مصر تستعد للصيف بوحدات تغويز جديدة وتعزيز أمن الطاقة بالتكامل مع الأردن

في خطوة استراتيجية تعكس الوعي المتزايد بأهمية أمن الطاقة، تواصل مصر تكثيف استعداداتها من خلال مجموعة متكاملة من الإجراءات، على رأسها تعزيز البنية التحتية لاستقبال الغاز الطبيعي المسال (LNG) عبر وحدات تغويز عائمة جديدة، وتبرز في هذه الاستعدادات شراكة إقليمية مميزة مع الأردن، بينما تسعى القاهرة لتعويض الفجوة المتزايدة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك.

مصر تستعد للصيف بوحدات تغويز جديدة وتعزيز أمن الطاقة بالتكامل مع الأردن
مصر تستعد للصيف بوحدات تغويز جديدة وتعزيز أمن الطاقة بالتكامل مع الأردن

 

استقبال وحدة تغويز قادمة من الأردن: نموذج للتكامل الإقليمي

 

في خطوة تعكس التعاون الوثيق بين القاهرة وعمّان، استقبلت مصر مؤخرًا وحدة التغويز العائمة الثالثة “NERGOS ESKIMO” القادمة من ميناء العقبة الأردني، والتي رست في العين السخنة، استعدادًا لربطها بالشبكة القومية للغاز عبر رصيف شركة “سوميد”، ويعكس الاتفاق الموقع بين مصر والأردن التنسيق الإقليمي غير المسبوق في إدارة موارد الطاقة والبنية التحتية، مما يعزز من موقع البلدين كمراكز محورية في تجارة الغاز بشرق المتوسط.

 

وحدات جديدة للتغويز.. وخطة صيفية لاستيراد 70 شحنة

 

بحسب مصادر بوزارة البترول، تخطط الشركة القابضة للغاز الطبيعي “إيجاس” لتشغيل وحدتي تغييز جديدتين خلال مايو ويونيو 2025، استعدادًا لفصل الصيف، بينما تسعى الدولة لاستيراد ما يصل إلى 70 شحنة من الغاز المسال لتغطية احتياجات الصناعة والكهرباء، وتشمل الوحدات الجديدة “Energos Power” الأمريكية و*”هوج جاليون”* النرويجية، إلى جانب وحدة تغويز قبرصية من المقرر تشغيلها خلال أشهر الصيف، مما يوفر لمصر قدرة استيعابية إضافية تصل إلى 1.75 مليار قدم مكعب يوميًا.

 

انخفاض الإنتاج المحلي وزيادة الاعتماد على الاستيراد

 

تعاني مصر من تراجع في إنتاج الغاز المحلي إلى نحو 4.3 مليار قدم مكعب يوميًا، مقابل احتياج يتجاوز 7 مليارات قدم مكعب يوميًا خلال الصيف، مما دفع الحكومة للعودة إلى استيراد الغاز المسال منذ الربع الثاني من 2024 بعد توقف دام منذ 2018، ومن المتوقع أن تستورد مصر ما بين 155 و160 شحنة غاز خلال عام 2025، بتكلفة تتراوح بين 48 و50 مليون دولار للشحنة الواحدة، وتأتي هذه التحركات في ظل توقعات بنمو سوق تأجير السفن عالميًا من 14.79 مليار دولار في 2024 إلى 27.97 مليار دولار في 2029، مما يمنح مصر فرصة أكبر لتنويع تعاقداتها واستغلال أنماط تأجير مرنة مثل الإيجار الزمني والعاري.

 

نحو مركز إقليمي للطاقة

تسعى مصر إلى ترسيخ موقعها كمركز إقليمي لتجارة الغاز، مدعومة ببنية تحتية متطورة تضم محطات تغييز وموانئ ومصانع إسالة، فضلًا عن خطوط أنابيب تصدير إلى الدول المجاورة، على رأسها الأردن.

خطة حكومية لتعزيز الإنتاج المحلي

وجّه المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، بتسريع إدراج الاكتشافات الغازية غير المطورة على خريطة الإنتاج، وتشجيع الشراكة مع الشركات العالمية، مشيرًا إلى أن الحوافز الاستثمارية الأخيرة بدأت تؤتي ثمارها، وسط تكثيف أعمال الحفر والاستكشاف، وتعد الخطوات المصرية الجارية – سواء من خلال تأجير وحدات تغييز متطورة أو التعاون مع الأردن – رؤية واضحة لتعزيز أمن الطاقة الوطني والإقليمي، في ظل تحديات الإنتاج ومتغيرات السوق العالمية، وتبقى قدرة مصر على تنفيذ هذه الاستراتيجية بكفاءة، عنصرًا حاسمًا في صيف قد يشهد ذروة استهلاك غير مسبوقة.