الاحتلال يوقف المساعدات مع ابتسامات استفزازية.. تفاصيل احتجاز سفينة مادلين

تسلط هذه الأحداث الضوء على التناقض المثير الذي أصبح سمة بارزة في تعامل الاحتلال مع القضايا الإنسانية، فعلى الرغم من أن السفينة انطلقت في مهمة إغاثية، إلا أن ما واجهته كان مشهدًا مغايرًا تمامًا، حيث تمثل في المنع والتحفظ، مصحوبًا بابتسامات استفزازية أمام الكاميرات، مما أثار العديد من التساؤلات حول الهدف الحقيقي من إيقاف السفينة مادلين، وما إذا كانت الرسالة تتجاوز مجرد المساعدات الإنسانية لتصل إلى أبعاد أخرى.

الاحتلال يوقف المساعدات مع ابتسامات استفزازية.. تفاصيل احتجاز سفينة مادلين
الاحتلال يوقف المساعدات مع ابتسامات استفزازية.. تفاصيل احتجاز سفينة مادلين

في الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين، نفذت وحدة الكوماندوز البحرية الإسرائيلية “شايطيت 13” عملية سريعة لاعتراض سفينة “مادلين” أثناء توجهها نحو ميناء أشدود في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكانت السفينة تحمل عددًا من النشطاء الدوليين في مهمة رمزية وإنسانية تهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة عبر إيصال مساعدات غذائية، ومن بين المشاركين كانت الناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج، التي انطلقت بالرحلة من صقلية متحدية القيود، قبل أن يتم إيقاف السفينة بعد رفضها الانصياع لأوامر الاحتلال بتغيير مسارها بعيدًا عن السواحل الغزية.

سنقدم لمتابعي وقرائنا في موقع «نيوز رووم» الإخباري، في هذا التقرير، تفاصيل احتجاز سفينة مادلين، منذ لحظة انطلاقها من السواحل الأوروبية، مرورًا بمحاولة كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، وحتى اعتراضها من قبل قوات الاحتلال في عرض البحر، كما سنرصد الرواية الرسمية والانتقادات السياسية والإنذار ثم المحاصرة والتصعيد، والجدل حول حجم المساعدات.

تفاصيل احتجاز سفينة مادلين

تفاصيل احتجاز سفينة مادلين جاءت كما يلي:

«يخت السيلفي» بين الرواية الرسمية والانتقادات السياسية

في بيان رسمي، قللت وزارة الخارجية الإسرائيلية من أهمية رحلة السفينة “مادلين”، ووصفتها بأنها مجرد “عرض دعائي”، مستخدمة مصطلح “يخت السيلفي” في إشارة ساخرة إلى طبيعة الرحلة، وادعت أن السفينة دخلت منطقة بحرية مغلقة تُدار وفق ما وصفته بـ”الحصار القانوني الدولي”، مشيرة إلى أن كمية المساعدات التي كانت على متنها لا تتجاوز ما يمكن أن تحمله شاحنة صغيرة، وأعلن جيش الاحتلال أن السفينة كانت تحت المراقبة باستخدام طائرات بدون طيار، وتم التواصل معها عبر قنوات دولية قبل تنفيذ عملية السيطرة عليها من قبل وحدة خاصة، دون تسجيل أي إصابات خلال الاقتحام.

قبل لحظات من السيطرة على السفينة، أفاد النشطاء المشاركون في الرحلة بأنهم تعرضوا لما وصفوه بـ”ضغط نفسي مكثف”، تجلى في تحليق مكثف لطائرات مسيّرة فوق القارب بشكل متواصل، ما خلق أجواء من التوتر والترهيب، وذكروا أن إحدى الطائرات أفرغت مادة بيضاء غير معروفة على سطح السفينة، مما تسبب في تهيج البعض، وسط انقطاع مفاجئ لكافة وسائل الاتصال مع العالم الخارجي، ولاحقًا، ظهرت صور للناشطين وهم قيد الاحتجاز، مما دفع منظمات ونشطاء وحكوماتهم للمطالبة بالكشف عن مصيرهم والتدخل العاجل.

الرواية الإسرائيلية عن اختطاف سفينة مادلين

في وقت لاحق، بثّت وزارة الخارجية الإسرائيلية لقطات مصورة لجنود من جيش الاحتلال وهم يقدمون الماء والطعام لركاب السفينة المحتجزة، في مشهد بدا وكأنه محاولة لتلطيف الصورة أمام المجتمع الدولي، وجاءت هذه الخطوة للتأكيد على أن القوات لم تستخدم العنف ضد النشطاء، رغم أن السفينة كانت تبحر في نطاق المياه الدولية، خارج نطاق السيادة الإسرائيلية، مما أثار جدلاً واسعًا حول قانونية العملية ومغزاها الإعلامي.

أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان لها، أن جميع الركاب الذين كانوا على متن السفينة يتمتعون بصحة جيدة، دون تسجيل أي إصابات أو تدهور في أوضاعهم، كما ظهرت الناشطة البيئية “جريتا ثونبرج” في أحد المقاطع المصورة التي نُشرت لاحقًا من داخل السفينة، وهي تبتسم وتبدو بحالة معنوية مرتفعة، في مشهد حاول البيان الرسمي تقديمه كدليل على “حسن التعامل” مع المشاركين في الرحلة.

أفاد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، بأن الجيش تلقى أوامر بعرض مقاطع من هجوم 7 أكتوبر على ركاب السفينة فور وصولهم إلى ميناء أشدود، واعتبر أن هذا سيكون بمثابة توضيح لهم حول “حماس الإرهابية” التي قال إنهم جاءوا لدعمها، مشيرًا إلى أن العملية قد تمت بنجاح، حيث كانت تهدف إلى إحباط أي محاولة لخرق الحصار المفروض ومنع الوصول إلى غزة عبر طرق غير شرعية.

لحظات التوتر.. الإنذار ثم المحاصرة والتصعيد

بدأت مؤشرات التصعيد في تمام الساعة 1:15 فجرًا، حيث تلقت السفينة إشارات من طاقمها حول تفعيل صفارات الإنذار استعدادًا لوضع سترات النجاة، وتحدث الناشط البرازيلي “تياجو أفيلا” لاحقًا عن “حالة حصار بحري” فرضتها القوات الإسرائيلية، مع وجود أضواء ساطعة تحيط بالسفينة، لكنه أوضح أن هذه الإنذارات كانت غير صحيحة، مشيرًا إلى أن القوات البحرية تراجعت لبعض الوقت قبل أن تعاود الاقتراب مجددًا.

قبل بدء عملية الاقتحام، تحدثت الناشطة ياسمين عجار من داخل السفينة، مؤكدة أنهم كانوا في طريقهم نحو شواطئ غزة، حيث حاصرتهم 4 زوارق بحرية إسرائيلية، مع اقتراب 2 منها إلى مسافة 200 متر فقط، واصفة ما حدث بأنه “جزء من حرب نفسية مخطط لها”، مشيرة إلى أنهم لم يكونوا يحملون أسلحة، بل كانوا ينقلون فقط مساعدات إنسانية رمزية، بحسب ما أفادت به صحيفة “يديعوت أحرونوت”.

الجدل حول حجم المساعدات.. فرق بين القارب والشاحنات

نشرت صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، بيانًا صادرًا عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، أكدت فيه أن السفينة كانت تحمل “حوالي 100 كيس من الطحين فقط”، مقارنةً بأكثر من 1200 شاحنة مساعدات دخلت غزة على مدار أسبوعين، حيث وصفت الوزارة ما جرى بأنه “حملة دعائية” تهدف إلى استقطاب الدعم الإعلامي، مشيرة إلى أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على الحادث كان محاولة لاستغلال القضية لتحقيق أهداف سياسية.

عقب وصول السفينة إلى ميناء أشدود، شرعت الشرطة الإسرائيلية في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحقيق مع ركاب “مادلين”، حيث أوضح جيش الاحتلال أن الرحلة كانت محاولة “لإثارة استفزاز سياسي” وليس جزءًا من حملة إنسانية حقيقية، كما اتهم بعض المشاركين بالسعي لإحداث ضجة على الصعيد الدولي من خلال وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

لماذا سُميت «مادلين» بهذا الاسم؟

اختيار اسم “مادلين” للسفينة لم يكن عشوائيًا، بل جاء تكريمًا لـ مادلين كلّاب، أولى الفتيات الفلسطينيات اللواتي دخلن مجال الصيد البحري في قطاع غزة، منذ أن كانت في الـ13 من عمرها، تولت مادلين مسؤولية إعالة أسرتها بعد إصابة والدها الصياد، واستمرت في عملها الشاق رغم تدمير الاحتلال لقاربها عدة مرات.