ يُعتبر الإبلاغ عنها أمرًا طوعيًا، ويقتصر غالبًا على استخدام الوقود فقط، دون احتساب التكاليف الشاملة للحرب، ولم يسبق للجيش الإسرائيلي، مثل معظم الجيوش العالمية، أن قدّم بيانات انبعاثاته للأمم المتحدة.

إعادة إعمار غزة ستُنتج 30 طنًا من ثاني أكسيد الكربون

الحرب تدمر البشر والبيئة معًا

في ختام التحليل، قالت هديل إخميس، رئيسة مكتب تغير المناخ في سلطة جودة البيئة الفلسطينية: “الحرب لا تقتل البشر فحسب، بل تُطلق كميات هائلة من المواد الكيميائية السامة، وتدمر البنية التحتية، وتلوث الهواء والتربة ومصادر المياه، وتُسرّع وتيرة الكوارث البيئية والمناخية، كما تقوّض جهود التكيف مع التغير المناخي وتعطل خطط الإدارة البيئية، إن تجاهل الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الحروب يُمثل ثغرة خطيرة في نظام المساءلة العالمي، تُتيح للحكومات الإفلات من مسؤولية جرائمها البيئية”