أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة أن مصر، كونها من الدول التي تواجه تهديدات آثار تغير المناخ، قد نفذت جهودًا وحلولًا مبتكرة لمواجهة هذه التحديات، حيث تعد من بين أكثر المدن تأثرًا بتغير المناخ على مستوى العالم، بالإضافة إلى المناطق الساحلية، وخاصة المطلة على البحر المتوسط، وقد تبنت الدولة فكرة الحلول المستندة إلى الطبيعة، والتي تعتمد على استخدام مواد محلية بالتعاون مع المجتمعات المحلية في عدد من المحافظات مثل الإسكندرية، لمواجهة آثار تغير المناخ على الشواطئ، مما يجعل من تجربة مصر نموذجًا يمكن تكراره والاستفادة منه، كما يبرز أهمية تطوير تكنولوجيات مبتكرة منخفضة التكلفة لمواجهة تحدي التلوث البلاستيكي في البحر المتوسط، من خلال تعزيز التعاون بين شمال وجنوب المتوسط.

مقال له علاقة: محافظ أسيوط يعلن ذبح أكثر من 320 أضحية في المجازر الحكومية خلال أول يومين من العيد
جلسة رفيعة المستوى
جاء ذلك خلال مشاركة فؤاد في جلسة رفيعة المستوى بعنوان “توسيع نطاق الحلول من أجل منطقة المتوسط خالية من البلاستيك”، والتي تهدف إلى وضع حلول لتتبع ومعالجة التلوث البلاستيكي، وتعزيز التعاون والابتكار الدوليين، والدفع نحو بحر متوسط أنظف وأكثر صحة، وقد نظم هذه الجلسة مركز ستيمسون والمعهد الفرنسي لعلوم وتكنولوجيا البحار (IFREMER) والوكالة الفرنسية للتحول البيئي (ADEME) والمفوضية الأوروبية (Blue Mission Med).
وأوضحت الدكتورة ياسمين فؤاد أن التلوث البلاستيكي في البحر المتوسط يمثل تحديًا كبيرًا، ولكنه ليس التحدي الوحيد، فهناك أيضًا ملوثات أخرى وارتفاع مستوى سطح البحر كأحد آثار تغير المناخ وتأثيره على المناطق الساحلية، خاصة في جنوب المتوسط، مشيرة إلى أن الدول المتوسطية الـ24، رغم اختلافها، قد أنشأت روابط حضارية وثقافية تاريخية، مما يتيح فرصة للتعاون لمواجهة تحدي التلوث البلاستيكي، من خلال الدفع نحو مفاوضات الاتفاق العالمي للبلاستيك، وصولًا إلى إعلان أول معاهدة دولية للحد من التلوث البلاستيكي.
كما أكدت ياسمين فؤاد أن مصر أخذت بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية واعتبارات الزيادة السكانية ومعدلات الفقر أثناء تنفيذ إجراءات الحد من التلوث البلاستيكي، لذا حرصت عند إصدار أول قانون لإدارة المخلفات في مصر عام 2020 على تضمين مواد تنظم التعامل مع المخلفات البلاستيكية، وخاصة الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، وذلك بعد عدة جلسات تشاورية مع مجلس النواب ومشاركة أصحاب المصلحة مثل ممثلي الصناعة والتجار، وتنفيذ دراسة حول تأثير الأكياس أحادية الاستخدام على التنوع البيولوجي في البحر المتوسط والبحر الأحمر، بالإضافة إلى حملات تقليل استخدام هذه الأكياس في الغردقة وشرم الشيخ، والآن نعمل على تطبيق المسئولية الممتدة للمنتج، حيث أصدر مجلس الوزراء المصري قرارًا بتطبيقها منذ شهرين ليتم تفعيلها قريبًا.
وشددت وزيرة البيئة على أن مواجهة التلوث البلاستيكي في البحر المتوسط تتطلب التركيز على عدة نقاط، أولها النظام الحاكم للحد من التلوث البلاستيكي مع وجود زخم سياسي يدعم مختلف الجهود للعمل معًا، وأيضًا إشراك أصحاب المصلحة على المستوى الوطني، سواء من المصنعين أو الشباب أو المجتمع المدني، بالإضافة إلى إشراك المرأة في عملية تقليل استخدام الأكياس البلاستيكية أحادية الاستخدام، وتعليم الشابات في المدارس والجامعات، موضحة أن تحقيق هذه العوامل سيسهل الطريق أمام المتطلبات الأخرى مثل التمويل وتوفير التكنولوجيا.
مقال مقترح: مصرع وإصابة 3 أفراد من أسرة واحدة في حادث تصادم على الطريق الغربي بقنا
وتهدف الجلسة إلى تسليط الضوء على شبكة (Circe.med)، التي تهدف إلى تكوين شبكة البحر الأبيض المتوسط المرجعية للحلول المبتكرة في مجال الاقتصاد الدائري، وفي مواجهة الحالات الطارئة، حيث تركز هذه الشبكة حاليًا على التلوث البلاستيكي من خلال مشروع مخصص لحلول مكافحة التلوث البلاستيكي في البحر الأبيض المتوسط “PlasticMed Lab”.
وقد شهدت الجلسة مناقشة مهمة لاستعادة محيطنا ومياهنا، وتحفيز العمل الجماعي من أجل بحر متوسط خالٍ من التلوث وقادر على الصمود، كما تضمنت الجلسة حوارًا مفتوحًا لإتاحة الفرصة للمشاركين لطرح أسئلتهم والاستماع إلى وجهات النظر المختلفة حول هذه القضية، وتبادل الآراء والأفكار، واختتمت الجلسة بمناقشة عدد من الملاحظات الهامة التي من شأنها تعزيز التعاون الدولي لوضع حلول ومعالجة التلوث البلاستيكي في منطقة المتوسط.
جاءت الجلسة ضمن فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات UNOC3، المنعقد خلال الفترة من 9 إلى 13 يونيو الجاري بمدينة نيس الفرنسية، حيث شارك في الجلسة أنييس روناشيه، الوزيرة الفرنسية للتحول البيئي والتنوع البيولوجي والغابات والبحر وصيد الأسماك، وديونيسيا أفجيرينوبولو، مبعوثة رئيس الوزراء اليوناني لشؤون المحيطات ورئيسة لجنة البيئة في البرلمان اليوناني، وباربرا بومبيلي، السفيرة الفرنسية للبيئة، والدكتورة إليزابيتا بالزي، المفوضية الأوروبية، والمديرة العامة للبحث والابتكار، وسيلفان واسرمان، الرئيس التنفيذي للوكالة الفرنسية للتحول البيئي (ADEME)، وفرانسوا هولييه، الرئيس التنفيذي للمعهد الفرنسي لعلوم وتكنولوجيا البحار (IFREMER)، ومونيكا ميدينا، عضو مجلس إدارة مركز ستيمسون ومساعدة وزير الخارجية السابقة لشؤون المحيطات والشؤون البيئية والعلمية الدولية في الولايات المتحدة.