في ظل استمرار الحرب وتوسع العمليات العسكرية في قطاع غزة والجبهتين الشمالية والضفة الغربية، يواجه الجيش تحديًا كبيرًا يتمثل في الضغط الهائل على نظام قوات الاحتياط، مما دفع القيادة العسكرية إلى إجراء مراجعة شاملة لنموذج الخدمة الحالي الذي بات يُثقل كاهل الجنود والضباط على حد سواء، ويهدد بتآكل القدرات البشرية والتنظيمية للجيش.

اقرأ كمان: أحمد الشرع يجتمع بوزير الخارجية السعودي لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين
خطط لإعادة توزيع العبء
بدأت مديرية الموارد البشرية في دراسة خطة جديدة تهدف إلى إعادة هيكلة الخدمة الاحتياطية، وتشير التقديرات الأولية إلى أن الجنود قد يُجبرون على قضاء ما لا يقل عن شهرين سنويًا في الخدمة، حتى في أكثر السيناريوهات تحفظًا، ما لم يتم التوسع في التجنيد الإجباري.
تزداد الأزمة تعقيدًا مع فشل تمرير قانون تجنيد طلاب المدارس الدينية بسبب اعتراضات الأحزاب الدينية المتشددة، والتي تُهدد بزعزعة الاستقرار داخل الائتلاف الحكومي.
نموذج 2023 تحت الضغط
منذ أواخر عام 2023، اعتمد الجيش نموذجًا جديدًا يُلزم جنود الاحتياط المقاتلين بالخدمة لمدة 72 يومًا سنويًا، تُقسم على فترات من النشاط والراحة، غير أن التصعيد العسكري الأخير في غزة قلب المعادلة، إذ تم استدعاء ألوية احتياطية كانت مُجدولة لحالة تأهب فقط، لتغطية الفجوات الناتجة عن ضعف انتشار القوات النظامية.
استدعاءات عشوائية واستنزاف ميداني
دفع الانتشار البطيء للوحدات النظامية، خصوصًا في الجنوب، الجيش إلى تعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط بشكل عاجل لتأمين جبهات الشمال والضفة الغربية، مما فرض ضغطًا مضاعفًا على القادة، وأدخل القوات في حالة من الإرهاق الميداني والنفسي غير المسبوق.
ضبابية الخدمة تُربك الجنود
بحسب مصادر عسكرية، يُعاني الجنود من حالة تُعرف بـ”الضبابية الوظيفية”؛ فهم ليسوا في حالة خدمة كاملة، ولا في إجازة فعلية، مما يُبقيهم في حالة تأهب دائم، وقد وصف أحد الضباط الوضع بالقول: “هم لا يخدمون فعليًا، ولا يعودون لحياتهم العادية.. وهذا يُربك كل خريطة الانتشار”
تدرس القيادة اقتراحًا جديدًا يُقسم الخدمة السنوية إلى فترات أقصر تتراوح بين 3 إلى 4 أسابيع، تتكرر كل عدة أشهر، وتهدف هذه الخطة إلى تقليل الانقطاع الطويل عن الحياة المدنية، مع الحفاظ على إجمالي عدد أيام الخدمة، وقد تُساعد الخطة في تخفيف الضغط النفسي والوظيفي، لكنها تتطلب تعديلات تنظيمية ومالية.
خسارة الامتيازات المالية
قد يُنهي النموذج الجديد ما يعتبره البعض “امتيازًا مزدوجًا”، حيث يستغل بعض الجنود فترات الراحة لمزاولة أعمال مدنية، مع استمرارهم في تقاضي رواتب عسكرية، وكانت هذه الممارسة تمثل نقطة جدل داخل المؤسسة العسكرية، خصوصًا في ظل القيود المالية المتزايدة.
اقرأ كمان: ترامب يحذر نتنياهو من استهداف إيران ويشير إلى قرب التوصل لاتفاق شامل معها
تصاعد غير مسبوق في فترات الخدمة
منذ 7 أكتوبر، تضاعفت مدة خدمة قادة السرايا والكتائب أربع مرات مقارنة بالسنوات السابقة، وكثير منهم باتوا يقضون معظم وقتهم في الميدان، مما أثار قلقًا واسعًا داخل المؤسسة العسكرية بشأن استدامة هذا النمط.
الجيش أمام مفترق طرق
في ظل هذا المشهد المضطرب، يقف الجيش الإسرائيلي أمام مفترق طرق: إما اتخاذ قرارات جريئة لإعادة هيكلة الخدمة وتخفيف الضغط، أو مواجهة خطر تفكك تدريجي لقوات الاحتياط، التي تُعد حجر الأساس في إدارة النزاعات الممتدة والمعقدة
الحل المقترح هو تمديد مدة الخدمة الإلزامية للمجندين إلى 36 شهرًا، وتوسيع قاعدة التجنيد لتشمل شرائح أوسع من المجتمع، وتسريح آلاف آخرين بسبب اضطراب ما بعد الصدمة.