في قلب سوق الأنصاري بمحافظة السويس، يبرز اسم “أم أحمد”، تلك السيدة البسيطة التي أصبحت رمزًا للكفاح والصبر، وأيقونة للمرأة المصرية الأصيلة التي لم تنحنِ أمام صعوبات الحياة، قضت أكثر من 40 عامًا في بيع الأسماك، ورحلتها الطويلة بدأت منذ شبابها عندما قررت الاعتماد على نفسها لتربية أبنائها وتعليمهم، وسط ظروف معيشية صعبة وأعباء ثقيلة.

مقال مقترح: الترم الأول 15 أسبوعاً والخريطة الشاملة للعام الجامعي 2025
تبدأ يومها الفجر لجلب الأسماك
تقول «أم أحمد» إنها تبدأ يومها من الفجر، وغالبًا ما تنزل إلى السوق في الساعة السادسة صباحًا، وتتجه مباشرة إلى ميناء الأتكة، الميناء المخصص لصيد الأسماك في السويس، لتشتري البضاعة الطازجة من الصيادين، ثم تعود إلى سوق الأنصاري، حيث تفترش مكانًا بسيطًا وتعرض أسماكها، وتظل تعمل حتى صلاة العشاء دون كلل أو ملل، خلال فصل الصيف متحدية حرارة الشمس أو في برد الشتاء، لم تغب أم أحمد يومًا عن السوق، فعملها هو مصدر رزقها الوحيد.
امتهنت مهنة الرجال
ورغم أن مهنة بيع الأسماك تُعد من أكثر المهن مشقة وتتطلب جهدًا بدنيًا كبيرًا، إلا أن أم أحمد أثبتت أن المرأة قادرة على القيام بأعمال كان يُظن أنها حكر على الرجال، فهي تتحمل يوميًا حمل صناديق الأسماك، وتنظيفها، وترتيبها، والتعامل مع الزبائن، في بيئة عمل قاسية ورائحة قوية لا يتحملها الكثيرون، لكنها لم تتردد يومًا، ولم تضعف، بل واجهت هذا التحدي بإرادة صلبة وقوة تفوق الوصف.
واجهت تحديات كثيرة
لم تكن الحياة سهلة معها، فقد واجهت تحديات كثيرة، بداية من تربية أبنائها بعد وفاة زوجها، مرورًا بسداد الديون التي تراكمت عليها، ووصولًا إلى تحمّل قسوة المهنة، ومع ذلك، لم تشتكِ يومًا، بل كانت دومًا مثالًا للعزيمة والإصرار، ووجهًا بشوشًا يعرفه كل من يمر بالسوق.
علمت أم أحمد أولادها أن الشرف في العمل، وأن الكفاح لا يُخجل، بل هو فخر للإنسان، وقد نجحت في تعليمهم وإعدادهم لحياة أفضل، وظلت تسير بخطى ثابتة نحو هدفها، دون أن تطلب شيئًا من أحد.
نفسها تحج لبيت الله الحرام
ورغم السنين الطويلة التي قضتها في العمل والتعب، لا يزال في قلبها حلم بسيط تتمنى تحقيقه: أن تؤدي فريضة الحج أو تعتمر قبل أن تغادر الدنيا، حلم لا تراه بعيدًا، بل تردده في دعواتها اليومية، لعل الله ييسر لها الطريق كما يسر لها سنوات الكفاح
مواضيع مشابهة: الدقهلية ومطروح تتعاونان لعرض منتجات محلية ذات جودة عالية
أم أحمد ليست فقط بائعة أسماك، بل هي قصة حقيقية عن المرأة المكافحة التي لا تستسلم، والتي تقدم درسًا في الصبر والعمل الشريف لكل الأجيال.