على الرغم من أن مهرجان “موازين – إيقاعات العالم” في المغرب يُعتبر من أبرز الفعاليات الفنية في العالم العربي، فإن الإعلان الأخير عن تنظيم حفل باستخدام تقنية “الهولوغرام” لتجسيد الفنان الراحل عبد الحليم حافظ خلال دورته العشرين أثار أزمة كبيرة ما زالت تداعياتها تتفاعل بقوة في الأوساط الفنية والقانونية، وفتح باب النقاش حول العديد من الأسئلة المتعلقة بالحقوق الفكرية والملكية الفنية، فضلاً عن الشفافية في التعاملات الإنتاجية والتقنية.

مقال له علاقة: بعد الكشف عن تمثال «أسمهان».. تكريم سلاف فواخرجي في دار الأوبرا
بداية الأزمة
بدأت الأزمة عندما أعلنت إدارة المهرجان عن حفل مرتقب يستخدم تقنية “الهولوغرام” لإعادة تقديم “العندليب الأسمر” على المسرح، في إطار ما وصفته بأنه امتداد لتجربة مماثلة قدّمت العام الماضي حين أُقيم حفل مشابه للفنانة الراحلة أم كلثوم، ضمن رؤية فنية لتكريم رموز الغناء العربي.
لكن الإعلان لم يمر مرور الكرام، إذ خرج محمد شبانة، ابن شقيق عبد الحليم حافظ، ملوّحاً بإمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضد إدارة المهرجان، زاعماً أن الحفل يُقام دون الرجوع إلى الورثة الشرعيين للفنان الراحل، ودون الحصول على التصاريح اللازمة لاستخدام صوته وصورته وشخصيته الفنية.
صاحب فكرة المشروع
وفي خضم هذه التهديدات، برز طرف ثالث في المعادلة، تمثّل في شركة بريطانية قالت إنها صاحبة الفكرة الأصلية لهذا المشروع، مؤكدة أنها بدأت التحضير له منذ فترة طويلة، وقدّمت مقترحها الكامل لإدارة مهرجان موازين في وقت سابق من هذا العام.
شوف كمان: رامي عياش يشارك فيديو مضحك مع ابنته حيث يلصقان الاستيكرز على وجهه
تصرف غير مهني
ووفقاً لما صرّحت به الشركة، فقد تم الاتفاق مبدئياً على المضي قدماً، قبل أن تتفاجأ – على حد تعبيرها – بإقصائها فجأة من المشروع من دون مبررات واضحة، ما اعتبرته تصرفاً غير مهني ويستدعي الرد.
رد إدارة الهرجان
ردّ إدارة مهرجان “موازين” جاء سريعاً وحاسماً، إذ أصدرت بياناً رسمياً لتوضيح الملابسات، ذكرت فيه أن هذه الشركة البريطانية كانت بالفعل من الجهات التي قدمت عرضاً فنياً أوّلياً في بداية العام، اقترحت فيه تنظيم عرض “هولوغرامي” لعبد الحليم حافظ، وقد أبدت إدارة المهرجان حينها استعداداً أولياً لدعم المشروع، انطلاقاً من اعتقادها بأن الشركة مغربية أو تعمل بإدارة مغربية، وهو ما دفعها إلى تخصيص ميزانية مبدئية بلغت 400 ألف يورو، دعمًا لهذا التوجه الذي يتماشى مع رؤية المهرجان في دعم المواهب والكفاءات المغربية.
شركة ليست مغربية
لكن المفاجأة – حسب ما كشفه البيان – تمثّلت في أن الشركة مسجلة قانونياً في لندن، وليست مؤسسة مغربية كما كان يُعتقد، بل يديرها فريق يضم شخصاً مغربياً واحداً فقط، مما دفع اللجنة المنظمة إلى إعادة النظر في المشروع برمّته، انسجاماً مع السياسة الثقافية الوطنية التي تُشجّع على دعم الشركات والمؤسسات المحلية.
العقبات الجوهرية
ومن العقبات الجوهرية التي حالت دون توقيع الاتفاق النهائي بين الطرفين، أن الشركة البريطانية أصرت على إقامة العرض في المسرح الكبير بالرباط، وهو مسرح ضخم لم يُفتتح رسمياً حتى الآن، ويتطلب قراراً سيادياً لفتحه أمام الجمهور، ورغم محاولة إدارة المهرجان اقتراح مواقع بديلة مثل مسرح محمد الخامس أو منصة السويسي، فإن الشركة رفضت، مؤكدة أن هذه المسارح لا تفي بالمتطلبات التقنية المعقدة التي تحتاجها عروض “الهولوغرام”.
موافقات الورثة
وفيما يخص حقوق استخدام صورة وصوت وتمثيل عبد الحليم حافظ، أشارت الشركة إلى أنها حصلت على الموافقات القانونية من بعض الورثة، لكنها لم تُبرز مستندات واضحة للرأي العام، بينما تستند إدارة “موازين” في تنظيم العرض إلى ترخيص رسمي حصلت عليه من المنتج المصري محسن جابر، مالك شركة “صوت الفن”، التي تمتلك الحقوق الأصلية لأعمال عبد الحليم.
صراعات خلف الكواليس
وهكذا تتشابك الخيوط الفنية والقانونية والمالية في هذه القضية الشائكة، لتكشف عن صراعات خفية خلف كواليس صناعة الترفيه، وتحول فكرة فنية نبيلة – كانت تهدف لتكريم “العندليب الأسمر” – إلى ساحة نزاع تتداخل فيها المصالح والرؤى، وتنتظر فصلاً جديداً من التوضيح أو التصعيد في الأيام المقبلة.