أكد عدد من خبراء الصناعة والاقتصاد أن استراتيجية الدولة الحالية تضع الصناعة الوطنية في مقدمة أولوياتها، حيث تركز على إعادة تشغيل المصانع المتعثرة وتوطين الإنتاج المحلي، وذلك في إطار خطة شاملة تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي.

ممكن يعجبك: مصر تصدر غذاءً بقيمة 10 مليارات دولار وزيادة مستمرة في الإنتاج
وأشار الخبراء إلى أن هذه الجهود تسير بالتوازي مع دعم الصادرات، وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص، وتحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية، مما يعزز من تنافسية المنتج المصري في الأسواق الخارجية ويدفع عجلة النمو الاقتصادي.
استراتيجية الدولة
قال المهندس ممدوح حنا، عضو شعبة القطن باتحاد الغرف التجارية وعضو غرفة الصناعات النسيجية، إن الدولة وضعت استراتيجية متكاملة تستهدف تعزيز الصناعة الوطنية، مشيرًا إلى أن هذه الخطة تستند إلى مجموعة من المحاور الأساسية، تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي، وتحقيق طفرة كبيرة في أداء القطاع الصناعي، بوصفه المحرك الرئيسي للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي الحقيقي.
ملف المصانع المتعثرة
أشار حنا في تصريحات له إلى أن ما يميز الخطة الحكومية الحالية هو تركيزها على ملف المصانع المتعثرة، التي وصفها بأنها “القلب الصامت” للصناعة المصرية، معتبرًا أن إعادة تشغيل هذه الكيانات المتوقفة يشكل أساسًا لإعادة هيكلة القطاع الصناعي وزيادة حجم الإنتاج المحلي، مما يسهم بشكل مباشر في تقليل الاعتماد على الواردات، وتخفيف الضغط على العملة الصعبة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة.
توطين الصناعة
وتابع حنا قائلاً إن أحد أبرز أهداف هذه الاستراتيجية هو توطين الصناعة وتقليل فاتورة الاستيراد، التي بلغت نحو 35 مليار دولار سنويًا، مشددًا على أن مصر تمتلك موارد طبيعية متميزة مثل القطن والكتان ورمل البناء، والتي يمكن استخدامها لتصنيع منتجات محلية ذات جودة مرتفعة، مما يعزز القيمة المضافة ويزيد من تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق.
جودة الصادرات
وأوضح أن دعم الصادرات وتحسين جودة الإنتاج المحلي يعدان من أهم الأدوات لدخول الأسواق الإقليمية والعالمية، مضيفًا أن مصر لديها ميزات تنافسية في صناعات مثل السيراميك، والحديد، والمنسوجات، والملابس، مؤكدًا أن تطوير الجودة وتقديم أسعار مناسبة يمكن أن يفتح آفاقًا واسعة للمنتج المصري في الخارج.
شوف كمان: اتحاد المستثمرين يبرز أهمية طرح مصانع الروبيكي كخطوة تنظيمية تدعم الشباب والصناعة
مسارات الحكومية
وأضاف حنا أن الحكومة تعمل على مسارين متوازيين؛ الأول هو إحياء المصانع المتوقفة، والثاني هو التوسع في بناء مصانع جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص، موضحًا أن هذه الجهود ستسهم في رفع الطاقة الإنتاجية، وتحقيق استقرار السوق، وتلبية الطلب المحلي، إلى جانب دعم القدرات التصديرية.
تطوير المصانع المتعثرة
وشدد حنا على أن المصانع المتعثرة يجب أن تكون في قلب خطط التطوير الصناعي، لأنها منشآت قائمة بالفعل وتوقفت لأسباب خارجة عن إرادة أصحابها، مؤكدًا أن إعادة تأهيل هذه المصانع أسرع أثرًا وأقل تكلفة من إنشاء مشروعات جديدة من الصفر، مطالبًا بدور أكبر من البنوك عبر منح فترات سماح وتمديد آجال السداد، خاصة للمتضررين من أزمات مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
إعادة تشغيل المصانع
وأشار إلى أن منح هذه المصانع فرصة جديدة لإعادة التشغيل سيعود بالنفع على الاقتصاد ككل، حيث سيسهم في تشغيل العمالة المتوقفة، وتحقيق عوائد مالية تمكنهم لاحقًا من سداد التزاماتهم البنكية، مما يعيد الثقة بين القطاع الصناعي والمؤسسات التمويلية.
تعزيز التنافس الصناعي
أكد حنا على ضرورة تعزيز القدرة التنافسية للقطاع الصناعي من خلال تطوير البنية التحتية، ورفع كفاءة التشغيل، وتخفيض التكاليف اللوجستية، كما دعا إلى تبسيط الإجراءات وتسهيل التراخيص عبر توسيع استخدام المنصات الرقمية لتسريع تأسيس وتشغيل المصانع.
الموانئ والطرق
لفت إلى أن تطوير الموانئ وشبكات الطرق ومناطق التخزين واللوجستيات يمثل عنصرًا حاسمًا في تحسين كفاءة الصناعة وسرعة توزيع المنتجات، وهو ما ينعكس إيجابيًا على مناخ الاستثمار الصناعي في البلاد.
رؤية مصر 2030
واختتم حنا تصريحاته بالتأكيد على أن هذه الجهود تتماشى مع أهداف رؤية مصر 2030، التي تسعى لبناء قطاع صناعي قوي قادر على توفير فرص عمل، وخفض الواردات، وتحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي، مشددًا على أن ملف المصانع المتعثرة هو مفتاح التحول الحقيقي لصناعة مصرية مزدهرة قادرة على المنافسة الإقليمية والدولية.
سبب التعثر
ومن جانبه، قال الدكتور محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، إن تعثر المصانع في مصر يعود في الغالب إلى مشاكل مع البنوك، حيث يتم إيقاف المصانع بسبب التعثر في سداد القروض.
وأوضح “البهي” في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم” أن محافظ البنك المركزي السابق قد وافق على التنازل عن فوائد القروض بناءً على توجيه من القيادة السياسية، بهدف تسهيل عودة أصحاب المصانع إلى العمل.
وأشار عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات إلى أن التعثر الحالي للمصانع يعود إلى المتغيرات الاقتصادية التي شهدتها البلاد بعد عام 2011، حيث أغلقت العديد من المصانع بسبب الحالة الأمنية في تلك الفترة، مشيرًا إلى أن ارتفاع قيمة الدولار كان له تأثير كبير على المصانع، خاصةً تلك التي تستورد الآلات والخامات، حيث زادت تكلفة الاستيراد بأكثر من خمس مرات.
تحديات قطاع الأدوية
وأكد “البهي” على أن بعض المصانع تعمل ولكنها تواجه صعوبة في تغطية رواتب العاملين، كما أشار إلى أن قطاع الأدوية يعاني بشكل خاص، نظرًا لأن أسعار الأدوية مسعرة جبريًا، مما يجعل أصحاب المصانع غير قادرين على تحديد أسعارها بحرية.