في مقال حديث نُشر في عدد مجلة الكرازة الأخير، تناول قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ملامح وصفات “الأسقف بحسب قلب الله”، مستلهمًا من رسائل القديس بولس الرسول إلى تلميذه تيطس، الذي أُوكل إليه تدبير كنائس جزيرة كريت.

ممكن يعجبك: كيف حققت الصين أرباحاً من معرض استقطب 2 مليون زائر؟
استهل البابا مقاله بالإشارة إلى الرسالة القصيرة الموجهة إلى تيطس، والتي اعتبرها غنية بالمعاني والمبادئ، لا سيما فيما يتعلق بصفات الأسقف المثالي، موضحًا أن الكنيسة ترى في الأسقف أعلى درجة كهنوتية، باعتباره “الناظر” و”الرقيب” و”الوكيل الأمين لله”، مشيرًا إلى أن هذه الدرجة تُمنح وفق معايير روحية صارمة، لا تحتمل المجاملة، نظرًا لمسؤولية الأسقف الكبيرة أمام الله وشعبه.
وفي استعراضه التاريخي، أشار قداسة البابا إلى أن القديس مارمرقس، مؤسس الكنيسة القبطية، هو أول من رسم أسقفًا في الإسكندرية، وهو أنيانوس، إلى جانب ثلاثة قسوس وسبعة شمامسة، لافتًا إلى أن الهيكل الكنسي القبطي يقوم على مثلث متكامل: المذبح، والإكليروس، والشعب، ولا تكتمل الأسرار الكنسية دون هذا التكوين، خصوصًا في سر الإفخارستيا، الذي يعد ذروة الحياة الروحية في الكنيسة
وقدّم البابا تواضروس في مقاله شرحًا روحيًا دقيقًا لأربعة عشر صفة يجب أن يتحلى بها الأسقف بحسب ما أورده القديس بولس، تتوزع ما بين الصفات الأخلاقية، والرهبانية، والرعوية، وأكد أن من أبرز هذه الصفات أن يكون الأسقف بلا لوم، أي أن يخلو من السلوكيات المعثرة، ويكون وكيلًا أمينًا لله في كل ما أوكل إليه من وقت ومال وخدمة، وألا يكون معجبًا بنفسه أو متسلطًا في قيادته.
كما شدد البابا على أهمية ضبط النفس والاتزان، والابتعاد عن الغضب، والطمع، والقسوة، داعيًا إلى أن يكون الأسقف مثالًا في المحبة والرحمة والتعقل والورع، ونبه إلى خطورة الإدمان في العصر الحديث، سواء كان إدمان الخمر، أو الوسائل الرقمية الحديثة التي تُبعد الأسقف عن نقاء الحياة الرهبانية والتفرغ الروحي.
مواضيع مشابهة: الكنيسة الكاثوليكية تساهم في المنتدى الدولي الأول للسياحة لمسار العائلة المقدسة
واختتم قداسة البابا مقاله بالتأكيد على التزام الأسقف بكلمة الله “الصادقة”، داعيًا كل من نال هذه الدرجة إلى مراجعة نفسه باستمرار على ضوء هذه الصفات، حتى لا يُوجد ناقصًا في الموازين الروحية أمام الله، وقال: “إن هذه السمات الأربعة عشر ليست فقط ميزانًا للخدمة، بل دعوة يومية لمحاسبة الذات، حفاظًا على النعمة التي اؤتمن عليها الأسقف، وليكمل أيام غربته بسلام ونهاية صالحة”
تُعد مقالة البابا تواضروس نموذجًا للكتابة اللاهوتية الروحية، التي تجمع بين العمق الكتابي، والخبرة الرعوية، والتوجيه الأبوي، في زمن تتزايد فيه التحديات أمام الرعاة والخدام في الكنيسة.