إغلاق مفاجئ لمتحف اللوفر في باريس احتجاجًا على ظروف عمل الموظفين

في مشهد غير مألوف، أغلق متحف اللوفر في باريس، يوم الإثنين، أبوابه أمام الآلاف من الزوار، وليس بسبب تهديد أمني أو كارثة طبيعية، بل نتيجة احتجاج موظفيه الذين أطلقوا صرخة استغاثة ضد ظروف عمل “لم تعد تُحتمل”.

إغلاق مفاجئ لمتحف اللوفر في باريس احتجاجًا على ظروف عمل الموظفين
إغلاق مفاجئ لمتحف اللوفر في باريس احتجاجًا على ظروف عمل الموظفين

جاء هذا الإغلاق بعد اجتماع داخلي تحول إلى إضراب عفوي شمل موظفي التذاكر والأمن وقاعات العرض، الذين رفضوا الاستمرار في العمل تحت وطأة الاكتظاظ اليومي، ونقص الكوادر، والضغط النفسي المتزايد.

احتجاج صامت يُربك الزوار

تجمّع السياح في طوابير طويلة تحت هرم “آي إم باي” الشهير دون الحصول على أي تفسير رسمي، قالت إحدى النقابات إن بيئة العمل في المتحف “أصبحت غير إنسانية”، فيما وصف أحد الزوار الأجواء بقوله: “كأن الموناليزا تصرخ من الإرهاق.. لا أحد يشرح، ولا أحد يستجيب”

المتحف يعاني من الداخل.. رغم بريقه العالمي

يشهد اللوفر، الذي استقبل 8.7 مليون زائر العام الماضي، ضغطًا هائلًا يتجاوز بكثير طاقته الاستيعابية، حتى مع تحديد عدد الزوار بـ30 ألفاً يومياً، يقول الموظفون إنهم يواجهون اختبارًا قاسيًا يوميًا في التعامل مع الحشود والحرارة ونقص المرافق الأساسية مثل الحمامات ومناطق الاستراحة.

اللوحة الأشهر، “الموناليزا”، أصبحت رمزًا لهذا الضغط: أكثر من 20 ألف زائر يتزاحمون يومياً فقط لالتقاط صورة سريعة أمامها، في مشهد وصفه أحد الزوار الكوريين بـ”اللقاء مع الهواتف، لا مع الفن”

يأتي الإضراب بعد أشهر قليلة من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خطة إنقاذ شاملة تحت اسم “نهضة اللوفر الجديدة”، تتضمن ترميمات بنيوية، وتحسين تدفق الزوار، وإعادة توزيع المعروضات، لكن العمال على الأرض يقولون إن الوعود بعيدة، والمشاكل آنية.

وقالت سارة سيفيان من نقابة CGT-Culture: “لا يمكننا الانتظار ست سنوات للحصول على المساعدة… نحن نحمي تراث العالم، لكننا منهكون”

مشاكل هيكلية تهدد الكنوز الفنية

في مذكرة داخلية سُرّبت للصحافة، حذّرت مديرة المتحف لورانس دي كار من أن أجزاءً من مبنى اللوفر لم تعد مقاومة للماء، وأن تقلبات الحرارة تهدد الأعمال الفنية، في حين تبقى الخدمات الأساسية للزوار دون الحد الأدنى العالمي.

وقالت دي كار في تصريح سابق: “نحن ندير قصرًا عمره تسعة قرون في قلب باريس، وتحدياتنا ليست فنية فقط، بل بنيوية وإنسانية أيضًا”

تمويل ضخم.. وتذاكر أغلى قريبًا

تُقدّر كلفة خطة التجديد ما بين 700 و800 مليون يورو، سيتم تمويلها من إيرادات التذاكر، وتبرعات خاصة، ودعم حكومي، إلى جانب عائدات متحف اللوفر في أبوظبي، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار التذاكر للسياح من خارج الاتحاد الأوروبي لاحقًا هذا العام.

في الختام، إضراب اللوفر لم يكن مجرد توقف عن العمل، بل كان رسالة واضحة: خلف روائع دافنشي وتيتيان، يقف جيش من الموظفين المتعبين، يطالبون بأن يُعاملوا بكرامة تليق بالمكان الذي يحمونه