تخصيص ٤١ ألف فدان بمنطقة رأس شقير في البحر الأحمر لوزارة المالية بهدف خفض الدين العام وعجز الموازنة.

ممكن يعجبك: استعدادات شاملة في القاهرة الجديدة لضمان استمرارية خدمات المياه خلال عيد الأضحى
في إطار الجهود المبذولة نحو “تصكيك أصول الدولة”، بهدف تنويع أدوات التمويل وتقليل الاعتماد على القروض البنكية، صدّق الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم الثلاثاء 10 يونيو، على تخصيص حوالي 41 ألف فدان من أراضي الدولة بمحافظة البحر الأحمر لصالح وزارة المالية، وذلك لاستخدامها كأصول عينية لإصدار صكوك سيادية، تستهدف خفض الدين العام وتمويل عجز الموازنة، كما ورد في الجريدة الرسمية.
تتميز منطقة رأس شقير المشمولة بالقرار بموقعها الجغرافي الفريد على ساحل البحر الأحمر، مما يضفي عليها قيمة سياحية واقتصادية كبيرة، بالإضافة إلى قربها من ممرات ملاحية ومشروعات قومية كبرى.
تعتبر الصكوك السيادية أدوات مالية تصدرها الدولة تشبه السندات، لكنها تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، حيث لا تعتمد على الفائدة، بل تمنح المستثمرين حقوق انتفاع جزئية في أصول حقيقية، مثل الأراضي أو المشروعات، مقابل عوائد منتظمة تُستخرج من تشغيل تلك الأصول.
توظيف العوائد من تصكيك الأصول.
بحسب مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه، فإن تسجيل الأرض كأصل مملوك لوزارة المالية يمر بعدة خطوات، حيث يتم تقييمها ماليًا لتحديد قيمتها السوقية، ثم يتم “تصكيك الأصل”، مما يعني إصدار صكوك تمثل حقوق انتفاع للمستثمرين مقابل الأرض، بعدها تُطرح الصكوك على مستثمرين محليين أو أجانب، وتُستخدم عوائد البيع في تمويل الخزانة العامة، من خلال سداد جزء من الدين العام أو تمويل مشروعات خدمية.
شوف كمان: أقساط شقق الإسكان في المدن الجديدة والمحافظات: تفاصيل هامة
يضيف المصدر لـ”نيوز رووم” أن إصدار الصكوك الإسلامية يتطلب وجود أصول حقيقية ملموسة، على عكس السندات التقليدية التي تعتمد على الاقتراض المباشر، وبالتالي، فإن تسجيل أراضٍ مملوكة للدولة وإتاحتها للتصكيك يمثل حجر الزاوية القانوني والتمويلي لهذه الآلية، إذ كلما زادت الأصول القابلة للتصكيك، زادت قدرة الدولة على تنويع أدوات التمويل دون زيادة أعباء الاقتراض التقليدي.
ويشير إلى أن الاختيار وقع على محافظة البحر الأحمر، نظرًا لأهميتها الاقتصادية والسياحية الكبيرة، حيث تضم أراضي ذات قيمة عالية قادرة على توليد عوائد مرتفعة، مما يجعلها جذابة للمستثمرين المحليين والخليجيين، إضافة إلى قربها من مشروعات قومية وتنموية تدعم إمكانية تطويرها بسرعة وربحيتها.
ويؤكد أن هذه الخطوة تهدف إلى خفض الدين العام عبر أدوات غير تقليدية، من خلال جذب مستثمري الأسواق الإسلامية الباحثين عن أدوات شرعية، كما تسهم في تقليل تكلفة الاقتراض مقارنة بالسندات، نظرًا لثقة المستثمرين في الأصول الملموسة، مما يحقق توازنًا بين التمويل والتنمية دون الحاجة إلى رفع الضرائب أو زيادة الديون الخارجية.
ضرورة اليقظة التشريعية.
تواصلت “نيوز رووم” مع الدكتور حازم حسانين، خبير الاقتصاد السياسي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، حيث أكد أن تخصيص الأراضي لصالح إصدار صكوك سيادية يمثل تحولًا مهمًا في سياسة التمويل الحكومية، من خلال توفير بدائل غير تقليدية لخفض الدين، ولكنه يتطلب أيضًا يقظة تشريعية ومجتمعية لضمان عدم التفريط في أصول استراتيجية باسم الإصلاح المالي.
ويتابع أن الدولة يجب أن تعتمد قواعد حوكمة صارمة لإدارة الأصول المرتبطة بالصكوك، بالإضافة إلى حظر تصكيك الأراضي ذات الطابع العسكري أو الحدودي، مع فرض شفافية تامة في تقييم الأصول وطريقة الطرح، ووضع ضوابط قانونية لحقوق الانتفاع تحدد المدة والاستخدام، فضلاً عن تفعيل رقابة برلمانية وقضائية حقيقية على إصدار وإدارة الصكوك السيادية.
تحذيرات يجب أخذها في الاعتبار.
يحذر خبير اقتصادي، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، من بعض المخاطر الاستراتيجية والاقتصادية المرتبطة باستخدام الأراضي في إصدار الصكوك السيادية، خاصة في ظل غياب الشفافية الكاملة أو ضعف آليات الحوكمة، حيث قد يؤدي منح حقوق انتفاع طويلة الأجل للمستثمرين إلى تقليص قدرة الدولة على إعادة استخدام هذه الأراضي لأغراض دفاعية أو تنموية مستقبلية.
ويضيف لـ”نيوز رووم” أن شراء صناديق استثمار غير معلومة أو غير خاضعة للرقابة للصكوك يمثل سلطة مالية فعلية على أراضٍ ذات أهمية أمنية أو اقتصادية، كما أن استخدام الأصول لتغطية العجز المرحلي الحالي قد يضع الدولة تحت ضغوط اقتصادية مستمرة، وعجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه حملة الصكوك قد يفرض شروط تمويل قاسية تمس السيادة الوطنية.
ويرى أنه يجب وضع ضوابط صارمة، كي لا يتمكن بعض رجال الأعمال أو الكيانات المقربة من السلطة من استغلال الصكوك لتوسيع نفوذهم واحتكار الأصول.
أسئلة تثير القلق.
يرى الخبير الاقتصادي أن المادة الثالثة من القرار الجمهوري الصادر أمس تمثل “علامة استفهام”، حيث تنص على أن يُودع القرار في مكتب الشهر العقاري المختص دون فرض أي رسوم تسجيل، مما يؤدي إلى ترتيب الآثار القانونية الكاملة لهذا الإجراء، مما يسهل عملية نقل الملكية لصالح وزارة المالية ويمنحها صفة قانونية نافذة.
يوضح أن القرار قد يعد “بيعًا غير مباشر” لأراضٍ ذات أهمية سيادية، محذرًا من تلك السياسات التي قد تؤدي إلى التفريط في ملكية الدولة لأراضٍ استراتيجية، في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تمر بها البلاد.
في 22 فبراير 2023، أصدرت مصر أول صكوك سيادية إسلامية في تاريخها بقيمة 1.5 مليار دولار، حيث بلغت قيمة الاكتتاب في الطرح حوالي 6.1 مليار دولار، بمعدل تغطية تجاوز 4 مرات، حسب بيانات وزارة المالية.