وثائق سرية تكشف عن أوامر استخباراتية لخطف أطفال المعتقلين خلال حكم الأسد

بعد مرور ستة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، لا يزال آلاف السوريين يعيشون في معاناة الفقد والبحث المستمر عن ذويهم، وخصوصًا الأطفال الذين فُقدوا خلال سنوات الحرب الطويلة، وتُقدّر أعداد الأطفال المفقودين بنحو 3700، وفقًا لتحقيق نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

وثائق سرية تكشف عن أوامر استخباراتية لخطف أطفال المعتقلين خلال حكم الأسد
وثائق سرية تكشف عن أوامر استخباراتية لخطف أطفال المعتقلين خلال حكم الأسد

تشير الوثائق والمحادثات مع معتقلين سابقين، بالإضافة إلى تأكيدات الحكومة السورية الحالية، إلى أن ما لا يقل عن 300 طفل تم فصلهم قسريًا عن عائلاتهم خلال فترة الحرب، وتم نقلهم إلى دور الأيتام بناءً على أوامر من أجهزة أمن النظام السابق.

أوامر استخباراتية.. واحتجاز في دور الأيتام

تظهر سجلات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية بوضوح أن نقل أطفال المعتقلين إلى دور الأيتام لم يكن حالات فردية، بل كانت ممارسة رسمية، حيث تضمنت ملفات الوزارة بلاغات سرية من أجهزة المخابرات تأمر بنقل الأطفال إلى أربعة مراكز رئيسية في دمشق.

وفي هذا السياق، صرح المتحدث باسم الوزارة، سعد الجابري، بأن الوزارة تمكنت من تتبع أثر نحو 300 طفل، لكنه أشار إلى احتمال فقدان العديد من الوثائق خلال سنوات الحرب والفوضى، مما يعيق الكشف الكامل عن مصير آلاف آخرين.

قال الجابري: “الإجابات قد تكون في أماكن أخرى.. هناك العديد من المقابر الجماعية”.

SOS تُسلط الضوء من جديد

عادت عائلات سورية، بعد تشتتها في المنافي، لتوجه أنظارها نحو مؤسسات مثل “قرى الأطفال SOS”، التي أصدرت بيانًا يعترف باستقبالها 139 طفلًا بين عامي 2014 و2018، وكان معظمهم بدون وثائق رسمية.

طالبت المؤسسة السلطات السورية بعدم إيداع المزيد من الأطفال لديها، مشيرة إلى أن غالبية الأطفال تم تسليمهم مجددًا للنظام السابق، دون أن تتوفر معلومات دقيقة عن مصيرهم بعد ذلك.

112 ألف معتقل لا يزالون في عداد المفقودين

بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ما زال أكثر من 112 ألف شخص اختفوا قسرًا منذ اندلاع الثورة في عام 2011، وهذا الرقم الضخم، على الرغم من محدودية عدد سكان سوريا مقارنة بدول أخرى، يعكس حجم الانتهاكات الممنهجة التي ارتكبت خلال عهد الأسد.

هذا الرقم يتقاطع مع إحصائيات عالمية أخرى، مثل أعداد المختفين في حروب المخدرات بالمكسيك، مما يسلط الضوء على البعد الإنساني العميق للأزمة السورية.

هيئات جديدة.. وعدالة مؤجلة؟

في مايو الماضي، أعلنت السلطات السورية الجديدة عن تشكيل هيئتين مهمتين: واحدة للعدالة الانتقالية وأخرى للمفقودين، وكُلفت الأخيرة بالكشف عن مصير المفقودين وتوثيق الحالات وتقديم الدعم لعائلاتهم، ويرأس الهيئة محمد رضى خلجي، أحد أعضاء لجنة صياغة إعلان دستوري للمرحلة الانتقالية.

تُعتبر هذه الخطوة جزءًا أساسيًا من محاولات طي صفحة الماضي وبناء مستقبل يعترف بالضحايا ويسعى إلى محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وهو ما طالبت به منظمات دولية وحقوقية مرارًا، تبقى معاناة الأطفال المفقودين وعائلاتهم جرحًا مفتوحًا في جسد سوريا ما بعد الأسد، ففي الوقت الذي تتطلع فيه البلاد إلى مرحلة جديدة، لا يمكن تحقيق الاستقرار دون كشف الحقائق، وإنصاف الضحايا، ومحاسبة الجناة.