مصر تعيد استيراد الغاز الإسرائيلي بمعدل 800 مليون قدم مكعب يوميًا

أفاد مصدر مطلع في قطاع البترول بأن واردات مصر من الغاز الطبيعي الإسرائيلي قد عادت إلى مستوياتها الطبيعية، حيث بلغت نحو 800 مليون قدم مكعب يوميًا اعتبارًا من مساء السبت، بعد أن شهدت انخفاضًا حادًا إلى حوالي 300 مليون قدم مكعب يوميًا خلال الأسبوعين الماضيين بسبب أعمال الصيانة التي أجريت في الجانب الإسرائيلي منذ 20 مايو.

مصر تعيد استيراد الغاز الإسرائيلي بمعدل 800 مليون قدم مكعب يوميًا
مصر تعيد استيراد الغاز الإسرائيلي بمعدل 800 مليون قدم مكعب يوميًا

مركز إقليمي للطاقة

رغم امتلاك إسرائيل احتياطيات ضخمة من الغاز في البحر المتوسط، إلا أنها تعاني من نقص في البنية التحتية اللازمة لتصدير الغاز إلى الأسواق العالمية، سواء عبر معامل التسييل أو خطوط النقل المتاحة، بينما تمتلك مصر بنية تحتية متكاملة تشمل معامل تسييل الغاز الطبيعي في إدكو ودمياط، بالإضافة إلى شبكة نقل داخلية وخطوط أنابيب إقليمية، مثل خط “العريش – عسقلان”، الذي يُعتبر من أكبر خطوط الأنابيب في المنطقة، كما أن مصر تمتلك موانئ تصديرية متطورة تتيح لها نقل الغاز إلى أوروبا وآسيا، مما يجعلها الخيار الأمثل لإسرائيل لتسييل الغاز وتصديره.

صفقة وتعاون

بدأت مصر في استيراد الغاز الإسرائيلي بغرض التسييل وإعادة التصدير في عام 2020، وذلك بموجب صفقة بلغت قيمتها 15 مليار دولار بين شركتي “ديليك دريلينغ” الإسرائيلية و”نوبل إنرجي” (التي استحوذت عليها “شيفرون”)، وقد وضعت هذه الصفقة مصر في قلب معادلة الطاقة في المنطقة، حيث لم تعد مجرد مستهلك أو مصدر للطاقة، بل أصبحت مركز عبور ومعالجة وتصدير للطاقة القادمة من شرق المتوسط.

استئجار سفن تغويز لتعويض الفجوة

نظرًا لتزايد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، اضطرت مصر لاستئجار سفن تغويز عائمة (FSRU) خلال الأشهر الماضية، بهدف استيراد شحنات من الغاز الطبيعي المسال وتحويلها إلى حالتها الغازية لاستخدامها في الشبكة المحلية، ويأتي ذلك في وقت لم تعد فيه معامل التسييل كافية لتلبية الاحتياجات المحلية، مما استدعى اللجوء إلى حلول سريعة ومكلفة لضمان استمرار توليد الكهرباء وتزويد الصناعات الحيوية بالوقود.

تأثير العودة على الصناعات المحلية

مع استئناف ضخ الغاز الإسرائيلي، تم رفع الإمدادات الموجهة لمصانع الأسمدة والميثانول في مصر إلى 70% من معدلاتها المعتادة، بعد أن تم خفضها بنسبة 50% منذ 20 مايو، وتعتبر مصانع الأسمدة والبتروكيماويات من أكبر مستهلكي الغاز في القطاع الصناعي، حيث تستهلك نحو 35% إلى 40% من إجمالي استهلاك الغاز في مصر، مما يعادل ربع الاستهلاك اليومي للغاز في البلاد، وبالتالي فإن أي تعديل في تدفقات الغاز يؤثر بشكل مباشر على كفاءة هذا القطاع الحيوي الذي يدعم الزراعة والصناعات التصديرية.

الاستيراد لتغطية الفجوة

مع انخفاض الإنتاج المحلي، تواصل مصر خططها لاستيراد الغاز الطبيعي المسال حتى العام المالي 2029-2030 لضمان تلبية احتياجات محطات الكهرباء والقطاع الصناعي، خصوصًا خلال فترات الذروة الصيفية، وفي المقابل، كثفت الشركات الأجنبية عمليات الاستكشاف والإنتاج في مصر بعد أن قدمت الحكومة حوافز جديدة، منها السماح بتصدير جزء من الإنتاج واستخدام عوائد التصدير في سداد مستحقات الشركات الأجنبية، بالإضافة إلى رفع سعر شراء حصة الشريك الأجنبي من الإنتاج الجديد.

مفتاح الاستقرار الإقليمي

تتجلى أهمية مصر كمركز إقليمي للطاقة في الشرق المتوسط من خلال بنيتها التحتية المتطورة، التي تشمل معامل التسييل وخطوط الأنابيب المترابطة مع العديد من الأسواق الإقليمية والدولية، بينما تواجه إسرائيل تحديات لوجستية وفنية تتعلق بتصدير الغاز، مما يجعل مصر اللاعب الأساسي في عملية تسييل الغاز الإسرائيلي وضمان تدفقه إلى الأسواق العالمية.