لماذا تفوقت الكرة المغربية على التونسية .. محترفون أكثر ونتائج تثبت الفارق الكبير.

اقرأ كمان: دوري أبطال أفريقيا لحظة تاريخية لنادي بيراميدز بحسب محمود مرعي
شهدت الكرة التونسية في العقدين الماضيين فترات من التألق والإنجازات القارية والعالمية، حيث تمكنت نسور قرطاج من الفوز بكأس الأمم الأفريقية عام 2004 على الأراضي التونسية، كما كانت لها مشاركات منتظمة في كأس العالم، بالإضافة إلى تواجد الأندية التونسية القوي في البطولات الأفريقية، خاصة مع القطبين “الترجي الرياضي” و”النجم الساحلي”.
لكن في السنوات الأخيرة، أصبح واضحًا تراجع مستوى الكرة التونسية على مختلف الأصعدة، سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية، مما أتاح المجال لمقارنة الوضع مع الكرة المغربية التي تعيش طفرة ملحوظة في كافة المجالات.
سباق المحترفين محسوم للمغرب
.
مواضيع مشابهة: منافسة كتالونية مدريدية وتفاصيل المرشحين لجائزة أفضل مدرب ولاعب في إسبانيا
تعتبر وفرة اللاعبين المحترفين المغاربة في أقوى الدوريات الأوروبية من أبرز علامات تفوق الكرة المغربية في الوقت الحالي، حيث يعتمد أسود الأطلس بشكل شبه كامل على محترفين في أكبر الأندية العالمية، مثل “براهيم دياز” نجم ريال مدريد الإسباني، و”أشرف حكيمي” نجم باريس سان جيرمان، و”نصير مزراوي” لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي، و”نايف أكرد” مدافع ويست هام يونايتد الإنجليزي، والقائمة تطول.
الكرة التونسية في أزمة.. كيف تفوقت المغرب بوضوح في سباق التطور
.
في المقابل، تعاني نسور قرطاج من نقص واضح في عدد المحترفين في الدوريات الأوروبية الكبرى، حيث ينشط أغلب المحترفين التونسيين في دوريات متوسطة أو ضعيفة مثل الدوري المصري أو القطري أو التركي أو السعودي، ولا يوجد حضور قوي في الدوريات الأوروبية الكبرى كما كان في السابق، باستثناء بعض الحالات الفردية مثل “وهبي الخزري” سابقًا، وتعكس هذه الفجوة في الكم والنوع من اللاعبين المحترفين تفوق المنظومة المغربية في إعداد وتصدير اللاعبين للمستوى العالمي، مما ينعكس بشكل مباشر على أداء المنتخب.
أما على صعيد المشاركات، فقد تمكن المنتخب المغربي من تحقيق إنجاز تاريخي بوصوله إلى نصف نهائي كأس العالم 2022 التي أقيمت في العاصمة القطرية الدوحة، ليصبح أول منتخب أفريقي وعربي يصل إلى هذا الدور، مما وضع الكرة المغربية في صدارة المشهد العالمي.
بينما تونس، على الرغم من تأهلها المنتظم إلى كأس العالم في خمس مشاركات حتى الآن، إلا أنها لم تتجاوز الدور الأول في أي من تلك المشاركات باستثناء فوز معنوي على وصيف بطل العالم في النسخة الأخيرة “فرنسا”، مما يسلط الضوء على محدودية الطموحات مقارنة بما يقدمه المغرب.
وعلى مستوى الأندية، فالوضع لا يختلف كثيرًا، حيث توجت الأندية المغربية بلقب دوري أبطال أفريقيا مؤخرًا عبر “الوداد”، والكونفدرالية عبر “نهضة بركان” و”رجاء كازابلانكا”، بينما تراجع أداء “الترجي” و”النجم” وحتى “الأفريقي”، حيث خرجت هذه الأندية مبكرًا من أدوار متقدمة دون قدرة على التتويج القاري، مع مشاكل إدارية ومالية تؤثر على الاستقرار الفني.
تطوير البنية التحتية والاهتمام بالمراحل السنية سلاح المغرب للمستقبل
.
استثمر الاتحاد المغربي لكرة القدم بقيادة “فوزي لقجع” بشكل كبير في البنية التحتية، من خلال إطلاق أكاديمية محمد السادس التي أصبحت واحدة من أهم مشاريع تطوير المواهب في القارة الأفريقية، بالإضافة إلى تطوير الملاعب، وتنظيم معسكرات تدريبية على أعلى مستوى، فضلاً عن احترافية الإدارة ودعم الدولة للرياضة كواجهة للبلاد.
بينما تعاني الكرة التونسية من أزمات متكررة داخل اتحاد الكرة، بجانب مشاكل في البنية التحتية، وغياب الاستثمار في الفئات السنية، مما أدى إلى وجود عجز واضح في إنتاج جيل جديد قادر على استكمال ما بدأته الأجيال الذهبية، وهو ما ساهم في ضعف قاعدة الاختيار للمنتخب.
هوية مغربية مستقرة واستغلال مثالي للقدرات
.
ظهر المنتخب المغربي بقيادة مدربه الوطني “وليد الركراكي” بهوية واضحة، مع دمج مثالي بين المهارات الفردية والانضباط الجماعي، واستخدام مثالي للقدرات البدنية والفنية للاعبين المحترفين، حيث انخرط الجميع في الفريق، مما ظهر جليًا في التطور الواضح لأسود الأطلس.
بينما لا يزال المنتخب التونسي يعتمد على أسلوب تقليدي يفتقر إلى الابتكار، مع تبدلات متكررة في الجهاز الفني وعدم وجود مشروع كروي متكامل أو هوية واضحة داخل الملعب، مما جعله يظهر بشكل باهت في البطولات الكبرى مؤخرًا.
في الختام، يبقى الفارق بين الكرة المغربية والتونسية في السنوات الأخيرة واضحًا، فالتباين لا يعود فقط إلى الأسماء أو النتائج، بل إلى مشروع متكامل قائم على التطوير والاستثمار والرؤية المستقبلية، بينما تعيش الكرة التونسية نوعًا من الجمود الإداري والفني، مع غياب واضح لخطط التطوير طويلة المدى.