يستعد ضيوف الرحمن من بعثة حج الجمعيات الأهلية، للنفرة من مشعر عرفات إلى مزدلفة مع غروب الشمس، في مشهد إيماني عظيم يجسد الركن الأعظم من مناسك الحج.

مقال له علاقة: مباحثات بين مصر والسويد لتعزيز الدعم للجرحى الفلسطينيين
ومن المقرر أن يتوجه الحجاج إلى مزدلفة بعد أداء صلاتي المغرب والعشاء جمعا وقصرا، وجمع حصى الجمرات، اقتداء بسنة النبي ﷺ، حيث سيقضون ليلتهم هناك حتى منتصف الليل.
ويأتي هذا ضمن الترتيبات التنظيمية التي وضعتها البعثة بالتنسيق مع الجانب السعودي، لضمان سهولة تحرك الحجاج وسلامتهم خلال النفرة.
وبعد المبيت في مزدلفة، يواصل الحجاج رحلتهم إلى مشعر منى في الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك، لرمي جمرة العقبة الكبرى واستكمال باقي مناسك الحج.
وأكد أيمن عبد الموجود، رئيس بعثة حج الجمعيات الأهلية، أن جميع الحجاج بخير ويتمتعون بحالة صحية ومعنوية مرتفعة، لافتا إلى أن البعثة بدأت فعليا مراجعة خطة النفرة من عرفات إلى مزدلفة، لضمان انسيابية التحرك وسهولة انتقال الحجاج في التوقيتات المقررة، وبما يتماشى مع الضوابط والإجراءات المعتمدة لموسم الحج الحالي.
وذكر عبد الموجود، أن الأمور تسير بشكل منتظم ومستقر داخل مشعر عرفات، مشيرًا إلى أن جميع الحجاج بخير، ويؤدون مناسك الركن الأعظم وسط أجواء روحانية هادئة وتنظيم دقيق، مشيرا إلى أن بعض الحجاج سيتوجهون مباشرة إلى مكة المكرمة لأداء طواف الإفاضة، ثم يعودون إلى منى لاستكمال رمي الجمرات في أيام التشريق، فيما يفضل البعض الآخر بدءًا برمي الجمرة الكبرى في منى أولا، ثم أداء الطواف لاحقا، وذلك بحسب التنظيم والتيسيرات المتاحة لكل فوج.
وقال عبد الموجود، إن الخدمات المقدمة هذا العام شهدت تحسنا ملحوظا، خصوصا في مشعر عرفات، من حيث جودة الخيام، وتكييفها، ووسائل النقل، والوجبات الغذائية، موضحا أن هذه التحسينات تأتي في إطار منظومة متكاملة تهدف إلى رفع كفاءة الخدمة في كل التفاصيل.
ومن الجدير بالذكر، أن في قلب عرفات، تبلغ الروحانية ذروتها وتتشوق القلوب إلى المغفرة، بدت مخيمات حجاج الجمعيات الأهلية وكأنها واحة من السكينة وسط الزحام، يغمرها هدوء خاص وتعلو فيها نداءات التلبية والدعاء دون انقطاع.
منذ الساعات الأولى من اليوم، تتردد في الأرجاء أصوات التلبية كأنها لحن سماوي متواصل:
“لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك…”
رغم وجود الآلاف في المخيمات، إلا أن كل حاج بدا وكأنه في عالمه الخاص، يناجي ربه بقلبه قبل لسانه، وكأن لا شيء يحيط به سوى رحمات السماء، حالة روحانية خالصة، تعزل الحاج عن ضجيج الأرض، لا صوت يعلو فوق صوت التضرع، ولا حركة تتقدم على لحظة الرجاء، الدعوات تتنوع، لكن الهدف واحد: القبول والرضا والمغفرة، وتتشابه النظرات المرتفعة إلى السماء، مهما اختلفت المحافظات والانتماءات
بين دعوات فردية وجماعية، تسود في المخيمات حالة من الصفاء، حيث لا مجال للجدال أو الانشغال بشيء سوى التقرّب إلى الله، تتردد الأدعية بخشوع، بعضها للآخرة، وبعضها للأهل والوطن، وأخرى تكشف عن أمنيات إنسانية بسيطة لكنها عميقة.
ورغم الطابع الروحي الطاغي، لم تغب الجوانب التنظيمية التي وفرتها وزارة التضامن الاجتماعي، بدءًا من الإعاشة والرعاية الصحية، مرورًا بمشرفين يرافقون الحجاج على مدار الساعة، وحتى تنظيم الدخول والخروج من عرفات بانتظام وهدوء.
المشاهد الإنسانية كانت حاضرة بقوة، من حاجٍ يرفع يديه باكيًا، إلى أخرى تتأمل السماء بصمت طويل، وكأنها تبوح بسرٍ لا يُقال، الكل في خلوته القلبية، والكل يحمل ما بين قلبه ولسانه أمنية يأمل أن تلامس أبواب السماء المفتوحة في هذا اليوم العظيم.
مقال مقترح: توقعات بوفاة زعيم عربي ووقوع كوارث طبيعية في 2025 وفقًا لعبد اللطيف
كلما اقترب الغروب، ازدادت الخشوعات عمقًا، وازدادت الدعوات حرارة، اللحظات الأخيرة من يوم عرفة بدت كما لو أنها توقفت فيها عقارب الزمن، فالكل ينتظر رحمة، أو مغفرة، أو لحظة قبول.