أسدل الستار على منافسات الكرة المصرية لموسم 2024-2025، بعد تتويج الأهلي بطلاً للدوري الممتاز وفوز الزمالك بلقب كأس مصر، وتحقيق بيراميدز إنجازاً تاريخياً بفوزه بلقب دوري أبطال إفريقيا لأول مرة في تاريخه.

ممكن يعجبك: خالد الغندور يتهم زيزو بالكذب حول سفره لأمريكا ويكشف عن خداعه لنا جميعاً
نهائي كأس العاصمة
ولم يتبق سوى نهائي بطولة كأس عاصمة مصر المقرر إقامته يوم الخميس المقبل 12 يونيو الجاري، بين البنك الأهلي وسيراميكا كليوباترا، بعد تغلبهما على الإسماعيلي وإنبي بالدور نصف النهائي.
قرار جدلي بإلغاء الهبوط
ومع نهاية الموسم الكروي المصري، لا تزال أزمة ضياع هوية الأندية الشعبية أكبر العقبات التي تواجه اللعبة في مصر، خاصة بعد القرار الجدلي الذي أصدرته رابطة الأندية وأعتمده اتحاد الكرة بإلغاء الهبوط بالموسم المنقضي حفاظاً على استمرار النادي الإسماعيلي وغزل المحلة في المسابقة، مع التصديق على قرار إقامة النسخة المقبلة لبطولة الدوري موسم 2025-2026، بمشاركة 21 فريقاً، على أن يهبط في نهاية الموسم 4 فرق ويصعد 3 أندية من دوري القسم الثاني.
موقع خبر صحيستعرض لمتابعيه في السطور التالية تقريراً حول كيفية إنقاذ الأندية الشعبية ولماذا لا نسير على خطة التجربة الألمانية.
واقع مرير على الكرة المصرية
غابت شمس الأندية الجماهيرية لعقود عن الدوري الممتاز، وضاع معها متعة التشويق والإثارة، بعد أن كانت هي القلب النابض لكرة القدم المصرية، تقام المباريات في أجواء حماسية تشعلها الجماهير التي تملأ المدرجات بالألعاب النارية وصيحات يرددها آلاف الأصوات، ولكن في السنوات الأخيرة حدث تحول جذري في مشهد الدوري، تحول الأمر إلى واقع مرير علينا تقبله والتعايش معه، في ظل استمرار صعود أندية الشركات والمؤسسات لدوري الأضواء، ما تسبب في تحويل المسابقة إلى ما يشبه مسرح بلا جمهور.
شبح الجماهير
تلعب المباريات في أجواء شبه صامتة، الملل يحاوطنا، نشاهد المباريات متفرجين أمام شاشات التلفزيون، لم يعد لدينا سوى مدرجات خاوية يملؤها بين جنباتها أصداء صرخات اللاعبين والأجهزة الفنية عبر الميكروفونات الداخلية لملاعب كانت تضاء سماؤها بالألعاب النارية وحماس ولهيب الجماهير العاشقة لفرقها، تسافر بالقطار من بلد إلى آخر فداءً لناديها بدون مقابل.
سوء مستوى البطولة
تأثير غياب الأندية الجماهيرية عن الدوري الممتاز وحلول أندية الشركات والمؤسسات، لم يؤثر فقط على مستوى البطولة بل انعكس أيضاً على أداء الفرق واللاعبين، بعد أن كان الجمهور هو مصدر الإلهام والدعم والحافز لتقديم أفضل ما لديهم.
أصوات تصرخ ولا حياة لمن تنادي
الأصوات تتعالى والكل يصرخ ويطالب ولكن لا أحد يضع حلولاً جذرية لإنقاذ الأندية الشعبية من الاندثار مع غزو أندية الشركات والمؤسسات وأصحاب رؤوس الأموال للدوري الممتاز، فمنذ دخولنا الألفية الجديدة اختفت أندية المنصورة ومنتخب السويس والكروم وطنطا والترسانة ومزارع دينا وسكة حديد سوهاج والقناة وتليفونات بني سويف والمنيا وأسوان وبلدية المحلة وغزل المحلة والشرقية والألمونيوم، بخلاف استمرار معاناة النادي الإسماعيلي في كل موسم من شبح الهبوط واللاعودة بسبب الأزمات المالية التي تحاصر النادي، ليبدأ غزو أندية الشركات والمؤسسات للدوري الممتاز، ممثلة في فرق إنبي وبتروجت ووادي دجلة ومصر المقاصة والجونة والنجوم، ومن الأندية العسكرية حرس الحدود وطلائع الجيش والإنتاج الحربي وأندية اتحاد الشرطة والداخلية، وأخيراً بيراميدز والبنك الأهلي وسيراميكا كليوباترا وإيسترن كومباني وفاركو وفريق زد إف سي، أوهام كاذبة تحولت إلى مرض خبيث في جسد الكرة المصرية.
أوهام كاذبة تحولت إلى مرض خبيث في جسد الكرة المصرية
توهمنا لسنوات بأن ما حدث من غزو الشركات للدوري الممتاز مجرد موجة عاتية ستمر وتنتهي وستعود الأندية الشعبية للأضواء مرة أخرى، ولكن مع مرور عقد من الزمن ثبت أن ما كنا نعتقده مجرد أوهام كاذبة، الأمر يزداد سوءًا بفقدان فريق جماهيري آخر لتتفاقم الأزمة وتتحول إلى مرض ينخرط ويمتد في جسد الكرة المصرية دون تدخل من أي مسؤول لمواجهة هذا التيار المعاكس الهادم لمتعة كرة القدم الحقيقية في وجود الأندية الشعبية.
غلق باب التسول والشحاتة
خرجت عدد من الأفكار التي طرحت لمواجهة أزمة اندثار الأندية الشعبية ومواجهة نقص وضعف الموارد المالية، وإنقاذها من الاختفاء سواء بتدخل رجال أعمال بتبرعات أو قيام وزارة الشباب والرياضة ممثلة في الدولة بمنح إعانات مؤقتة، ولكن ثبت أن كل هذا مجرد مسكنات وليس علاجًا جذريًا لهذا الورم الخبيث.
البحث عن حلول جذرية لإنقاذ الأندية الجماهيرية بات أمرًا مهمًا دون انتظار تبرع من جهة معينة أو رجل أعمال يضخ أموالًا ثم يطالب بها بعد ذلك.
ممكن يعجبك: بيراميدز ساعد الأهلي في التتويج بالدوري حسب ياسر ريان
توصل بعض المتخصصين في هذا الشأن إلى أهمية تكاتف الأندية الجماهيرية لإنشاء شركة استثمارية مساهمة تكون عونًا لهم ومصدرًا لتغطية المصاريف الكروية بنظام القطاع الخاص، ويتم طرح أسهم بها للجماهير وإدارة أصول تلك الأندية لغلق باب التسول والشحاتة
تحرك برلماني لحماية الأندية وتحصين الشباب.
تحرك برلماني لحماية الأندية وتحصين الشباب
في عام 2023، أوصت لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، اتحاد الكرة بتخصيص جزء من حصيلة عوائد البث الفضائي للمباريات لصالح دعم الأندية الشعبية، مع تعديل مواد قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017، الخاصة بالإعفاءات من ضريبة القيمة المضافة لإعفاء الأندية بقيمة 75% مقابل استهلاك الكهرباء والمياه والغاز، وتخفيض رسوم الاتحادات الرياضية المحصلة من الأندية الشعبية الخاصة بالقيد والتسجيل، وذلك نظير دور هذه الأندية التربوي بتحصين الشباب من الانجراف وراء الأفكار الهدامة وتيارات التطرف.
كما أوصت لجنة الشباب في مجلس النواب، بزيادة الدعم الموجه للأندية الجماهيرية، مع قيام مجالس الإدارات على زيادة مواردها بإنشاء شركات استثمارية وطرحها بالبورصة والبحث عن شركات راعية لها مع منحها مزايا وإعفاءات مقابل الرعاية.
تدخل الدولة لإنقاذ الأندية الشعبية وعودة الجماهير
لإعادة الروح إلى الدوري المصري الممتاز، يجب تدخل الدولة لدعم الأندية الشعبية وإحياء دور الجماهير في المسابقة مرة أخرى، وذلك يتطلب توجيه دعم مالي ومعنوي لهذه الأندية والعمل على تشجيع الجماهير على العودة إلى الملاعب.
تشجيع الجماهير
إضافة إلى ذلك يمكن للقائمين على إدارة الكرة المصرية، النظر في تنظيم فعاليات وأنشطة تشجع الجماهير على حضور المباريات وبث الروح الحماسية التي طالما كانت جزءاً لا يتجزأ من كرة القدم المصرية، وزيادة دخول الجماهير في مباريات الدوري بدلاً من 10 آلاف مشجع للفريقين، يكون بزيادة الأعداد لتصل إلى 20 ألف مشجع، وتزداد تدريجياً.
ثقافة تجمع الشعوب
إن استعادة الأندية الجماهيرية لمكانتها في الدوري المصري ليس مجرد مطلب رياضي فقط، لأن كرة القدم ليست مجرد لعبة تلعب على العشب الأخضر، بل ثقافة تجمع الناس وتوحدهم، وتجعلهم يشعرون بالانتماء والفخر، لذلك عودة الأندية الشعبية والجماهير ضرورة ثقافية واجتماعية تعيد الحياة إلى الملاعب وتعيد الحماس إلى قلوب الجماهير وعشاق كرة القدم المصرية.
التجربة الألمانية خير مثال لإنقاذ الأندية الجماهيرية
يعد استثمار الشركات العالمية في الدوري الألماني الجاذب الأكبر لرجال الأعمال، على سبيل المثال تصدرت الأندية الألمانية قائمة بيع أسماء ملاعبها للشركات مقابل أموال ضخمة بنسبة وصلت إلى 83%، كونها أحد أهم مصادر الدخل الرئيسية للأندية، لذلك تنفق إدارات الأندية أموالاً طائلة لتطوير البنية التحتية لملاعبها، مثل بايرن ميونخ الذي قام بمد عقده مع شركة (اليانز) عملاق التأمين في ألمانيا لمدة 10 أعوام مقابل 130 مليون يورو
في موسم 2022-2023، وصل أكثر من 700 نادٍ في أوروبا إلى إنفاق ما يقرب من مليار يورو على استثمارات جديدة للأصول الثابتة في ملاعبها، بخلاف قيام 14 نادياً في ألمانيا بدوري الدرجة الأولى ببيع حقوق أسماء ملاعبها لشركات.
رابطة الأندية الألمانية تحل لغز الاستثمار بقانون 1998
نظام الاستثمار في الأندية الألمانية يعتمد على قانون (50+1) والذي يمنع الشركات من الاستحواذ على أغلبية القوى التصويتية للنادي، وذلك لحماية الأندية خوفاً من تحولها من أندية ينتمي لها الجماهير والمجتمع لأندية تجارية تهدف إلى الربح الشخصي وإفساد مصدر المتعة الرئيسية للعائلات والمشجعين، وبناءً على ذلك وضعت رابطة الأندية الألمانية عام 1998 عدد من الشروط لدخول الشركات للاستثمار في الأندية، من ضمنه هذا القانون الشهير السالف ذكره.
الهدف من ذلك القانون هو استمرار تحكم الأندية في القوى التصويتية بامتلاك 50% وصوت واحد على الأقل من مجموع القوى التصويتية لشركة النادي، ليستمر المستثمر شريكاً محدوداً لا يسيطر ولا يدير، وهذا ما حاولت إقناع عدد من الأندية لجماهيرها وأعضائها بأهمية الاستثمار، لإنه دون حدوث ذلك من المستحيل المنافسة من غير المستثمرين، أبرزها شتوتجارت الذي قام بإدخال مجموعة دايملر التي تملك شركة السيارات العالمية مرسيدس بنز، ومن خلال ذلك ترعى قميص الفريق وتمتلك حقوق تسمية ملعبه.
أما بايرن ميونخ، تنقسم الأسهم والقوى التصويتية بواقع شركة النادي 75.1%، وشركة أديداس الرياضية بنسبة 8.33%، وشركة أودي للسيارات بنسبة 8.33%، وشركة أليانتس للتأمين بنسبة 8.33%.
فريق بوروسيا دورتموند، تملك شركة النادي 100% من القوة التصويتية، في حين يعتبر الشركاء محدودين يملكون الأسهم دون قوى تصويتية أو إدارية، فريق لايبزيج 49.99% من القوة التصويتية للنادي، و50.1% لشركة رد بول.