على الرغم من التوسع الملحوظ في قطاع البترول المصري من خلال الاكتشافات الجديدة ومشروعات التسييل والطاقة، ورغم الجهود المستمرة للمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، في رفع الإنتاج وتعزيز التنمية البترولية وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومحاولاته المتكررة لحل المشكلات والأزمات التي تراكمت على مدار ثماني سنوات، إلا أن الواقع داخل القطاع يحكي قصة مختلفة.

مقال له علاقة: سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك الحكومية والخاصة بعد الانخفاض الأخير
العاملون في القطاع يعبّرون لـ”نيوز رووم” عن همومهم ومشاكلهم
رصدت “نيوز رووم” شهادات من قلب المؤسسات والشركات البترولية، تكشف عن أزمات هيكلية تهدد الكفاءات وتؤثر سلبًا على القطاع، مثل هجرة العقول، تحكم الشريك الأجنبي، فساد التعيينات، وتهميش الكفاءات.
“من يتحدث يُهمش”
تبدأ القصة من موظف مخضرم بإحدى شركات الهيئة العامة للبترول ويدعى “م.ع”، الذي قضى أكثر من 20 عامًا في العمل، حيث يقول: “المجتهد لا يحصل فقط على حقه، بل يُحارب، أي شخص يحاول التغيير أو الاعتراض على الأخطاء يتعرض للتهميش أو يُركن على الرف.”
ولن تقف الشكوى عند هذا الحد، فهناك شهادات مشابهة من مهندسين شباب ومديري مواقع سابقين، جميعهم أكدوا أن مناخ العمل في القطاع يُعاقب المبادرة ويُكافئ الولاء الأعمى، مما أدى إلى زيادة هجرة الكفاءات إلى الخارج، وخاصة إلى الخليج حيث الرواتب المجزية والاعتراف بالكوادر المصرية في قطاع البترول.
الشريك الأجنبي: سلطة بلا رقابة
في الحقول الكبرى مثل “ظهر” و”رأس غارب”، يتحكم الشريك الأجنبي في القرار التنفيذي، وفقًا لأحد العاملين في شركة مشتركة بين الهيئة وشركة أجنبية كبرى ويدعى “س.أ”، حيث يقول: “المصري هنا مجرد موظف تنفيذ، الخطط والميزانيات وحتى التعيينات تُمرر دون أن تستطيع الهيئة الاعتراض.”
هذا التحكم يؤدي إلى اختلال في التوازن، حيث تُدار المشروعات بثقافة ربحية بحتة، دون اعتبار للعدالة الاجتماعية أو بناء القدرات المحلية.
“إذا لم تكن تابعًا لأحد، ستبقى في مكانك”
من أبرز ما كشفته الشهادات هو غياب معايير الترقية والتعيين، حيث تقول مهندسة تعمل منذ 12 عامًا بإحدى الشركات التابعة لقطاع البترول ويدعى “ن.ص”: “المناصب العليا تُمنح بالمحسوبية، هناك من يترقى كل 3 سنوات، بينما أنا لم أتحرك خطوة رغم إنجازاتي.”
النتيجة: إحباط واسع النطاق بين الفنيين والمهنيين، وغياب روح المبادرة.
رقابة شكلية… وأرقام لا تعكس الواقع
تتعلق أزمة أخرى بآليات الرقابة والمحاسبة، حيث يقول موظف سابق بإدارة التفتيش ويدعى “أ.ص”:
“التقارير الرقابية تُعدّل قبل أن تصل للقيادات، لا توجد مساءلة حقيقية، والفساد موجود ولكنه مغلف بالقانون.” ويضيف أن بعض المشروعات تُنفذ بتكلفة مضاعفة دون اعتراض من أي جهة رقابية.
تعيين أبناء العاملين حسب الواسطة
وهنا، يعبّر أحد العاملين بالقطاع الذي أمضى أكثر من 25 عامًا وخرج على المعاش ويدعى “ع.أ” عن إحباطه، حيث يقول: “رغم أن المتعارف عليه في القطاع هو تعيين أبناء العاملين، إلا أن اعتراضي على السياسات السابقة خلال 14 عامًا كان سببًا في حرمان ابني من التعيين رغم تعيين أبناء زملائي.”
تحديات القطاع
رغم الأرقام الرسمية التي تتحدث عن زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، يرى الخبراء أن الخلل الإداري والبشري قد يهدد استدامة ما تحقق، حيث أن فقدان الكفاءات، وغياب الحوكمة، وسيطرة الشريك الأجنبي تمثل قنابل موقوتة داخل القطاع.
يقول أحد مديري التطوير السابقين: “البترول ليس مجرد آبار وغاز، بل هو أيضًا بشر، وعندما تنهار هذه الكفاءات، تنهار كل شيء معهم.” وفي النهاية، يوجه المهندسون والعاملون بقطاع البترول المصري مناشدتهم للمهندس كريم بدوي لدراسة وضع العاملين وتقدير الكفاءات ليكونوا عونًا له في نجاح أفكاره واستراتيجياته.
ممكن يعجبك: زيادة صادرات القطاع الهندسي إلى 2.1 مليار دولار ونمو قطاع المعادن بنسبة 184%