ناقش الشاعر رأيه حول أزمات قصور الثقافة ومستقبلها في مصر، حيث أشار في مقاله بجريدة الأهرام إلى أن قصور الثقافة التي كانت يومًا منارات للوعي والإبداع في مختلف المحافظات تواجه مستقبلًا غامضًا يثير قلق المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي.

اقرأ كمان: مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يودع سيدة المسرح العربي سميحة أيوب
إرث ثقافي في مهب الغموض
وأكد جويدة أن هذه القصور، التي يبلغ عددها نحو 500 قصرًا، يعود تاريخ بعضها إلى أربعينيات القرن الماضي، وكانت نقطة انطلاق لعدد كبير من الفنانين والمبدعين المصريين، تواجه اليوم تهديدات غير مسبوقة، وسط أحاديث حول إمكانية بيع بعضها أو تغيير نشاطها.
قصور تاريخية ومواقع مميزة تواجه الإهمال
وأضاف فاروق جويدة، “بعض القصور الثقافية شُيدت في مبانٍ تاريخية ذات قيمة معمارية كبيرة، بينما شُيّدت البعض الآخر في مواقع استراتيجية تخدم المجتمع المحلي، ومن المؤسف أن 14 قصرًا من هذه القصور مغلقة حاليًا وتخضع لعمليات ترميم، وسط تساؤلات حول مصيرها الحقيقي، ومن النماذج اللافتة، قصر ثقافة العقاد في أسوان، الذي أُثيرت حوله أنباء عن عرضه للبيع وتحويله إلى فندق، رغم موقعه الفريد، ولا يزال المشروع قيد الدراسة، مما يثير المخاوف من فقدان هذه المساحات الثقافية الحيوية.
مقال مقترح: هند صبري تنعي سميحة أيوب بعد رحيل سيدة المسرح العربي
وزير الثقافة يكتشف تنقيبًا أثريًا داخل قصر الأقصر
وأشار فاروق إلى أن الزيارة الحديثة لوزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى قصر ثقافة الأقصر كشفت عن وجود أعمال تنقيب عن الآثار داخل القصر نفسه، وتمت إحالة المسؤولين عن الواقعة إلى النيابة العامة، هذا الحادث يسلط الضوء على حجم الإهمال والتجاوزات التي قد تطيح بما تبقى من هيبة وقيمة هذه المؤسسات الثقافية، وتحولها إلى مساحات مهجورة أو مستغلة بشكل غير مشروع.
قصور الثقافة: مراكز لصناعة الفن والوعي الجماهيري
واصل فاروق جويدة حديثه قائلًا، “لم تكن قصور الثقافة مجرد مبانٍ، بل كانت منصات للإبداع تُقام فيها المعارض، وتُعرض على مسارحها المسرحيات، وتُكتشف من خلالها المواهب، أسهمت هذه القصور في دعم الحركة الفنية والمسرحية في المحافظات، وقدمت وجوهًا فنية مرموقة أثرت الساحة المصرية، إن الحديث عن بيع هذه القصور أو تحويلها إلى مشروعات ربحية يُعد تفريطًا في الإرث الثقافي الذي لا يُقدّر بثمن”.
الثقافة أولًا… لا للبيع أو الخصخصة
وأضاف، “يؤكد المفكرون والمثقفون أن الثقافة ليست مجالًا للاستثمار المالي، بل ركيزة لبناء الوعي والهوية، الدعوات لبيع أو تأجير القصور الثقافية من أجل جني الأموال القصيرة الأجل تتجاهل أن هذه المراكز لا تُعوّض، وأن خسارتها تعني انطفاء آخر ما تبقى من ضوء في مشهد ثقافي يتراجع تدريجيًا”.
دعوة للحفاظ على ما تبقى من الفن الجميل
اختتم فاروق جويدة بالتأكيد على أنه يجب أن نُعيد التفكير في مصير قصور الثقافة، ونتعامل معها باعتبارها قلاعًا للوعي و”ذاكرة فنية واجتماعية” لكل محافظة مصرية، الحفاظ على هذه القصور وتجديد أنشطتها وتطوير بنيتها التحتية يجب أن يكون أولوية للدولة، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه الثقافة المصرية، وإننا بحاجة ماسة لأن تعود قصور الثقافة إلى سابق مجدها، تضيء الأقاليم من جديد بالفن والحضور والجمال.