تعتبر قلعة العريش، التي تأسست عام 968هـ، 1560م، رمزًا تاريخيًا بارزًا في مدينة العريش، حيث تمثل نقطة جذب للسياح المهتمين بالسياحة الترفيهية، واهتمامنا بتلك القلعة سيضيف بُعدًا جديدًا للسياحة الثقافية.

اقرأ كمان: نجاح نقل 800 أتوبيس للحجاج إلى المزدلفة وبدء رمي الجمرات
صور خاصة
التقطت عدسة خبر صحمجموعة من الصور لبقايا القلعة وحالتها الراهنة، حيث تحيط بها أسوار من الطوب الأحمر، يعلوها سلك شائك كوسيلة للحماية، والقلعة مغلقة أمام الزوار، ولا تحتوي على أي تجهيزات سياحية، وتقع في وسط حي شعبي.
تأسيس القلعة وأهميتها التاريخية
ووفقًا للدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، فإن القلعة أُسست بأمر من السلطان العثماني سليمان خان الأول، المعروف بسليمان القانوني.
وقد جلب السلطان حامية من البوشناق (البوسنة والهرسك حاليًا) إلى القلعة، وإليهم ترجع أنساب معظم عائلات مدينة العريش على مدى القرون.
كانت القلعة في السابق المركز الإداري لسيناء بأكملها، حيث كانت المحافظة تُدار من موقع القلعة، وتقع القلعة جنوب المدينة، على بعد 3 كيلومترات من ساحل البحر المتوسط، بالقرب من أحياء الفواخرية، الشوربجي، وحديثًا حي الصفا.
وصف القلعة
أشار ريحان إلى أن البقايا الحالية للقلعة لا توفر تفاصيل دقيقة عن تخطيطها الأصلي، لكن وصف نعوم بك شقير لها في كتابه “تاريخ سينا وجغرافيتها” يقدم صورة واضحة، حيث يصف شقير القلعة بأنها سور مربع تقريبًا، ارتفاعه نحو 8 أمتار، وطول ضلعيه الشرقية والغربية حوالي 75 مترًا، بينما يبلغ طول الضلعين الشمالية والجنوبية حوالي 85 مترًا.
كان السور يحتوي على عدة مزاغل لإطلاق النار، وفي كل ركن من أركانه الأربعة برج يحمل مدفع “كروب”، ويوجد أسفل كل برج مخزن للقنابل والذخيرة.
بُنيت القلعة بالحجر الرملي الصلب، وكان يحيط بها خندق واسع رُدم الآن ولم يبقَ منه إلا أثره، تقع القلعة على تلة مرتفعة جنوبي البلدة وتشرف عليها، وقد أصبحت الرمال من الجنوب كثبانًا أعلى من القلعة.
كانت القلعة قريبة جدًا من البلدة، حيث كان بابها يفتح على سوق البلدة، وكان هذا الباب عظيمًا، بقنطرة مصفحة بالحديد الصلب، يبلغ ارتفاعه نحو خمسة أمتار وعرضه ثلاثة أمتار ونصف متر.
داخل السور، على جانبي الباب، توجد ثلاث غرف: واحدة على يمين الداخل تضم بوليس القلعة، وغرفتان على شماله تحتويان على خزنة المحافظة ودفاترها القديمة.
في صحن القلعة، كان هناك بناء واسع من طابقين، الطابق العلوي كان منزلًا للناظر ومفتش المحافظة، والطابق السفلي كان ديوانًا لكتاب المحافظة.
على الجانب الشرقي من السور، كان يوجد مكتب الناظر والمحكمة الجزئية ومكتب التلغراف والبريد، وعلى الجانب الجنوبي، كانت منازل البوليس والمصلى العباسي، الذي أُنشئ عند تشريف الخديوي الحالي للعريش سنة 1898م.
بين البناء الأوسط والبناء الجنوبي، كانت توجد حديقة صغيرة بها بعض الأشجار الظليلة، وبينها وبين البناء الشرقي، كانت هناك بئر مطوية بالحجر بعمق ثمانية وثمانين قدمًا وقطرها أربعة أقدام، وماؤها مائل للملوحة ويستخدم للغسل وإرواء الحديقة.
مواضيع مشابهة: إجراءات اعتذارات طلاب الثانوية العامة 2025 في حال وجود عذر عن الامتحانات
كان في صحن القلعة أيضًا حوض أثري من الجرانيت الأحمر، له قاعدة هرمية الشكل، بطول متر وسبعة سنتيمترات، وعرض 80 سنتيمترًا، وارتفاع 60 سنتيمترًا، نُقش على جدرانه الأربعة كتابة بالهيروغليفية موضوعها الإله “شو”، قيل إن هذا الحجر نُقل إلى القلعة في عصر مجهول ولسبب مجهول من مدينة جوشن القديمة (صفط الحنة حاليًا بالقرب من الزقازيق)، وبقي في العريش حتى نقلته مصلحة الآثار إلى متحفها في القاهرة سنة 1907.
فوق باب القلعة، كانت توجد ستة أحجار تاريخية من الرخام، رُتبت عموديًا، النقوش عليها كانت كالتالي:
- الحجر الأول: “وما النصر إلا من عند الله”.
- الحجر الثاني: الطغراء السلطانية التي تحمل اسم “السلطان سليم سليمان”، وتحتها “حرره سيد محمد أسعد. خليفة تاريخي سنة 1214 هـ، 1799م”.
- الحجر الثالث والرابع والخامس: ثلاثة أبيات شعر بالتركية، ترجمتها الحرفية: “لما أتى بعون الله السلطان لفتح الحصن أمدته الملائكة كلها في هذا الفتح الأغر، قال وزيره الأعظم يوسف ضيا باشا تاريخًا في الحروف الحالية من المصراع الثاني الذي نقش في طاق الحصن الأعلى، حبذا الفاتح السلطان سليم خان الثالث الغازي فإنه بفتحه العريش قد علق سيفه في العرش الأعلى سنة 1214 هـ، 1799 م”.
- الحجر السادس: “أمر بإنشاء هذه القلعة مولانا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بازيد بن السلطان عثمان خار الله ملكه وقدس شوكته وأعز دولته بمحمد وآله وسلم تاريخه في المصراع الأخير، في عصر بادشاهمز مرحبًا بالعاكفين وأبشروا تاريخه «فيه أمن الخائفين» سنة 968 هـ، 1560 م”.
الوضع الحالي للقلعة
حاليًا، المتبقي من القلعة هو أجزاء من السور الخارجي، تحيط بها تجمعات لمحلات الحدادين والنجارين وبعض الحوانيت القديمة التي تشير إلى ماضي القلعة والمدينة، بالإضافة إلى ذلك، تُقام في المواقع المحيطة بمكان القلعة القديم سوق شعبي كل خميس، أما الجامع العباسي، الذي كان جزءًا من القلعة، فلا يزال باقيًا على حاله وقد جرى تجديده أكثر من مرة.
وأوضح الدكتور ريحان أن القلعة كانت لا تزال موجودة في بداية العشرينات من القرن الماضي، بدليل الوصف الوافي الذي قدمه نعوم شقير لها، والذي تضمن صورة فوتوغرافية لبابها، هذا يدحض الرواية المتداولة عن تدمير محمد علي باشا للقلعة وتسريح حاميتها، حيث أن العكس هو الصحيح، فعلى يديه تمت عمارتها وتأسيس محافظة تُدار منها.