تسعى الحكومة المصرية والبنك المركزي إلى إصدار المزيد من الصكوك المتوافقة مع أحكام الشريعة بالعملتين المحلية والأجنبية، وذلك لتعظيم الاستفادة من أدوات التمويل الإسلامي في القطاع المصرفي، حيث تهدف هذه الخطوة إلى تنويع مصادر التمويل وتخفيف عبء عجز الموازنة.

مقال مقترح: وزير الاستثمار يؤكد أن منصة «الكيانات الاقتصادية» ستشمل جميع مراحل حياة المشروع
خلال السنوات الثلاث الماضية، لاقت الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية اهتمامًا كبيرًا في العديد من الأسواق، خصوصًا الخليجية، حيث أثبتت كفاءتها كأداة فعالة لتمويل المشاريع الكبرى، سواء كانت عقارية أو صناعية أو خدمية، وتتميز هذه الصكوك بانخفاض المخاطر وطول آجال التمويل، مما يجعلها جذابة لفئات جديدة من المستثمرين الباحثين عن بدائل تمويل تتماشى مع الشريعة.
شوف كمان: استنفار أجهزة المدن الجديدة وتأثيره على مشروعات الإسكان والخدمات
وصل حجم إصدارات الصكوك في السوق المصري بحلول مارس 2025 إلى حوالي 112 مليار جنيه، بما في ذلك الصك السيادي وصكوك الشركات، حيث تم إصدار 8 صكوك حتى نهاية مارس 2025 بقيمة 22.8 مليار جنيه، وتجري حاليًا دراسة أكثر من 6 إصدارات جديدة في السوق المصري، مع التحضير للعديد من الإصدارات للشركات الكبرى في القطاعين الصناعي والتمويلي.
من المتوقع إصدار صك سيادي بالعملة المحلية وفق مجموعة من البرامج بالسوق المصري لتمويل مشاريع الموازنة العامة للدولة، وذلك وفق عقد إجارة المنافع، كما يتم الإعداد لصك دولي بالدولار بقيمة حوالي مليار دولار.
يوجد في السوق المصري 17 صندوقًا استثماريًا تعمل وفق الضوابط الشرعية، بالإضافة إلى 7 شركات تأمين تكافلي وشركتين للتمويل العقاري تتوافق مع الضوابط الشرعية، كما يوجد حوالي 7 شركات تقدم خدمات التمويل متناهي الصغر والاستهلاكي ومتوسط، وتبلغ قيمة العمليات المالية غير المصرفية بخلاف الصكوك حوالي 25 مليار جنيه، وهو رقم قيد التدقيق.
إصدار تاريخي بقيمة 1.5 مليار دولار
في عام 2023، أصدرت وزارة المالية المصرية أول صكوك إسلامية سيادية بالدولار بقيمة 1.5 مليار دولار، محققة معدل تغطية تجاوز أربعة أضعاف قيمة الطرح، حيث بلغت طلبات الاكتتاب 6.1 مليار دولار، مما يعكس ثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد المصري، على الرغم من التحديات الإقليمية والدولية.
أداة لمواجهة عجز الموازنة
مع استمرار الضغوط الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع عوائد السياحة، والانخفاض المؤقت في دخل قناة السويس، لجأت الحكومة المصرية إلى إصدار الصكوك بالجنيه لتمويل عجز الموازنة، وقد أعلنت وزارة المالية نيتها طرح أول صكوك إسلامية محلية خلال الربع الأول من عام 2025، في إطار خطة شاملة لزيادة الموارد.
دور البنوك في هيكلة الإصدارات
أسندت وزارة المالية المصرية في الشهر الماضي مهمة إدارة إصدار الصكوك السيادية المقبلة إلى خمسة بنوك محلية، بقيمة تتراوح بين مليار و1.5 مليار دولار، في إصدار مرتقب خلال الربع الثاني من 2025.
تلعب البنوك ثلاثة أدوار رئيسية في عملية إصدار الصكوك:
وكيل الإصدار: يتولى مسؤولية إدارة الطرح نيابة عن الجهة المصدرة
مشتري الصكوك: حيث تدخل البنوك أو مؤسسات مالية كبرى كمستثمرين
أمين الاستثمار: جهة رقابية لحماية حقوق حملة الصكوك، ومتابعة استخدام حصيلة الطرح
تنسيق مع صندوق النقد
في إطار سعي الحكومة لتقليص العجز وتحقيق الاستقرار المالي، حث صندوق النقد الدولي مصر على ترشيد الإنفاق على المشروعات العامة، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، وحددت الدولة سقفًا للإنفاق العام عند تريليون جنيه سنويًا، لأول مرة في تاريخها.
صرّح الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية، بأن الوزارة تعمل على توسيع نطاق أدوات السياسات المالية، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز تنافسية الاقتصاد.
توقعات بعجز أقل
أظهرت بيانات وزارة المالية تراجع العجز الكلي في الموازنة إلى 2.12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2024-2025، مقارنة بـ3.26% في نفس الفترة من العام الماضي، مدعومًا بزيادة الإيرادات وتحسن المؤشرات الاقتصادية.
تستهدف مصر خفض عجز الموازنة إلى 7.3% بنهاية العام المالي الجاري، بعد أن سجلت 3.6% في العام المالي السابق.
نافذة للتمويل النظيف والجاذب
تُعتبر الصكوك الإسلامية من أهم الموارد المالية التي تلبي احتياجات شريحة واسعة من المستثمرين والمؤسسات التي تبحث عن أدوات تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتوفر في ذات الوقت سيولة مرنة للدولة دون الحاجة إلى اللجوء إلى أدوات الدين التقليدية ذات الطابع الربوي.
مع توسع الدولة في هذا النوع من التمويل، وزيادة إقبال القطاع المصرفي المحلي والعربي، تفتح الصكوك الإسلامية آفاقًا جديدة أمام مصر لتنويع أدواتها التمويلية وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني.