خالد.. متطوع غطّاس ينقذ الجثث من قاع النيل بتصريح “حراس النهر”

على ضفاف نهر النيل، يجلس شاب يرتدي جلبابه الصعيدي، ذو لحية خفيفة، يحملق بعينيه في مياه النهر وكأنه يبحث عن شيء مفقود، يستمع ويتحدث إلى صديقه الوفي، الذي يجد فيه راحة القلب وسكون الطمأنينة.

خالد.. متطوع غطّاس ينقذ الجثث من قاع النيل بتصريح “حراس النهر”
خالد.. متطوع غطّاس ينقذ الجثث من قاع النيل بتصريح “حراس النهر”

يسرد وقائع مرعبة تشيب لها الرأس، أصوات في قاع النهر، خبط المياه يستأذن حراس القاع للدخول إلى العالم المظلم لينتشل جثث الغرقى، يسعد القلوب البائسة التي تظل شهورًا تبحث عن جثث أحبائها حتى تضعهم في مثواهم الأخير، لتكرمهم بقبر يزوره الأهل ليتذكروا ويترحموا عليهم.

“نيوز رووم” التقى الشاب خالد محمد عبدالمعطي، ابن قرية المحروسة التابعة لمركز ومدينة قنا، الذي يعمل كغطاس متطوع لانتشال الجثث والغرقى سواء أحياء أو شهداء.

مجال السباحة والغطس

بدأ خالد حديثه قائلاً: “تعلمت السباحة هنا في الترع والنهر في بلادنا قديمًا، وتعلمت في محافظة البحر الأحمر لمدة 17 عامًا، وأعمل كرئيس بحري، ودخلت مجال الغطس كهواية وليس عملًا”.

وأشار إلى “أنني أجتهد في هذا المجال حتى حصلت على شهادة مدرب غوص، وتعلمت الكثير ولكن لم أحترافه”.

عمل تطوعي

وأكد أن “الأهالي من محافظات مختلفة كانوا يتصلون بنا لإنقاذ جثث الغرق، ونتجمع كمتطوعين ما يقرب من 20 شخصًا لانتشال الجثث، وأهل الغرقى يأتون إلينا بالسيارات الخاصة لنقلنا إلى مكان الغوص”.

وأشار إلى أن “أهل الغريق يكونون في حالة سيئة حتى نتمكن من انتشال موتاهم، لكننا نراعي الظروف أثناء الغطس بالتنسيق مع الإنقاذ النهري والأجهزة التنفيذية”.

أول واقعة

وفي أول واقعة تعرض لها، قال “كانت لغريق طفل من محافظة سوهاج، وكانت الأطراف مقطعة، وكانت تلك أول مرة، القصة كانت تمثل صعوبة بالنسبة لي، قد يكون لأنها لطفل، وقتها شعرت أن الإنسان لا شيء، ولا شيء يستدعي فعل أفعال كثيرة صعبة، فنحن في النهاية نصبح غير قادرين على فعل شيء أمام تلك النعم التي نعيش فيها”.

وأشار إلى أن “الملامح تختفي بعد اليوم الثالث للجثة، ولا تصبح هناك أي ملامح نتيجة عوامل المياه، لافتًا إلى أن الجثة يصعب النظر إليها خاصة أننا نكون تحت المياه، لذا نقوم بإلقاء ملاية أو غطاء عليها، بالإضافة إلى أن النهر له رهبة وخوف”.

طقوس خاصة

وأكد خالد على “وجود طقوس خاصة تقرأ قبل الدخول إلى قاع النهر، حيث نستأذن من حراس النهر لانتشال الجثث أو الغرقى”.

وأختتم حديثه قائلًا: “إن أمور العفاريت والجن لا تخيفنا أبدًا، طالما رب الكون هو الحارس الأكبر للبر والبحر والنهر”.