موسكو تنفذ مناورات عسكرية كبيرة قرب حدود الناتو خلال الصيف

أطلقت موسكو مجموعة من المناورات العسكرية الواسعة قرب حدود حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في استعراض جديد للقوة وتهديد واضح للغرب، وسط تصاعد التوترات الإقليمية.

موسكو تنفذ مناورات عسكرية كبيرة قرب حدود الناتو خلال الصيف
موسكو تنفذ مناورات عسكرية كبيرة قرب حدود الناتو خلال الصيف

وتظهر لقطات مصورة سفنًا حربية روسية تجري تدريبات مكثفة في بحر البلطيق، الذي يُعد واحدًا من أبرز نقاط الخلاف الاستراتيجية بين روسيا والحلف.

موسكو تُجري مناورات عسكرية كبرى قرب حدود الناتو

وشملت التدريبات مواجهة الطائرات البحرية المسيّرة والطائرات بدون طيار، وذلك ضمن أولى المناورات من سلسلة تدريبات بحرية تعتزم روسيا تنفيذ “عشرات” منها خلال فصل الصيف، وفق ما أعلنت قيادة البحرية الروسية.

في أحد المشاهد البارزة، أطلقت غواصة روسية تعمل بالديزل طوربيدات على هدف يحاكي سفينة غربية، في حين استخدمت وحدات أخرى بنادق آلية من طراز AK-630 عيار 30 ملم ضد “ألغام عائمة”، في محاكاة لسيناريوهات القتال البحري الحديثة.

ويضم العرض العسكري الحالي نحو 20 سفينة حربية وسفن دعم، إلى جانب 25 طائرة ومروحية، وأكثر من 3000 جندي، بمشاركة كل من أسطولي بحر البلطيق والشمال، وبدعم من قوات الفضاء الجوية الروسية التابعة للمنطقتين العسكريتين في موسكو ولينينغراد، بالإضافة إلى نشر 70 وحدة من المعدات العسكرية والخاصة.

ووفق بيان صادر عن أسطول بحر البلطيق، فإن الهدف الرئيسي من هذه المناورات هو التدريب على “الدفاع عن القواعد البحرية الروسية”، في بحر يزداد فيه التنافس بين موسكو والناتو، خاصة بعد انضمام فنلندا إلى الحلف مؤخرًا.

وتتمتع روسيا بنفاذ مباشر إلى بحر البلطيق من خلال منطقتي لينينغراد وكالينينغراد، لكن ثماني دول من أعضاء الناتو تطل أيضًا على هذا البحر، ما يجعل المنطقة ذات حساسية متزايدة.

موسكو تُجري مناورات عسكرية كبرى قرب حدود الناتو

المجلس العسكري لأسطول البلطيق

وفي تحذير صريح للغرب، أعلن المجلس العسكري لأسطول البلطيق أن قواته ستشارك في أكثر من عشرات التدريبات على امتداد فصل الصيف، مؤكدًا أن الأولوية ستُمنح لتأمين المصالح البحرية للاتحاد الروسي في بحر البلطيق.

ويأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه البحر توترًا متزايدًا، بعد أن حاولت إستونيا خلال الشهر الجاري احتجاز ناقلة نفط كانت متجهة إلى روسيا، بدعوى أنها تتحايل على العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، وردًا على ذلك، أوقفت روسيا ناقلة نفط مملوكة لشركة يونانية كانت قد غادرت ميناءً إستونيًا مؤخرًا، ما زاد من حدة التوتر في المياه الإقليمية.

وتعززت المخاوف الغربية مؤخرًا بعدما أبلغت كل من فنلندا وإستونيا عن خروقات لمجالهما الجوي من قِبل طائرات حربية روسية، كما اعترضت مقاتلات بولندية قاذفة روسية من طراز سو-24 كانت تُجري مناورات اعتُبرت “خطيرة” في المجال الجوي الدولي فوق بحر البلطيق.

وفي تطور آخر، أعلنت بريطانيا الشهر الماضي أن طائرات تايفون تابعة لسلاح الجو الملكي أقلعت من قاعدة مالبورك في بولندا لاعتراض طائرات عسكرية روسية، من بينها طائرة استطلاع من طراز إليوشن إيل-20 إم، ومقاتلتان من طراز سو-30 إم كا آي، اقتربت من المجال الجوي لدول الناتو.

وتتزايد المخاوف أيضًا بشأن أمن الكابلات البحرية الخاصة بالإنترنت والاتصالات، إذ أطلق حلف شمال الأطلسي في يناير عملية “حارس البلطيق” بهدف تعزيز المراقبة وحماية البنية التحتية البحرية الحيوية.

ورغم استعراض موسكو لقدراتها العسكرية في البحر، تعرضت روسيا لانتكاسة في أوكرانيا، حيث تم تدمير إحدى طائراتها المقاتلة الحديثة من طراز “دان-إن” بالقرب من أوديسا، باستخدام نظام صاروخي محمول مضاد للطائرات مزود بصواريخ R-73، طُوّر بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، وأظهرت اللقطات لحظة إصابة الطائرة وإسقاطها.

موسكو تُجري مناورات عسكرية كبرى قرب حدود الناتو

خليج ديسانتنايا بمدينة فلاديفوستوك

كما نفذت أوكرانيا عملية نوعية على بعد أكثر من 6200 ميل من أراضيها، في خليج ديسانتنايا بمدينة فلاديفوستوك، مستهدفة اللواء البحري 155 التابع لأسطول المحيط الهادئ الروسي، وأسفرت الهجمات عن انفجارات متتالية في منشآت عسكرية، وأطلقت على إثرها روسيا عملية أمنية واسعة النطاق شملت عناصر من جهاز الأمن الفيدرالي، وضباط مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى استنفار سيارات الإسعاف وقوات الشرطة.

وعقب الانفجارات، تم نقل “أجسام كبيرة مغطاة بالقماش المشمع” بواسطة شاحنات تحت حماية عسكرية مشددة، فيما نفت السلطات الروسية وقوع هجوم، وأعلنت أن السبب هو انفجار أسطوانات غاز في مركبة، وهو التفسير الذي قوبل بسخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي الروسية.

في موازاة ذلك، استمرت الغارات الروسية على المدن الأوكرانية، وأسفرت إحداها عن مقتل فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات في منطقة زابوريجيا، فيما أصيبت فتاة أخرى في السادسة عشرة من عمرها، وأكد المسؤول المحلي إيفان فيدوروف أن القصف استهدف قرية في منطقة بولوغوفسكي القريبة من خط المواجهة، مستخدمًا قنابل جوية لتدمير منازل المدنيين، وأدى ذلك إلى تدمير أحد المنازل بالكامل.

وفي خيرسون، قُتل رجل يبلغ من العمر 66 عامًا إثر قصف ليلي روسي، كما أفادت تقارير بأن أوكرانيا قصفت فندقًا في منطقة ريلسك بكورسك، كان يُقيم فيه جنود روس، ما أسفر عن إصابة نحو 16 شخصًا.

وتُظهر هذه التطورات المتسارعة اتساع رقعة المواجهات بين روسيا وأوكرانيا، سواء على الصعيد الميداني المباشر أو من خلال الحرب غير التقليدية، في وقتٍ تُواصل فيه موسكو استعراض قوتها العسكرية قرب حدود الناتو، وتواجه بالمقابل ضربات نوعية ومتزايدة على جبهات عدة.