في ظل تصاعد التهديدات باغتياله وتزايد التوترات بين إيران وإسرائيل، يبرز الجدل حول شخصية المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، الذي يُعتبر واحدًا من أبرز القادة في الشرق الأوسط وأحد أكثرهم تأثيرًا في موازين القوى الإقليمية.

اقرأ كمان: إسرائيل تعبر عن قلقها من تراجع واشنطن عن شرط وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني
من هو علي خامنئي؟
وُلد علي الحسيني خامنئي عام 1939 في مدينة مشهد الإيرانية، لأسرة دينية مرموقة، حيث كان والده، آية الله جواد خامنئي، من كبار العلماء والمجتهدين، بينما يعود نسبه إلى علماء آذربيجان عبر جده آية الله حسين خامنئي.
عاش خامنئي طفولة فقيرة تحت رعاية والده الصارم وأمه المتدينة، وتلقى تعليمه في الحوزات العلمية بمشهد وقم، حيث انخرط مبكرًا في النشاط الديني والسياسي، متأثرًا بأفكار الإمام الخميني.
قبل الثورة: خطيب الثورة وسجين السافاك
في ستينيات القرن الماضي، انضم إلى الثورة ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وكان أحد أبرز خطباء الثورة في مشهد ومختلف المدن الإيرانية، ألقى خطبًا نارية ضد النظام، مما أدى إلى اعتقاله عدة مرات وتعرضه للتعذيب في سجون “السافاك” سيئة السمعة.
أسهم خامنئي في تشكيل خلايا سرية للحراك الثوري، كما ترجم كتبًا أثارت غضب السلطات، أبرزها “المستقبل لهذا الدين”، وأمضى فترات في السجن والنفي، واستمر في نشاطه حتى انتصار الثورة الإسلامية عام 1979.
بعد الثورة: من الخطب إلى الرئاسة
بعد الثورة، أوكل إليه الإمام الخميني عدة مهام حساسة، منها قيادة “الحرس الثوري”، وتولي منصب وكيل وزارة الدفاع، وتمثيله في مجلس الدفاع الأعلى، كما أصبح خطيبًا لصلاة الجمعة في طهران، وانتُخب نائبًا في البرلمان، ثم رئيسًا للجمهورية عام 1981 بعد اغتيال محمد علي رجائي.
من نفس التصنيف: انقطاع التيار الكهربائي في جنوب فرنسا بسبب عمل تخريبي متعمد
في يونيو 1989، وبعد وفاة الخميني، انتخبه مجلس الخبراء كمرشد أعلى للجمهورية الإسلامية، وهو أعلى منصب سياسي وديني في البلاد.
محاولة اغتيال ودوره في “الجمعة الدامية”
في عام 1981، نجا من محاولة اغتيال أثناء إلقاء خطاب في مسجد جنوبي طهران، مما تسبب في إصابات خطيرة تركت آثارًا جسدية دائمة، لكنه عاد سريعًا لمواصلة نشاطه.
ومن أبرز خطاباته “خطبة الجمعة الدامية”، حيث واصل كلمته رغم انفجار وتهديدات بالقصف، مطمئنًا آلاف المصلين.
خامنئي والسياسة الدولية
عُرف خامنئي بموقفه العدائي تجاه الولايات المتحدة، واصفًا إياها بـ”الشيطان الأكبر”، وتجاه إسرائيل التي يعتبرها “ورمًا سرطانيًا يجب استئصاله”.
رغم توقيع الاتفاق النووي عام 2015، لم يُبدِ خامنئي ثقة في نوايا الغرب، وبعد انسحاب ترامب من الاتفاق عام 2018، قال: “لا يمكن الوثوق بأمريكا.. لقد مزّقوا الاتفاق أمام أعين الجميع”
القضية الفلسطينية
يُعدّ خامنئي من أكثر القادة الإيرانيين التزامًا بالقضية الفلسطينية، حيث دعا مرارًا إلى “تسليح الضفة الغربية” ودعم فصائل المقاومة، مؤكدًا أن “تحرير القدس قادم لا محالة”.
اليوم.. في قلب المعركة
في ظل الحرب المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، عاد اسمه إلى الواجهة مع تهديدات باغتياله وتصريحات إسرائيلية مثيرة للجدل، لكن أنصاره، وفي مقدمتهم “حزب الله”، يعتبرونه “رمز المقاومة”، ويؤكدون أن المساس به سيشعل المنطقة بالكامل.
ويبلغ خامنئي اليوم 86 عامًا، وما يزال يحتفظ بنفوذ واسع، داخليًا وخارجيًا، ويُنظر إليه كأحد آخر أعمدة الثورة الإسلامية الإيرانية.