معاريف تكشف عن إخفاقات إسرائيل في إنفاق الأموال على المواقف تحت الأرض بدلاً من الملاجئ

ذكرت صحيفة «معاريف» أن الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية تركز على نقل ساحة المعركة إلى عمق العدو، ففي الماضي، قبل أن تصبح الصواريخ والأجهزة الحديثة جزءًا من المشهد، كانت الحروب تُخاض بأسلوب تقليدي يتمثل في مواجهة الجيش بجيش آخر، فكانت الدبابات والطائرات تتواجه بشكل مباشر.

معاريف تكشف عن إخفاقات إسرائيل في إنفاق الأموال على المواقف تحت الأرض بدلاً من الملاجئ
معاريف تكشف عن إخفاقات إسرائيل في إنفاق الأموال على المواقف تحت الأرض بدلاً من الملاجئ

صحيفة عبرية تنتقد الاحتلال

وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب كانت لها قواعد واضحة في السابق، رغم بعض الحوادث التي طالت المناطق المدنية، إلا أن الجبهة الداخلية كانت نسبيًا في مأمن، لكن الأمور تغيرت بشكل جذري في نهاية التسعينيات.

بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتأسيس لواء الإنقاذ، وهو تشكيل عسكري نظامي، بالإضافة إلى العديد من كتائب البحث والإنقاذ التي تضم مقاتلين من الجيش النظامي والاحتياط، وتستند هذه الكتائب إلى مقاتلين مدربين تدريبًا أساسيًا يحملون بندقية من طراز 06، ويخضعون لتدريبات متخصصة لا تقل عن مستوى 05، مما يدل على أن السيناريوهات المتوقعة تشمل الحروب والعمليات الإنقاذية معًا.

حتى الآن، تمكن جيش الاحتلال من تنفيذ هذه الاستراتيجية بكفاءة، مُشكلاً قوة متعددة المهام قادرة على الاستجابة للأزمات العسكرية الكبرى والكوارث الطبيعية والأوبئة، وأي طارئ قد يهدد إسرائيل في المستقبل.

ومع ذلك، أثبتت أحداث 7 أكتوبر، جنبًا إلى جنب مع حرب أوكرانيا والكوارث الطبيعية التي شهدها العالم، أن القوة العسكرية، مهما كانت كفاءتها، لا تكفي وحدها لمواجهة التحديات التي تهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية في أوقات الطوارئ، وهنا تتجلى المشكلة الكبرى، إذ تعتمد إسرائيل على نظام مركزي بيروقراطي لديه القدرة على فرض قيود مثل حظر الطيران، مما يمنحها ميزة في الحركة والتنظيم خلف الجيش والمؤسسة الأمنية.

لكن من أجل تجهيز الجبهة الداخلية الإسرائيلية لفترة طوارئ حقيقية، يجب تغيير زاوية النظر، فالمسألة لا يمكن معالجتها فقط من خلال العدسات العسكرية، بل يجب تناولها من منظور مدني شامل، حيث توجد تحديات تتعلق بتوفير الملاجئ والتعامل مع فئات مهمشة مثل العرب والحريديم والعمال الأجانب وكبار السن والمرضى وذوي الإعاقة.

ومع ذلك، تفتقر الوزارات الحكومية المعنية كالصحة والرعاية الاجتماعية والنقل إلى القدرة على بناء منظومة فعالة لإدارة الأزمات، والدليل على ذلك ظهر يوم الخميس، بعد دقائق من الهجوم على إيران، حيث سارعت بعض المستشفيات ومؤسسات رعاية المسنين بالاتصال بعائلات المرضى تطلب منهم الحضور فورًا لنقل ذويهم، قائلة: “تعالوا بسرعة وخذوا والدكم المريض، لأن إسرائيل في حالة طوارئ”.

في إسرائيل، لم يتم وضع خطة شاملة لمعالجة نقص الملاجئ بين الأحياء القديمة والمباني السكنية، رغم وجود حل عملي متاح، فكل عام تُبنى مئات بل آلاف مواقف السيارات تحت الأرض في ناطحات السحاب والمراكز التجارية والمجمعات السكنية الحديثة، لكن الجهات الحكومية لم تستفد من هذه المساحات.

نقد لاذع من معاريف: لماذا تُرك 100 ألف إسرائيلي عالقين بالخارج؟

ولم يُوضع حتى الآن أي معيار إنشائي يُلزم بتحويل مواقف السيارات تحت الأرض إلى ملاجئ طوارئ مزودة بأنظمة تهوية وأبواب مضادة للانفجارات، وتجهيزات الحي اللازمة لحالات الطوارئ، وهو تقصير واضح في التخطيط الوقائي.

على سبيل المثال، لم يكن من المفترض أن يُترك 100,000 إسرائيلي عالقين في الخارج لمجرد أن إسرائيل دولة “محاطة”، وأن مطار بن غوريون أُغلق لأسباب أمنية، فوفقًا لتفكير مدني عملي، كان من الضروري أن تستثمر إسرائيل في بنية تحتية للنقل البحري تكون سهلة الوصول ومتاحة بأسعار معقولة، انطلاقًا من موانئ مثل أشدود وحيفا، مع تسيير خطوط رحلات بحرية منتظمة على مدار الأسبوع، وزيادتها في حالات الطوارئ.

وبالمناسبة، مثل هذه الخطوة لم تكن لتعزز الأمن فحسب، بل كانت ستسهم أيضًا في خفض تكاليف السفر الجوي، وتفتح العالم أمام جميع الإسرائيليين، وبعد الحرب، سيكون من الضروري أن تعيد إسرائيل النظر في كيفية بناء دولة تستند إلى جبهة داخلية قوية، لأن أي جيش قوي يحتاج إلى دعم داخلي مرن وصلب يقف خلفه.