يستغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انشغال العالم بالحرب المستمرة في قطاع غزة، حيث يوجه أنظاره إلى الضفة الغربية التي كانت تعاني من عدم الاستقرار أصلاً، في مسعى لتعزيز خطواته الرامية إلى ضم أجزاء واسعة منها إلى إسرائيل بشكل فعلي.

ممكن يعجبك: بيونج يانج تعتقل 3 مسئولين بعد تحطم “مدمرة” حربية
تحركات سرية لضم الضفة الغربية
وحذر تقرير إسرائيلي حديث، نشرته صحيفة “هآرتس”، من نية نتنياهو المعلنة والساعية بهدوء لتسريع عملية ضم الضفة الغربية بحكم الواقع، حيث اعتبر التقرير أن هذه الخطة ليست مجرد خطوة سياسية داخلية، بل تمثل تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي، كما تهدد فرص تحقيق السلام في المنطقة.
شوف كمان: كواليس جبهات القتال وأوامر بوتين لوقف العمليات غير المبررة في أوكرانيا
وأوضح التقرير أن هذه الجهود ليست جديدة، بل تعود إلى ما قبل 7 أكتوبر الماضي، لكن الأحداث الأخيرة والحرب في غزة أعطت دفعة قوية لهذه الخطوات، مستغلة الظروف الدولية والإقليمية، خاصة وجود الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض، حيث سعى نتنياهو إلى استغلال هذه الفترة لتعزيز موقفه في الضفة.
كما أشار التقرير إلى أن جهود الضم بدأت تتبلور من خلال عدة خطوات ملموسة، على رأسها الإعلان عن بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى السعي لإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية المعزولة التي تعتبر غير قانونية حتى وفق القانون الإسرائيلي نفسه، فضلاً عن توسيع شبكة الطرق التي تخترق الضفة الغربية، مما يعزز من السيطرة الإسرائيلية على الأراضي ويكرّس واقعاً جديداً على الأرض.
استراتيجية ممنهجة بدون حقوق للفلسطينيين
وأكد التقرير أن هذه الخطوات لا تقف منفصلة عن بعضها، بل تجري بالتوازي كجزء من استراتيجية شاملة وممنهجة تهدف إلى فرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية.
في المقابل، لا تشمل هذه الاستراتيجية أي منح للفلسطينيين في المناطق المتضررة حقوقاً مدنية أو سياسية، مثل الجنسية الإسرائيلية أو حق التصويت، مما يؤكد أن الهدف هو فرض السيطرة دون إضفاء أي حقوق أو امتيازات للفلسطينيين.
كما نوّه التقرير إلى أن منع إسرائيل لوفد وزاري يضم وزراء خارجية عرب من زيارة مدينة رام الله يعكس بشكل واضح حجم التوتر والرفض الإسرائيلي لأي خطوات دبلوماسية من شأنها دعم الفلسطينيين أو الضغط على إسرائيل.
وحذر من أن تسارع خطة نتنياهو في ضم الضفة الغربية قد يؤدي إلى صدامات مع حكومات أوروبية وعربية، وربما تصل إلى توترات مع الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، رغم العلاقة الوثيقة بين نتنياهو وواشنطن في بعض الفترات.
قرار تاريخي ببناء 22 مستوطنة جديدة
في سياق متصل، كانت الحكومة الإسرائيلية قد أقرّت الخميس الماضي قراراً مثيراً للجدل يقضي بإنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، منها أربع مستوطنات تقع على الحدود مع الأردن، في خطوة وصفها مسؤولون إسرائيليون بأنها “التاريخية والأكثر أهمية منذ عام 1967”.
وقد قدم القرار وطرح على الطاولة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بالتعاون مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين وصفا القرار بأنه سيعزز السيطرة الاستراتيجية على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، ويُلغي رسمياً قانون فك الارتباط بشمال الضفة، وهو القانون الذي كان يقضي بفصل الضفة عن الحدود مع إسرائيل في بعض المناطق.
ويتضمن القرار إقامة مستوطنات جديدة بالكامل، إضافة إلى تقنين البؤر الاستيطانية القائمة بالفعل والتي شُيدت بدون تصريح رسمي من الحكومة الإسرائيلية، مما يعكس رغبة واضحة في تثبيت حقائق جديدة على الأرض تتعارض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
خلفية النزاع
يذكر أن إسرائيل سيطرت على الضفة الغربية، التي تعتبرها السلطة الفلسطينية جزءاً أساسياً من دولتهم المستقبلية، في حرب عام 1967، ومنذ ذلك الحين لا تزال المنطقة مسرحاً لصراعات مستمرة بين الطرفين، وسط محاولات فلسطينية لإنهاء الاحتلال وتحقيق دولة مستقلة، بينما تتصاعد المستوطنات وتزداد السيطرة الإسرائيلية تدريجياً، مما يعقد فرص السلام ويزيد من التوترات الإقليمية والدولية.