رغم أن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي المؤكد في العالم بعد روسيا، فإنها تجد نفسها غير قادرة على تحويل هذه الثروة إلى قوة اقتصادية مؤثرة على الساحة الدولية، في ظل تصاعد الصراعات في المنطقة وتركز الأضواء على موارد الطاقة، تبرز مفارقة مثيرة في المشهد الإيراني، حيث تُعتبر إيران “عملاق غاز” يستهلك ثروته ولا يصدر للعالم سوى القليل.

اقرأ كمان: خبير اقتصادي يحذر من تأثير التضخم على الاستقرار الاقتصادي ومعيشة المواطن
هذا ما أكده الدكتور وائل حامد، الخبير في شؤون الطاقة، في تصريحات خاصة، مشيرًا إلى أن إيران تُنتج كميات هائلة من الغاز لكنها تستهلك معظمها محليًا، كونها واحدة من أكبر خمس دول استهلاكًا للغاز الطبيعي على مستوى العالم، وأضاف: “رغم أن العالم ينظر لإيران كلاعب محوري محتمل في سوق الغاز، فإن الواقع يكشف أنها دولة تفتقر إلى الأدوات اللازمة لتصدير هذه الثروة بشكل فعّال.”
غياب محطات التسييل.. ومحدودية التصدير
وأوضح حامد أن إيران لا تمتلك حتى اليوم أي محطات للغاز الطبيعي المُسال (LNG)، مما يجعلها غير قادرة على تصدير الغاز إلى الأسواق العالمية البعيدة، في حين أن دولًا مثل قطر تُعتبر رائدة في هذا المجال وتملك شبكة تصدير ضخمة تغطي آسيا وأوروبا.
شوف كمان: العقارات الفاخرة تجذب المستثمرين العالميين رغم الاضطرابات الاقتصادية
وقال: “تعتمد إيران حاليًا على خطوط الأنابيب فقط، وتصدر الغاز بكميات محدودة إلى كل من تركيا والعراق، بالإضافة إلى كميات أقل إلى أذربيجان، لكن حتى هذه الصادرات تواجه صعوبات، حيث تفشل إيران أحيانًا في تلبية التزاماتها، خاصة خلال فصل الشتاء، بسبب عجز داخلي في الإنتاج.”
الشتاء الإيراني.. خصم داخلي
وأشار الخبير إلى أن فصل الشتاء يُعتبر التحدي الأكبر أمام إيران الغازية، إذ ترتفع فيه معدلات الاستهلاك بشكل كبير، مما يُجبر الحكومة الإيرانية أحيانًا على تقليص الصادرات لتلبية الطلب المحلي، “تجد إيران نفسها مضطرة للاختيار بين الداخل والخارج، وغالبًا ما يُرجّح كفّة الداخل، ما يجعلها شريكًا غير موثوق به في أعين بعض الدول المستوردة.”.
“قوة كامنة بلا مخالب” في سوق الطاقة
واختتم الدكتور وائل حامد تصريحه بالتأكيد على أن إيران تظل حتى الآن قوة غازية كامنة، لكنها غير مفعّلة في السوق الدولية، وقال: “هي تملك أحد أكبر مفاتيح مستقبل الطاقة، لكن غياب البنية التحتية، والعقوبات الاقتصادية، والتحديات الفنية، تجعلها خارج الحلبة التنافسية، ما نراه الآن هو عملاق مكبل في سوق لا ترحم”.
مقارنة مع قطر وروسيا
وللمقارنة، فإن قطر -رغم امتلاكها احتياطيًا أقل من إيران– تتفوق عليها بفارق شاسع في حجم الصادرات، بسبب امتلاكها أكبر أسطول لنقل الغاز المسال في العالم، ومحطات ضخمة للتسييل، وشراكات عالمية استراتيجية، أما روسيا، فهي تستغل احتياطياتها لتصدير الغاز عبر خطوط أنابيب ضخمة إلى أوروبا وآسيا، بالإضافة إلى توسعها مؤخرًا في تصدير الغاز المسال.