في خطوة جديدة تعكس قوة العلاقات المصرية الروسية، وتظهر التقدم الواضح في مشروع محطة الضبعة النووية، أعلنت شركة “إيه كيه إي إس كيه إم كوربوريشن” الروسية عن الانتهاء من شحن أربعة مبادلات حرارية صفائحية متطورة إلى مصر، والتي تم تخصيصها لوحدة الطاقة الأولى من المحطة، حيث تُعتبر هذه المحطة بداية البرنامج النووي المصري السلمي.

مواضيع مشابهة: البترول تفتح تحقيقاً عاجلاً في أسعار أسطوانات البوتاجاز بعد طلب “نيوز روم”
مواصفات تقنية عالية ومراعاة لأعلى معايير الأمان
وأوضحت الشركة في بيانها الذي نشر على وكالة روسيا اليوم، أن المبادلات المرسلة من طراز “جي إن جي” (GNG) صُممت خصيصًا لأنظمة التبريد الطارئ والمجدول داخل المفاعل النووي، وهما من الأنظمة الحيوية لضمان استقرار درجات الحرارة والحفاظ على سلامة المنشأة في الظروف التشغيلية العادية والطوارئ، وتُصنّف هذه المبادلات ضمن فئة الأمان الثانية حسب المعايير النووية الدولية، مما يشير إلى التزام صارم بأعلى درجات السلامة والحماية.
ويبلغ وزن كل مبادل نحو 8455 كيلوغرامًا، مما يتطلب ترتيبات لوجستية دقيقة في النقل والتخزين والتركيب، ويعكس الطبيعة المعقدة والتقنية المتقدمة للمعدات المستخدمة في المحطة.
مشروع الضبعة: حجر زاوية لمستقبل الطاقة في مصر
تُنفذ محطة الضبعة النووية على ساحل البحر المتوسط بمنطقة الضبعة في محافظة مطروح، في إطار اتفاق حكومي بين مصر وروسيا، عبر شركة “روساتوم” الروسية، التي تتولى تنفيذ المشروع باستخدام مفاعلات الجيل الثالث المطور VVER-1200.
تبلغ القدرة الإنتاجية الكاملة للمحطة 4800 ميجاوات، موزعة على أربع وحدات بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، ومن المتوقع تشغيل أول وحدة تجاريًا عام 2028، على أن تُشغّل باقي الوحدات تباعًا حتى عام 2030.
تُعتبر محطة الضبعة أول مشروع من نوعه في شمال إفريقيا، وثاني مشروع يستخدم تكنولوجيا VVER-1200 خارج روسيا بعد محطة “أكويو” في تركيا، مما يمنح مصر مكانة استراتيجية على خريطة الطاقة النووية العالمية.
فوائد استراتيجية واقتصادية بعيدة المدى.
مقال له علاقة: أقساط “سكن لكل المصريين 7” تبدأ من 7000 جنيه تعرف عليها
لا يقتصر أثر المشروع على إنتاج الطاقة فحسب، بل يشمل أيضًا تأمين احتياجات مصر من الكهرباء على المدى الطويل، وتنويع مزيج الطاقة وتقليل الاعتماد على المصادر الأحفورية، وخفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة النووية، وتوفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة خلال مراحل التنفيذ والتشغيل.
كما يُتوقع أن يلعب المشروع دورًا محوريًا في رفع كفاءة الكوادر المصرية العاملة في المجال النووي، حيث يخضع مئات المهندسين والفنيين المصريين للتدريب في روسيا ضمن اتفاقات التعاون الفني.
تعاون استراتيجي بين القاهرة وموسكو.
منذ توقيع اتفاقية إنشاء المحطة في عام 2015، يشهد التعاون المصري الروسي في قطاع الطاقة النووية تطورًا متسارعًا، وتُعد الشحنات الأخيرة للمعدات تأكيدًا على الالتزام الروسي بتنفيذ الجدول الزمني للمشروع، رغم التحديات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية.
وفي تصريحات سابقة، أكد مسؤولون من “روساتوم” ووزارة الكهرباء المصرية أن مشروع الضبعة هو “رمز للشراكة طويلة الأمد بين البلدين”، مشيرين إلى أنه سيكون نموذجًا يُحتذى به في مشاريع الطاقة النووية المدنية.
مصر تدخل عصر الطاقة النووية السلمية بثقة وثبات
مع كل دفعة من المعدات النووية التي تصل إلى الأراضي المصرية، يقترب الحلم من أن يصبح حقيقة، حيث لم يعد مشروع محطة الضبعة النووية مجرد طموح على الورق، بل أصبح واقعًا يتشكل على الأرض، بدعم فني وتقني من دولة تمتلك واحدة من أقدم الخبرات في العالم في مجال الطاقة النووية.
بينما تسير مصر بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر أمنًا واستدامة، يمثل مشروع الضبعة شهادة على قدرة الدولة على تنفيذ المشروعات العملاقة، وعلى دور الطاقة النووية في تأمين مستقبل الأجيال القادمة.